المقدمة
في سياق القرن العشرين، شهدت تركيا تغييرات كبيرة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي. وانتقلت من المجتمع الريفي المتخلف إلى التحضر، لتصبح من الدول ذات النمو الاقتصادي السريع. وبالتالي لم تواكب التغيرات الاجتماعية التغيرات الاقتصادية. وفي نواح كثيرة، لا تزال تركيا دولة محافظة اجتماعياً.
على المستوى السياسي، ينعكس ذلك من خلال وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى السلطة عام 2002، والذي يعمل على “إعادة أسلمة” المجتمع والدولة إلى جانب الإصلاح. وهذا ما يثير توترات اجتماعية مع القسم العلماني من سكان المدن الكبرى والمدعومين من قبل الإيديولوجية الرسمية للدولة التي كانت مهيمنة في المجتمع التركي على مدى عقود.
مؤشر التنمية البشرية
سجّل مؤشر التنمية البشرية لتركيا تقدماً بحوالي 50%: من 0,5 عام 1980 إلى 0,7 عام 2012. لكن مع هذا التقدم المدهش، تحتل تركيا، التي تنتمي إلى مجموعة العشرين، المرتبة 90 على مؤشر التنمية البشرية. متوسط العمر المتوقع 74,2 عاماً. ويحصل البالغون على معدل 6,5 سنة من التعليم. والدخل القومي الإجمالي للفرد الواحد هو 13,710 دولار.
العشائر والمجتمعات
ليس في تركيا سلالات أو عشائر كثيرة، ولكن هناك عدد كبير من القبائل التركية والكردية والعربية. ساهمت الحرب في كردستان – التي غذّتها السلطة المركزية من خلال تشكيل ميليشيات ريفية (حراس القرى)، والتي ازداد عدد أفرادها إلى 100.000 في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين – في تقوية القبائل. هؤلاء “الحراس”، الذين معظمهم من أصل قبلي، يتقاضون أجوراً تساوي ثلاثة أضعاف ما يتقاضاه رجال الميليشيات من حد أدنى للأجور. وتم تسليحهم من قبل الدولة، الأمر الذي يضطرهم أحياناً إلى تشكيل قوات مساعدة. وقد تورطوا في انتهاك حقوق الإنسان والمتاجرة بالمخدرات والسطو المسلح. وقد ساهموا أيضاً، بطريقة غير مباشرة، في تسليح قبائل أخرى، بعضها تحالف مع حزب العمال الكردستاني. ويظهر المثالان التاليان المكانة المحورية التي يمكن أن تحتلها القبيلة في الإطار المحلي: تتحكم قبيلة البوجاق بزعامة سادات بوجاق (من مواليد 1960) باقتصاد منطقة “شيفرك” (Siverek) إلى حد كبير، بما في ذلك توزيع البترول. ونظراً إلى علاقته الوطيدة بسليمان ديميريل، رئيس الجمهورية التركية في التسعينيات، قاد بوجاق جيشاً من 10,000 رجل من أفراد مجموعات المحسوبية. وكان الناجي الوحيد من حادث سير عام 1966 قرب مدينة سوسورلوك أودى بحياة عبد الله جاتلي (1956-1996)، ضابط يميني متطرف مطلوب لعدد من الجرائم، وحسين كوجاداغ (1944-1996)، ضابط كبير في الشرطة. وعلى العكس، تنشط غالبية قبائل منطقة حكّاري في دعم حزب السلام والديمقراطية الكردي.
لكن يتعين إعطاء فكرة عن تأثير القبلية: نشوء مدن كردية كبيرة تقطنها أجيال حضرية جديدة تم حشدها وتسييسها إلى أقصى حد وابتعدت كلّ البعد عن السياق الريفي، أضعف البنى القبلية بشكل كبير. فدفع القتال من أجل “القضية الكردية”، الشرط الأول لخوض غمار السياسة، بالعديد من الشباب والنساء إلى الجبهة الكردية، مما جعل التحالفات القبلية غير فعالة في إطارها الحضري
بنية الأسرة
تقليدياً، كانت الأسر التركية تفضل العائلات الممتدة والأسرة النووية لتعزيز النظام الاجتماعي الأبوي الذي تشكل فيه الذكورة والعمر المصدر الأساسي للسلطة. وتميزت الأجواء المحلية بالتمييز بين الجنسين، وأصبحت تركيا المكان الأمثل لتقييد الإناث. تلت تهيئة الأولاد لسن المراهقة والبلوغ تقسيمَ الأدوار بحسب الجنس، وكانت تنسجم مع الطقوس الانتقالية المرعية في معظم المجتمعات الإسلامية (تعليم القرآن للذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 6 أعوام، وفصل الجنسين ابتداءً من 7-8 أعوام، وفرض واجب الصوم في رمضان قبل بلوغ 12 عاماً، و “التفاوض” بأمر الزواج الذي يقرره الأهل عندما يصبح عمر الولد 15-18 عاماً).
وفق تقرير صادر عن منظمة البحوث الاستراتيجية الدولية USAK عام 2012، تزوج 31,7% من النساء و 6,9% من الرجال قبل بلوغهم الثامنة عشرة، و 58,7% من النساء و 58,2% من الرجال بين 18-24 عاماً. تزوج 31,9% من النساء و 28,0% من الرجال زيجات مدبرة، في حين تزوج 36,2% من النساء و 24,8% من الرجال بقرار من الوالدين فقط. تم عقد حوالي 85,9% من الزيجات مدنياً أو دينياً، مع أن الأخير فقد قيمته القانونية منذ عام 1925. لكن غالباً ما يكون لحفلات الزفاف الدينية أهمية أكبر في المجتمع. في 16,8% من الحالات (و 23,5% من الحالات في المناطق الريفية)، دفع أهل العريس مهراً لأهل العروس. يشكل زواج الأقارب 20,9% من مجموع الزيجات (4,8% في غرب مرمرة، و 15,3% في إسطنبول و 40,4% في جنوب شرق الأناضول). رغم عدم توفر الإحصائيات الموثوقة، إلا أن تعدد الزوجات، المحظور منذ عام 1925، منخفض بشكل عام، مع أنه قد يطال حوالي 5% من النساء في مدن مثل ديار بكر أو أورفة. من الأشخاص الذين شملهم الاستبيان في المسح المذكور أعلاه، 82% لا يتناولون الكحول، و 44% لا يطالعون الكتب و 77% لا يرتادون دور السينما أو المسارح؛ ويعتبرون العائلة المثالية هي التي تتألف من 3 أولاد. الأسر النووية منتشرة (80,7%، يضاف إليها 6% من الأزواج الذين يعيشون بمفردهم)، والأزواج ثابتون: 4% فقط تزوجوا مرة ثانية، و 0,3% مرة ثالثة. وفق وزيرة الأسرة والسياسة الاجتماعية فاطمة شاهين، فإنّ معدلات الطلاق في ارتفاع، ولكنها توقّفت عند 1,4% عام 2010.
تراجع معدل الولادات المرتفع تاريخياً من 6,8% عام 1976 إلى 2,37% عام 2001 و 2,3 عام 2008، وذلك إلى بداية حرجة تتهدد الحفاظ على السكان. يُرجّح أن يتأثر هذا الميل بحملات التشجيع على الإنجاب المدعومة من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مباشرة الذي يرغب في تجريم الإجهاض – إلا في الحالات الصحية الخاصة – كطريقة للتعامل مع “حرب الإجهاض” التي كانت على وشك أن تعلن في تركيا.
المرأة
وفق تقديرات أخيرة، تبلغ نسبة النساء العاملات اللواتي يتقاضين أجراً 30% من إجمالي اليد العاملة، وتُضاف إليهن اللواتي يعملن في القطاع غير الرسمي ولا يتقاضين أجراً، في شركات عائلية أو الإنتاج الزراعي. وضع النساء في تركيا متناقض ولا يمكن تفسيره فقط بـ “النظام الأبوي” أو “وضع المرأة في الإسلام” أو حتى “تحرير المرأة في عهد النظام الكمالي”؛ فالمرأة حاضرة في المهن التي تتطلب كفاءات عالية بنسبة 30-40% (طبيبات وعاملات في حقل العلوم)، غير أنها تكاد تكون غائبة في القوى العاملة للطبقة الوسطى الدنيا. يُفسر التمثيل الفائض للنساء في الوظائف التي تتطلب مؤهلات عالية إما بالفروقات الطبقية – حيث ترسل الأسر الميسورة بناتها إلى مؤسسات تعليمية ذات اعتبار – أو بـ “رأس المال الثقافي” المكتسب بمجهود شخصي، مما يتيح لبعض النساء إمكانية مواصلة تحصيلهنّ العلمي؛ وبالتالي رفض الزواج المبكر الذي يفرضه الأهل واكتساب الموارد المهنية التي تتيح لهن التمتع باستقلاليتهنّ. أما الزواج المدبر فيُفرض عادة على النساء اللواتي لم يرثن رأس المال الثقافي هذا أو لم يتمكنّ من الحصول عليه.
لا يستهدف العنف المنزلي النساء حصراً. إذ تظهر الدراسة أنّ استخدام العنف ضد المرأة مقبولاً في المجتمع، وحتّى بين النساء أنفسهن. والأرقام مثيرة للقلق: وفق جمعية حقوق الإنسان في إسطنبول، تعرضت 4,190 امرأة للقتل في الفترة الممتدة بين العامين 2005 و 2009، بعضهنّ ضحايا “جرائم الشرف”. ولا يتم الإعلان رسمياً سوى عن 500-600 حالة اغتصاب في السنة؛ غير أنّ هذا الرقم – وحتى من دون التطرق إلى حالات سفاح القربى – لا يعكس الواقع في هذه المسألة الحساسة.
ينتج عن هذه المعلومات الهامة، التي غالباً ما يتم حذفها من التحليلات التي تتناول قضية المرأة في تركيا (وفي العديد من المجتمعات الإسلامية الأخرى)، نتائج مختلفة. فعلى سبيل المثال، قادت البلاد رئيسة وزراء في الفترة الممتدة بين العامين 1993 و 1995، وهي تانسو تشيلر (مواليد 1946)، التي دعمت موقف الدولة تجاه القضية الكردية، وقد حظيت باحترام وتأييد مجموعة من جنرالات الجيش. كما ترأست السيدة أوميت بوينر (مواليد 1963) جمعية الصناعيين ورجال الأعمال التركية التي تمثل الطبقة البورجوازية في إسطنبول. لكن بعيداً عن هذه الحالات النادرة، هناك حضور قليل للمرأة في الحياة السياسية، حتى ولو كان عددهن في ازدياد (13 عام 1995، و 23 عام 1999 و 24 عام 2002). عام 2007، بلغ عدد النساء في البرلمان 50 (9% من العدد الإجمالي)، وارتفع ليبلغ 75 عام 2011 (14%)، ومن بينهن 11 ينتمين إلى اللائحة الكردية الممثلة بـ 35 نائب فقط (بين رجال ونساء)، 6 منهم في السجن.
يفترض الوضع الراهن إعادة النظر في مسألة المرأة في تركيا. وفق الشاعر القومي محمد أمين يورداكول (1869-1944)، مالت القومية في العقد الأول من القرن العشرين إلى “وضع المرأة في قلب الدولة”. ووفق الباحثة الاجتماعية التركية نازان أكسوي، كانت الصلاحيات السياسية الممنوحة للمرأة في عهد الكماليين محدودة: “على الرغم من أن حركة التحديث في تركيا تقوم على الفرد، إلا أن ما يُطلب من المرأة بعيد كل البعد عن أن تصبح فردأ مستقلاً… والعامل الأساسي الذي يهدد استقلالية المرأة هو أن الخطاب الوطني المطلوب لبناء دولة جديدة كان ذكورياً”. وتشاطر الباحثة الاجتماعية شيرين تيكيلي زميلتها أكسوي الرأي، وتقول في هذا الصدد: “في خطابه الموجّه إلى المرأة، شدد ]أتاتورك[ على أنّ واجب المرأة الأسمى هو الأمومة”. لا يمكن لقرويات الأناضول، اللواتي يُعتبرن مثالاً لـ “الإيثار”، ولا للعاملات النخبة تجنب أن يصبحن أمهات. وبالتالي، أصبحت رسالة الكماليين مبهمة أو حتى متعارضة: فمن أجل تعظيم دور الأمومة، لم تطالب ببساطة بالتقاليد القديمة فحسب، وإنما أيضاً دعت إلى تعزيزها بواسطة خطابات وممارسات إيديولوجية. فالمرأة التي حظيت بالتشجيع على التحرر من دورها المعتاد، طولبت بالتنازل عن طموحاتها في العمل كي لا تتفوّق على الرجل”.
مع أن الأنوثة في تركيا مسيسة وتستقطب العديد من الحركات، من الإسلامية إلى الاجتماعية ومن الأتاتوركية إلى الكردية، إلا أنها تبقى موضع نزاع، وبخاصة محاربة العنف ضد المرأة. تعمل منظمات عديدة، مثل Mor Çatı (السقف البنفسجي، وهي مؤسسة تعنى بالمسائل المرتبطة بحقوق المرأة) كقنوات تعبر النساء من خلالها عن مطالباتهنّ وكملاجئ لحماية النساء ضحايا العنف المنزلي أو الزوجي.
الشباب
يشير الانخفاض السريع في معدل الولادات (حتى 2,3 في 2010) إلى احتمال زيادة عدد السكان المسنين بحلول عام 2040. لكن في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت تركيا من أكثر دول أوراسيا شباباً، مما يفسر حيويتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الواضحة. الأهمية العددية للسكان الشباب – الذي يمكن تفسيره بالتحضر في العقود الأخيرة، والذي رافقه تحسن في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والصحية وتوفير خدمات عديدة في المناطق الريفية – يثير ثلاث قضايا تتعلق بوضعهم الاجتماعي وحريتهم ودورهم السياسي.
أولاً، من الواضح أن الشباب محرومون من وسائل العيش والاستقلالية: وفق معهد الإحصاء التركي، والذي موثوقيته مشكوك فيها، لم تطل البطالة سوى 18,4% من الشباب مقارنة بـ 10,4% من مجموع السكان؛ غير أنّ مصادر رسمية أخرى تقدر هذه النسبة بـ 26%.
ثانياً، من الواضح أن التحفظ الاجتماعي الزائد الموجود في تركيا منذ عدة عقود يتيح للشباب مجالاً قليلاً للمناورة في بعض مدن المحافظات وأجزاء كبيرة من إسطنبول وأنقرة. وقد يتمكن الشباب من الوصول إلى أماكن غير خاضعة نوعاً ما لهذه القيود – مثل شارع الاستقلال الشهير في إسطنبول وكزلاي في أنقرة وكوردون (منتزه) في أزمير – حيث تتوفر الموارد الثقافية وتسمح بالاختلاط بين النساء والرجال وتناول المشروبات الكحولية. غير أن دخول مثل هذه المناطق الغنية يتطلب موارد مالية تفوق مقدرة العديد من الشباب.
ثالثا،ً لعب الشباب دوراً سياسياً رائداً منذ عام 1950؛ لجأ البعض إلى النزاع المسلح ودفعوا ثمناً باهظاً مقابل التزامهم. لكن مشاركة الشباب المباشرة في الحياة السياسية ضعُفت منذ التسعينات، رغم اعتقال أكثر من 750 شاباً في تموز/يوليو عام 2012 بتهمة “الإرهاب”، التهمة التي توجّه ضد أي شكل من أشكال الالتزام – غالباً ما يكون رمزياً أكثر منه تنظيمياً – في حزب يساري أو الدفاع عن قضايا الأقليات.
لكن في البيئة الكردية، شكل الشباب، الذين تمت تعبئتهم منذ سن المراهقة، العمود الفقري لحزب العمال الكردستاني والتطرف السياسي. كما أنه ليس من باب الصدفة أبداً أن تشهد الحياة السياسية الكردية، التي غذتها سنوات من الصراع، تسليماً متسارعاً للسلطة لجيل الشباب في عقدهم الثالث.
التعليم
يساهم ارتفاع نسبة السكان في الفئة العمرية 0-24 سنة في جعل التعليم مسألة هامة على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي. وفيما يلي المعطيات الأساسية المتعلقة بمراحل الحضانة (غير إلزامية) والابتدائية والسنة الأولى من المرحلة الثانوية (إلزامية):
تظهر هذه الأرقام بوضوح عدم التوازن بين الموارد المخصصة لمدارس الحضانة (غالباً ما تكون خاصة) وغيرها من المدارس. كذلك، كما هناك 3,357 مدرسة ثانوية (3,837,164 طالب)، و 4,193 مدرسة فصلية (1,864 عام 2001)، وهي مؤسسات خاصة تشكل صناعة حقيقية وتصل عائداتها الإجمالية إلى 9,3 مليار دولار في العام. كما هناك 139 جامعة (94 منها رسمية و 45 خاصة، تدعى “مؤسسات”) يرتادها 2,532,384 طالب (1,090,000 من الإناث) ويعلّم فيها حوالي 100,000 مدرّس جامعي (13,622 أستاذ و 7,360 محاضر، أي أساتذة مساعدون). ويلعب مجلس التعليم العالي، المرتبط بشكل وثيق بالحكومة المركزية، دوراً حاسماً في إدارة الجامعات.
بعد النظام الكمالي، كانت تركيا ولا تزال ساحة حرب دينية بين الأحزاب المحافظة ومعسكر “الكماليين”، مع أن كلا الطرفين يُجمعان على أهمية الحس القومي في كافة المستويات التعليمية. وفي الفترة الممتدة ما بين العامين 1950 و 1990، كانت المشاكل التعليمية الرئيسية إعداد المناهج التعليمية الدينية في المدارس غير الدينية وإنشاء مدارس لتدريب الأئمة والخطباء. وغالباً ما أدت هذه المشاكل إلى نزاعات بين الحكومتين العسكرية والمدنية. جرت المعركة ما قبل الأخيرة في عهد حكومة نجم الدين أربكان الإسلامية، عندما فرض مجلس الأمن القومي، الذي كان الهيئة العسكرية الرئيسية، التعليم الإلزامي لفترة متواصلة من 8 سنوات، مما حال دون التمكن من الالتحاق بمدارس الأئمة والخطباء التي لم تعد شهاداتها معادلة للشهادات الوطنية الأخرى. وجاء الرد عام 2012، بعد 15 سنة، حين اعتمدت حكومة أردوغان نظاماً تعليمياً عرف بـ “4+4+4” (أربعة أعوام من التعليم الابتدائي في المستوى الأول وأربعة أعوام من التعليم الابتدائي في المستوى الثاني وأربعة أعوام من التعليم الثانوي)، مما أتاح للأولاد الالتحاق بمدارس الأئمة والخطباء والحصول على شهادة معادلة. استقبلت مؤسسات التعليم الثانوي هذه، والتي تخرّج منها حوالي 1,500,000 طالب خلال خمسة عقود، 290,000 طالب عامي 2011 و 2012.
معظم النظام التعليمي رسمي، غير أن القطاع الخاص يدير حالياً جزءً كبيراً منه، أكان ذلك على شكل مؤسسات متميزة على المستويات كافة (5,269 مؤسسة) أو ضمن الشبكة المدرسية لجماعة فتح الله كولن الدينية. وفي ظل النظام العسكري السائد في الفترة الممتدة بين العامين 1980 و 1983، تمت خصخصة الجامعات جزئياً. وفي حين ارتفع عدد الجامعات الرسمية بشكل كبير، فتحت 45 جامعة خاصة أبوابها، حيث لعب الكثير منها، مثل جامعتي بيلجي وسابانجي اللتين اندمجتا في شبكات عالمية إلى حد كبير، دوراً رائداً في تطوير العلوم الاجتماعية في تركيا خلال العشرين سنة الماضية.
الصحة
يُظهر رقمان الاتجاهات المتعارضة التي تم رصدها في قطاع الصحة في تركيا: في حين ارتفع متوسط العمر المتوقع من 44 سنة في 1960 إلى 68,5 سنة في 2000 و 72,5 سنة في 2011 (70,61 للرجال و 74,49 للنساء)، بقي معدل وفيات الأطفال الرضع، مع تراجعه، من أعلى المعدلات في العالم: 39 في الألف في المناطق الغربية و 100 في الألف في المناطق الشرقية. ولم يظهر الطب الوقائي إلا في السنوات الخمس عشرة أو العشرين الأخيرة. وفق وزارة الصحة، كان هناك طبيب واحد و 1,3 ممرضة لكل 1000 شخص في تركيا عام 2011 (مقارنة بـ 3,3 طبيب و 9,8 ممرضة في الاتحاد الأوروبي)؛ وكانت الطاقة الاستيعابية للمستشفيات محصورة بـ 2,3 سريراً لكل 1000 شخص (5,7 في الاتحاد الأوروبي)؛ وأنفقت 671 يورو للفرد الواحد في مجال الصحة (2,192 يورو في أوروبا). وشكلت النفقات الصحية نسبة 6% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمعدل 8,3% في أوروبا. ولا يمكن لمعطيات الاقتصاد الكلي هذه ونظام حماية العمال والمساهمين إخفاء الصعوبات التي تواجهها مجموعة من السكان في الحصول على العناية الطبية. من أصل 1439 مستشفى خاصة في تركيا (بما فيها 42 مستشفى عسكرية)، هناك 490 مستشفى خاصة، غير أنها تمثل نسبة 75% من إجمالي النفقات في قطاع الصحة. معدل وفيات الأمهات 19,4 لكل 100.000 ولادة حية عبر تركيا، و 22,6 في منطقة جنوب الأناضول و 22,9 في منطقة البحر الأسود و 26,1 على الأقل في منطقة وسط الأناضول. والتأثير الآخر لهذه التفاوتات هو أن نسبة السكان الذين تتخطى أعمارهم الـ 65 عاماً هي 6,8% من إجمالي عدد السكان، ولكن هذه النسبة تنخفض إلى 4,9% في منطقة جنوب شرق الأناضول و 4% في منطقة وسط الأناضول.
الضمان الاجتماعي
تخضع مؤسسة الضمان الاجتماعي، التي يتم تمويلها من مساهمات العمال وأرباب العمل، لسلطة نظام الضمان الاجتماعي. يوفر هذا النظام لأعضائه التأمين الصحي ضد الأمراض والأمومة وحوادث العمل والأمراض المهنية والعجز والشيخوخة. كما يقدم دفوعات ما بعد الوفاة ومساعدات البطالة. ويتلقى أصحاب المهن الحرة والتجار والحرفيون، والذين يُطالبون بالانتساب إلى نقابات مهنية في اختصاصاتهم، التأمين عن طريق مؤسسات رسمية أخرى. ويقدم الصندوق الوطني للتقاعد التأمين لمتقاعدي الخدمة المدنية.
أحدث المقالات
فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “المجتمع” و “تركيا”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت: