المقدمة
لا يمكن الحديث عن أية ثقافة دون العودة لجذورها وروافدها. فما بالك بالمغرب، وقد حظي بناصية جغرافية مميزة، جعلت منه نقطة ارتكاز رئيسية لعبور الحضارات بكل ما تحتويها من علوم وفنون. ناصية عززت دوره كملتقى لثقافات الشرق والغرب، والشمال والجنوب. ليس ذلك فحسب، بل ودعمت ثقافته منظومة من الروافد العرقية المتنوعة كالأمازيغي والعربي الإسلامي، واليهودي والأفريقي والحساني والأندلسي الموريسكي.
على هذا النحو ينغي النظر إلى الثقافة المغربية بمختلف جوانبها كحصيلة لهذا التمازج والتلاقح بين مختلف الثقافات، وعلى هذا النحو أيضاً شكَّل المغرب ثقافته الخاصة الواضحة والمتميزة؛ كما تشير إلى ذلك فنونه المعمارية، وأسوار مدنه العتيقة، ومساجده وقصوره.
وللأدب المغربي بخصوصيته، باع طويل وتاريخ عريق، ترجع نشأته، وفق باحثين ، إلى عصر الدولة الإدريسية التي حكمت المغرب خلال القرن الثاني هجري [بين القرنين الثامن والتاسع الميلادي]، وعلى الرغم من تعثره نتيجة مقارعة الأدب المشرقي، إلا أنه شهد تطوراً ملموساً في العصور التالية، وظل يتلون بلون العصور، ويتمطط ليناسب كل عصر من عصور الدولة المغربية، ما كان له الأثر في تباين درجة التطور والازدهار من عصر إلى آخر.
فعلى أرض المغرب، ولد العلامة القاضي عياض بن موسى ، والعالم الاستثنائي ابن باجة، وابن بطوطة، وتولى ابن خلدون مناصب حكومية، وعلى أرضه مشى العالم والفيلسوف ابن رشد، ودفن بها قبلما تنقل رفاته، بعد ذلك، إلى مسقط رأسه قرطبة. وفيه قضى العلامة والطبيب عبد الملك بن زهر قسطاً طويلاً من عمره، إبان دولة المرابطين قضى منه نحو عشر سنوات سجيناً بأمر من أمير الدولة علي بن يوسف بن تاشفين.
وعلى الرغم من تاريخ المغرب الغارق في الأدب والفكر، إلا أن النشاط المسرحي لم يشهد انطلاقته الأولى إلا في عشرينيات القرن العشرين، بمرحلة أطلق عليها مرحلة “مسرح المقاومة”، ثم مرحلة ثانية بدأت عشية الاستقلال، واستمرت إلى بداية السبعينيات، حيث أصبح المسرح مجرد فن للترفيه، أطلق عليها “مرحلة البحث عن توازن”، واستمر في التطور ليصل إلى مرحلة جيل المسرح الذي اختار المسرح كمهنة في الثمانينيات.
وشكلت الموسيقى المغربية الخاصة، ملامحها الواضحة، مع توافد هجرات العرب على المغرب في العصر الإسلامي والتي كان لها الأثر البارز في إغناء الموسيقى المغربية حيث حمل المهاجرون العرب الموسيقى اليمنية وموسيقى الخليج العربي مع تأثيرات الموسيقى الفارسية رفقة القوافل التجارية والحملات العسكرية.
لكن يبقى التمازج الحضاري في الثقافة المغربية بكل تجلياته، في فن العمارة، والفنون الجميلة المعاصرة، والحِرف، هو الأكثر جلاءً.
للمزيد حول ثقافة المغرب، يرجى الاطلاع على ما تناولته فنك حول هذا الملف.
الأدب
من الصعب تحديد أدب خاص بالمغرب قبل العصر الحديث. تاريخياً، كان هناك تقليد عميق من التحصيل العلمي، حيث وُلد وعاش كتّاب المغرب، غير أن مواضيع مثل القانون والتفسير الديني والفلسفة والعلوم كانت تندرج في إطار الأدب الإسلامي. كان الكتّاب المسلمون في القديم يتنقلون من منطقة إلى أخرى، وذلك عندما كانت المغرب تشكل جزءً من وحدة سياسية أكبر، كما في الفترة التي كانت فيه المغرب متحدة مع الأندلس. وفي عهد المرابطين (1040 – 1147)، ولد العلامة القاضي عياض بن موسى في سبتة وعمل في غرناطة قبل إعدامه على يد الموحدين، وُلد ابن باجة، وهو عالم استثنائي واسع الاطلاع كتب عن علم الفلك والنبات والفلسفة والموسيقى، في سرقسطة في إسبانيا وتوفي في فاس (ويعرف أيضاً بـ “آفيمبس”).
مع أن الموحدين (1147 – 1269) قمعوا أعداءهم، مثل القاضي عياض، إلا أنهم شجعوا العلماء ودعموهم. وكان أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد (ابن رشد) أهم هؤلاء العلماء، والذي وُلد في قرطبة وتوفي في إسبانيا. كما كان ابن رشد علاّمة في الطب وعلم الفلك والرياضيات والفيزياء وعلم الإلهيات والقانون والسياسة والموسيقى، وقبل كل شيء الفلسفة.
وقد ترجمت شروحاته لأعمال أرسطو إلى اللغة اللاتينية وكان لها أثر كبير على الفلسفة المسيحية في القرون الوسطى. غير أن أعماله لاقت معارضة شديدة من الموحدين الذين حرقوا جميع مؤلفاته على الملأ. ومن بين العلماء الموحدين الآخرين نذكر: ابن زهر (1094-1162)، طبيب وجراح؛ وابن طفيل (حوالي 1105-1185)، فيلسوف وروائي. كتب ابن طفيل رواية فلسفية عرفت بعنوان “حي بن يقظان”، وتروي قصة طفل ربته ظبية وعاش وحيداً في جزيرة صحراوية قبل أن يتعرف على الحضارة عن طريق شخص آخر منبوذ.
ولاقت أفكاره حول دور الدين والعقل في المجتمع أصداء في إنكلترا بعد ترجمة الكتاب عام 1671، كما أنها أثرت على أفكار دانييل ديفو (1660-1731). والفيلسوف المشهور الآخر هو من أصل يهودي: موسى بن ميمون (1135-1204)، ويعتبر كتابه الميشناه تدوين أمين إلى حد كبير للشريعة اليهودية.
ظهر من سلالة المرينيين (1215-1420) رجلان جسّدا هذه الصفة العالمية: ابن بطوطة وابن خلدون. ولد ابن بطوطة (1304-1377) في طنجة، وأصبح من أهم الرحالة على مر التاريخ. توجّه لأداء فريضة الحج وأمضى معظم حياته في السفر عبر إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا والصين، أكثر من 100,000 كم. وفي أيامه الأخيرة، عاد إلى المغرب وأملى أخبار رحلته على كاتبه ابن جزي.
وُلد ابن خلدون في تونس عام 1332 وتوفي في القاهرة عام 1406. وتولى منصباً حكومياً في فاس وغرناطة وتلمسان، وكان قاضياً في القاهرة. ارتكزت مؤلفاته الكثيرة عن التاريخ، ومن بينها كتابه المعروف بـ “مقدمة ابن خلدون”، على تجاربه في خدمة الدولة كأساس لنظرية التطور التاريخي، وكان لها أثر كبير.
لم يكتب أي من ابن خلدون أو ابن بطوطة أدباً مغربياً صرفاً: كانت مؤلفاتهما حول الفلسفة والأسفار جزء من الحركات الثقافية العربية العامة، كما كانت أعمال شعراء مثل ابن بسام الشنتريني (توفي عام 1147) في عهد الموحدين، وأحمد بن عبدالله ابن عميرة (توفي عام 1259) في عهد المرابطين، وابن الخطيب (توفي عام 1374) في عهد المرينيين. وهؤلاء الثلاثة ولدوا في الأندلس.
في أوائل العصر الحديث، ظهرت ذات الأنماط في عهد السلاطنة السعديين وأوائل السلاطنة العلويين، غير أن الأدب المغربي الصرف بدأ يتجلى في كتب تاريخية محلية وقواميس السير الذاتية. ومن بين هذه الكتب التاريخية: “نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي” لمحمد الإفراني (1670-1745)؛ ومؤلفات محمد القادري (1712-1773). ووصف كلاهما الأحداث السياسية التي عصفت بدولة مزقتها الحرب الأهلية.
وسعى غيرهم من الباحثين السياسيين المنظّرين، مثل أبو علي الحسن اليوسي (1631-1691)، إلى تفسير حالة الاضطراب ووضع حلول لها؛ كما انتقد اليوسي السلطان مولاي اسماعيل، واصفاً إياه بالطاغية. وكانت ذروة الأدب التاريخي كتاب حول تاريخ المغرب: “الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى”، للكاتب أحمد الناصري المولود في سلا عام 1834 أو 1835 والمتوفى عام 1897، في الوقت الذي خسرت فيه المغرب استقلالها تحت ضغوطات أوروبية. وقد وصف المراحل الأخيرة من انهيار الدولة بشكل دقيق.
الأدب الحديث
لم يظهر الأدب المغربي الحديث إلا بعد فرض الحماية عام 1912. وكان جيل الأدباء في عهد الحماية قليل العدد؛ ولم يبرز سوى شاعر واحد: محمد بن إبراهيم (1897-1955) المراكشي. غير أن شعره الذي مدح فيه محمد الخامس جعله موضع شك لدى الفرنسيين، كما أن أبياته التي كتبها تكريماً لـلباشا التهامي الكلاوي جعلت منه خائناً في نظر القوميين. وشهد جيل ما بعد الاستقلال ظهور أدب مغربي حديث أصيل، غالباً ما اتسم بطابع قومي: عبد الكريم غلاب (ولد في فاس عام 1917)، محرر صحيفة “العلم” اليومية التابعة لحزب الاستقلال، درس في جامعة القرويين في فاس وجامعة القاهرة، وتم نشر وترجمة عدد كبير من رواياته.
تضم النسخة الرسمية من أعماله الكاملة خمسة مجلدات. وكان الشخصية الأكثر تحفظاً الشاعر والعالم محمد المختار السوسي (1900-1963)، كان وزيراً للأوقاف العمومية في عهد محمد الخامس. وفي أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، بدأ الروائيون المغاربة بنشر مؤلفاتهم: إدريس الشرايبي (1926 – 2007)، الذي اشتهر بروايته الفرنسية Le Passé Simple (الماضي البسيط) (1954)؛ ومحمد شكري (1947 – 1980) الذي كان من أسرة فقيرة نزحت من الريف إلى طنجة، وكان محسوباً على المؤلف الأمريكي Paul Bowles، الذي كان ينتمي إلى مجموعة من المؤلفين المغتربين الذين عاشوا في المنطقة في الستينيات (من بينهم William Burroughs و Jack Kerouac)
. كتب شكري أولى كتبه بمساعدة Bowles، ونُشرت أولاً باللغة الانكليزية ولاحقاً باللغتين العربية والفرنسية. ومن أعماله كتاب “الخبز الحافي”. وعلى غرار العديد من المؤلفين في ذلك الجيل، نشر الشرايبي كافة مؤلفاته باللغة الفرنسية.
من بين العوامل التي أثرت بشكل كبير على تاريخ الأدب المغربي: مجلة “Souffles” (أنفاس)، والتي بدأت كمجلة شعر عام 1966 ومن ثم توسعت لتغطي مجالات أخرى، كالرسم والسينما والمسرح والمقالات وغيرها من المؤلفات. تم حظر المجلة عام 1972، كما تعرض أحد مؤسسيها، الشاعر عبد اللطيف اللعبي (المولود عام 1941)، للسجن والتعذيب والنفي إلى فرنسا.
كتب الطاهر بن جلون (المولود في العام 1944)، الذي تعود أعماله الخيالية الأولى إلى الثمانينيات، باللغة الفرنسية. وفازت روايته “La Nuit Sacrée” (ليلة القدر) بجائزة Goncourt عام 1987 وتمت ترجمتها إلى أكثر من 40 لغة. كما فازت روايته “Cette aveuglante absence de lumière” (تلك العتمة الباهرة) بجائزة IMPAC Dublin Literary Award العالمية عام 2004. عام 2008، حصل بن جلون، الذي يعيش في فرنسا، على أعلى وسام فرنسي: وسام جوقة الشرف.
لا يقتصر الأدب المغربي الحديث على اللغة الفرنسية فقط: فهناك عدد من الأدباء المرموقين باللغة العربية. نشر محمد الأشعري (المولود في 1951 في مولاي إدريس زرهون) قصصاً قصيرة وأشعار ورواية واحدة بعنوان “القوس والفراشة” التي فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2011.
بنسالم حميش (المولود عام 1948 في مكناس) روائي وشاعر وفيلسوف. فازت روايته “مجنون الحكم” (1990) بعدد من الجوائز الأدبية؛ وفازت روايته “العلاّمة” (2001)، التي كتبها عن ابن خلدون، بجائزة نجيب محفوظ الأدبية.
الأفلام، المسرح والتلفزيون
هناك تقليد طويل لمسرح الشارع في المغرب. كان عدة ممثلين يجتمعون في “الحلقة” حول راوي ويقومون بتمثيل القصة. وساحة جامع الفناء في مراكش من الأماكن التي تستقطب حشوداً كبيرة. وللعديد من ممثلي هذه الحلقات هدف كوميدي، غالباً لإيصال رأي سياسي أو اجتماعي.
خلال فترة الاستعمار، زارت مجموعات مسرحية مصرية المغرب وقدمت عروضاً مسرحية للمجتمعات الأوروبية. وكان “مسرح سرفانتس الكبير” في طنجة من أهم مسارح الفترة الاستعمارية، والذي بني عام 1913 بواجهة مزخرفة بشكل رائع. واليوم هو غير مستخدم ومتداع، وهناك مشروع حكومي إسباني لترميمه. ولم يحظ المسرح الرسمي بشعبية إلا بعد الاستقلال، في البداية من خلال الإذاعة ومن ثم على خشبة المسرح. عام 1962، تم افتتاح “مسرح محمد الخامس الوطني”، أولى المسارح، في الرباط. وفي الثمانينيات، ظهرت مجموعات مسرحية جامعية، وتم تأسيس المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي (ISADAC) في الرباط. ولا تقتصر العروض التي يقدمها مسرح محمد الخامس الوطني حالياً على العروض المسرحية، وإنما أيضاً الأوبرا والباليه والحفلات الموسيقية.
هناك مسرح للبربر في الدار البيضاء في شهر أيار/مايو من كل عام. حيث يتم تقديم عروض في التمثيل الصامت والأقنعة والدمى، بالإضافة إلى عروض مسرحية رسمية. ويشمل مهرجان مراكش السنوي للفنون الشعبية، الذي يقام في حزيران/يونيو أو تموز/يوليو، فنانين ومضيفين من المغرب وخارجها، بمن فيهم المطربين ومروضي الأفاعي والراقصين والبهلوانيين والموسيقيين، بالإضافة إلى العروض المسرحية الرسمية.
تتم كتابة الدراما المغربية الحديثة، كغيرها من الآداب المغربية، باللغتين العربية والفرنسية. يكتب الطيب الصديقي باللغتين المذكورتين وقد كان المحرك الرئيسي لتأسيس المجموعات المسرحية المتطرفة. أما أحمد الطيب العلج لم يكتب باللغة العربية فقط، إنما ترجم أعمال موليير وشكسبير وبريشت إلى اللغة العربية المغربية.
الأفلام
عام 1907، أدخل Félix Mesguich الكاميرا السينمائية إلى المغرب. ولد Mesguich في الجزائر وخدم كجندي في فترة الاستعمار الفرنسي، وكان من أوائل المساعدين الذين عملوا مع الأخوين Lumière اللذين جابا العالم بكاميرا للتصوير السينمائي بين 1906-1910. ولم يتم إنتاج أول فيلم روائي طويل في المغرب إلا عام 1919. ظهر العشرات من الأفلام بين الحربين العالميتين الأولى والثانية. وبعد الحرب العالمية الثانية، تحول المغرب إلى بلد يستقطب منتجي الأفلام الأجانب: قام Orson Wells بتصوير أجزاء من فيلم “عطيل” (1952) في المغرب.
ويعود أول فيلم مغربي صرف إلى أوائل الخمسينيات عندما بدأ محمد عصفور بتصوير الأفلام، فأنتج نسخاً مغربية عن روبن هود وطرزان. كما أنتج أول فيلم مغربي طويل عام 1958 بعنوان “Le fils maudit” (“الابن الملعون”). نمت صناعة الأفلام المغربية بشكل بطيء. يذكر “معجم صانعي الأفلام الأفارقة” إنتاج فيلم أو اثنين سنوياً في فترة السبعينيات، غير أن صناعة السينما نمت بسرعة في الثمانينيات بدعم من الدولة من خلال صندوق تنمية الإنتاج السينمائي وصندوق تنمية الفن السينمائي، واللذين قدما مساعدات بقيمة 4,4 مليون دولار بحلول عام 2004.
ومع نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بلغ الإنتاج السنوي حوالي 12 فيلماً طويلاً وعدداً قليلاً من الأفلام القصيرة، وذلك على يد منتجين مثل مصطفى الدرقاوي وعبدالله المصباحي. وأثناء هذه الفترة، أصبحت ورزازات مركزاً لصناعة الأفلام المغربية، ويعزى ذلك جزئياً إلى أن عدداً من المخرجين الأجانب قاموا بتصوير أفلامهم فيها، ومن بينهم Martin Scorsese (Kundun “كاندن”) و Ridley Scott (Gladiator “المصارع”، و Kingdom of Heaven “ملكوت السموات”) و Tony Scott فيلم (Black Hawk Down).
الموسيقى
تعكس الموسيقى المغربية موقع البلاد كنقطة التقاء للثقاقات البربرية والعربية والأوروبية. تستخدم الموسيقى البربرية التقليدية: الآلات النفخية، مثل الناي (تغانيمت) ومزمار القربة (المزود) والبوق (النفير)؛ والآلات الوترية، مثل الكمبري: عنق طويلة غير منقوشة وصندوق مغطى بالجلد، والربابة: كمان بعنق طويلة ووتر وحيد؛ بالإضافة إلى الآلات الإيقاعية، مثل الطبل؛ والقراقب: آلة معدنية شبيهة بالصنوج. وللموسيقى البربرية وظائف عديدة؛ إحداها تاريخية للمحافظة على سجل من الماضي: تستخدم الأغاني البربرية بشكل تكراري للكشف عن تفاصيل تتعلق بأحداث ماضية على شكل تاريخ شفهي إلى حد بعيد.
كما تستخدم الموسيقى في الاحتفالات القروية والمناسبات الدينية. ويعزف المحترفون في الأعراس أو في أماكن مثل ساحة جامع الفناء في مراكش. تختلف هذه الموسيقى بشكل كبير باختلاف المناطق، كما تتأثر الموسيقى البربرية في المناطق الجنوبية كثيراً بموسيقى الصحراء الإفريقية.
فرقة هوبا هوبا سبيريت للموسيقى المغربية
هوبا هوبا سبيريت هي فرقة تمزج موسيقى الغناوة [1] والأنماط الموسيقية الأخرى، والتي ظهرت على الساحة الموسيقية المغربية عام 1998، حيث تبعث السرور في قلوب الجماهير الشابة في الدولة الواقعة شمال افريقيا وخارجها منذ ذلك الوقت. وفي عام 2008، وصفتهم صحيفة نيويورك تايمز بـ”فرقة مروك و روك متعددة اللغات التي أثارت إعجاب حشود السامعين،” وفي عام 2010، وصفتهم صحيفة الجارديان بـ”فرقة الغيتار الصاخبة لموسيقى البوست بانك.”
غالباً ما تعتبر الفرقة لسان حال الجيل الجديد المتمرد الباحث عن الهوية في مواجهة الظلامية والتطرف الإسلامي الذي ابتليت به المجتمعات العربية في الوقت الراهن.
تغني الفرقة باللغة الفرنسية والانجليزية والدارجة المغربية، وتمزج موسيقى الروك مع الهيب هوب مع شكلٍ منعش من الرقص الشرقي. ولهذا السبب تُلقب الفرقة بـ”The Moroccan Clash” ومنذ عام 2003، اجتذبت فرقة هوبا هوبا سبيريت أعداداً متزايدة من الشباب، وتعتبر اليوم واحدة من فرق الروك الأكثر شعبية في المغرب، وغالباً ما تقدم أدائها في المهرجانات الكبرى مثل مهرجان موازين في الرباط، ومهرجان لبولفار في الدار البيضاء، ومهرجان تيميتار في أغادير، ومهرجان كناوة وموسيقى العالم في الصويرة. وفي المهرجان الأخير على وجه التحديد حققت الفرقة أكبر نجاحاتها.
وفي عام 2007، فازت فرقة هوبا هوبا سبيريت بثلاث جوائز موسيقية مغربية لأفضل فنان دمج، وأفضل ألبوم عن “تراباندو” وأفضل عنوان أغنية عن “فهاماتور.” بالإضافة إلى ذلك، قدمت الفرقة أكثر من 400 حفلة داخل المغرب وخارجه فضلاً عن قيامهم بجولة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2014، مما عزز من سمعتهم. أصدرت الفرقة ألبومها السابع عام 2016.
هناك عدة أسباب لشعبية فرقة هوبا هوبا سبيريت؛ إذ تستخدم رموزاً ثقافية تكلّم الشباب، وتدمج أنماطاً موسيقية مختلفة، كما أنها لا تتألف فقط من الموسيقيين بل يوجد من بين أعضائها صحفي وناقد اجتماعي مثل رضى العلالي. أعضاء الفرقة الآخرين هم أنور الزهواني، وعادل حنين، وسعد بويدي، وعثمان حميمر، وعبد الصمد بورحيم، حيث أن جميعهم من الدار البيضاء.
ويعود سبب نجاح الفرقة أيضاً إلى دمقرطة وسائل الإعلام، وذلك بفضل انتشار الإنترنت والقدرة على الوصول إلى المعلومات وبناء الشبكات عبر الحدود الوطنية والدينية والاجتماعية. كما أنّ العالم المعولم على نحوٍ متزايد، عاملٌ آخر ساهم في إبراز الفرقة.
ولكن السبب الحقيقي لشعبية الفرقة أنهم يجتذبون المغاربة العاديين ويربطونهم بنفس الوقت مع مواضيع عالمية. فهم يختارون كلمات أغانيهم بعناية فائقة. فعلى سبيل المثال، عندما يغنون “نحن نعيش في هذيانٍ جماعي دائم،” يصلون إلى الناس لأنهم يغنون بالطريقة التي يتكلمون بها ويعزفون ما يشعرون به. هذا الإنفتاح العاطفي والطاقة التي يتم نقلها مُعدية.
كما تأثرت موسيقى هوبا هوبا سبيريت أيضاً بالربيع العربي وتداعياته، فهي مرتفعة تماماً كحال أصوات الملايين الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بالكرامة، كما أنّ “جرأة” كلمات الأغاني والحركات تذكرنا ببوب مارلي، ولكن الأهم من ذلك تذكرنا بإيقاعات كناوة القديمة في المغرب.
واختصر المطرب وعازف الجيتار العلالي فرقة هوبا هوبا سبيريت بالعبارات التالية “تحريرٌ للجسد والقلب والروح في خليطٍ عفوي وفوضوي. إنها الرغبة في فعلٍ شيءٍ ما له تأثيرٌ قوي على اللحظة دون القلق من المظهر أوأي شيء. نريد أن نغير هذا الوقت، نريد أن تخفق قلوب الناس بسرعة أكبر، نريدهم أن يتعرقوا، نريدهم أن يعتقدوا أنّ أفضل مكانٍ في العالم هو هنا، هو الآن. إنها الروح المعنوية التي تدفعنا إلى الشعور أن بإمكاننا إبعاد الجدران.”
واليوم، هناك عدد من الموسيقيين ممن يحاكون أو يدمجون موسيقاهم مع هوبا هوبا سبيريت، مثل المطرب الشهير عبد العزيز الستاتي، الذي تعاون مع الفرقة بالعمل الفني “واكل، شارب، ناعس،” عام 2010. كان للعمل أصداءا جيدة وبخاصة في المدينة العالمية، الدار البيضاء
كما أن نجاح هوبا هوبا سبيريت أيضاً انتصارٌ على الخوف، وكما يوضح عازف الجيتار أنور الزهواني “الصعوبة الأكبر كانت ذهنية، وهي أن نقول، كيف لنا أن نتجاوز هذا الوضع بينما كل شيء صعب، ولكن لا شيء مستحيل هنا في المغرب. ولكن بمجرد أن تتجاوز الحد المسموح به، يُصبح كل شيء ممكناً!”
فن العمارة
أُدرجت الرباط في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو (2012) ووصفت بأنها “نتاج التبادل المثمر بين الماضي العربي- الإسلامي والحداثة الغربية”. وهذا الوصف منصف لتاريخ الفن المعماري في المغرب بشكل عام. شملت قائمة الرباط: المدينة الجديدة التي بنيت أثناء الحماية الفرنسية لتضم مناطق إدارية وسكنية وتجارية، إلى جانب الحدائق النباتية والترفيهية بالقرب من صومعة حسان (التي بدأ العمل فيها عام 1184) وأسوار وبوابات الموحدين. وتقع بالقرب منها “المدينة القديمة”، وهي عبارة عن مشروع حضري مكثف أقيم أثناء الفترة الأندلسية المستقلة في القرن السابع عشر. وبالتالي، يشمل إدراج الرباط في القائمة معظم المراحل الأساسية لفن العمارة المغربية، باستثناء ثلاث: الحقبة الرومانية؛ وفن العمارة الحديثة في المغرب المستقل، ومدن الصفيح (المناطق العشوائية) الحديثة التي تحيط بالرباط (وغيرها من المدن المغربية).
الفترة الرومانية
تنحصر نماذج فن العمارة الرومانية في مدينة وليلي، من أهم مواقع التراث العالمي (أدرجت عام 1997). كانت وليلي مدينة رومانية محصنة مساحتها 42 هكتار عند سفح جبل زرهون بالقرب من مكناس، مع أنها كانت متواجدة قبل العصر الروماني وبعده. خضعت مدينة وليلي للاحتلال مدة ألف سنة تقريباً، والذي انتهى في أوائل العصر الإسلامي لتصبح عاصمة إدريس الأول في أواخر القرن الثامن، قبل أن ينقل عاصمة سلالة الأدارسة إلى فاس. وآثارها محاطة بأسوار، وتتضمن قوس نصر خلاب.
بدايات العصر الإسلامي
هناك القليل من النماذج المعمارية المتبقية من أوائل العصر الإسلامي. اختفت معالم مدينة فاس من عهد الأدارسة إلى حد كبير، مع أن مرابع الأندلسيين ومساجدهم العظيمة تشير إلى معالم مدينة الأدارسة (انظر مدينة فاس في موقع اليونيسكو).
عصر المرابطين والموحدين
من الصعب أيضاً العثور على نماذج معمارية من عصر المرابطين: مع أن المرابطين وضعوا أساس مدينة مراكش، إلا أن الأدلة على ذلك لا تتجاوز بعض الآثار وقبة مسجد بن يوسف. دمّر الموحدون معظم معالم المرابطين المعمارية في المغرب، واشتهر فن العمارة الخاص بهم، كأسوار مراكش والبوابات المحيطة بها وجامع الكتبية ذي المئذنة المربعة الشكل التي كانت النموذج الذي استندت إليه مئذنة صومعة حسان في الرباط، وصومعة الخيرالدا في أشبيليا، وعدد كبير من المساجد في المغرب (انظر مدينة مراكش في موقع اليونيسكو).
عصر المرينيين
بنى المرينيون مدينة فاس الجديدة كمركز عسكري وإداري، وطغى الطابع العسكري على معظم المعالم المعمارية الخاصة بالمرينيين، كالأسوار الضخمة المحيطة بفاس وسلا، ومدينة شالة المهجورة خارج الرباط. وكانت المدارس من المباني الهامة الأخرى، ومن بينها: مدرسة الصفارين في فاس ومدرسة أبو عنانية في مكناس المشهورة بزخارفها الدقيقة على الجبس.
القرن السادس عشر والقرن التاسع عشر
أبرز المباني التي شيّدها السعديون هي القبور وقصر البديع في مراكش. خلال هذه الفترة، أحضر الكثير من اللاجئين من الأندلس أنماطاً معمارية جديدة؛ وقد بنوا بيوتهم بشكل خاص في تطوان والرباط وفاس. ويعود الكثير من قصور السلاطين والنخبة من المغاربة إلى هذه الفترة، وتحولت أهم هذه القصور إلى متاحف
فترة الاستعمار
عندما فرض الفرنسيون حمايتهم على المغرب، أصر المارشال ليوطي على إدخال الأفكار الأوروبية للتخطيط الحضري إلى الضواحي الجديدة التي بناها الأوروبيون، مع الاحتفاظ بالمعالم التاريخية والمساكن التقليدية واستخدام التصاميم المغربية في المباني الجديدة متى أمكن ذلك. وبالتالي، تمت استعادة الماضي واستخدامه في تركيبة معمارية وزخرفية مزجت بين المساحات العامة الحديثة والطبيعة والمدن القديمة. أبرز تلك النماذج هي الرباط وفاس، وبشكل خاص، الدار البيضاء التي أعيد بناؤها بشكل شبه كامل على يد المهندس المعماري هنري بروست المكلف من قبل ليوطي.
تابع فن العمارة المغربية الحديثة التركيبة السائدة في الحقبة الاستعمارية بشكل محدود. حيث شابهت المشاريع الحديثة الواسعة النطاق، مثل الفنادق والمجمعات السكنية، غيرها من المباني في أماكن أخرى. ولا تشبه تصاميمها الأنيقة أنماط العمارة المغربية القديمة. لكن غالباً ما اعتمدت الديكورات الداخلية للأماكن العامة والمشتركة على التصاميم المغربية بشكل كبير. وفي الوقت ذاته، برز طراز “مغربي” متأثر بالماضي اكتسب شعبية من خلال إعادة ترميم “الرياض” (منازل واسعة) في مراكش وغيرها. وقد اكتسب هذا الطراز اليوم شعبية في العمارة المحلية في أوروبا والولايات المتحدة.
مدن الصفيح
لم يُدرس فن العمارة في مدن الصفيح بشكل معمق: تبنى هذه المدن عن طريق الاستيلاء على أراضٍ ومواد من مساحات حضرية سابقة وإعادة استخدامها دون الاعتماد على طراز معماري رسمي أو مرافق حكومية وعامة أو رقابة رسمية. وبالتالي، لم تتدخل الحكومة في المنازل المتداعية أو الطرق المعبدة القليلة أو المرافق أو الخدمات العامة. دفعت المشاكل السياسية في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين الدولة إلى محاولة إزالة مدن الصفيح واستبدالها بمنازل خاضعة لسيطرة الدولة، غير أن فئة كبيرة من السكان وجدت هذه الأخيرة أقل استقطاباً. تقتصر العمارة التقليدية في المناطق القروية على فن العمارة المحلية والمساجد. تختلف الأنماط المحلية باختلاف المناطق والظروف المادية. وتطورت عمارة المساجد بشكل كبير نتيجة للهجرة: أصبحت الأنماط العربية الشرقية أكثر شيوعاً، خاصة المآذن.
الفنون الجميلة المعاصرة
خلال فترة الاستعمار، استقر عدد كبير من الرسامين الأوروبيين في طنجة وشكّلوا مدرسة استشراق. ومع نهاية فترة الحماية، ظهر عدد من الفنانين المغاربة، مثل محمد بن علي الرباطي وعبد الكريم الوزاني ومولاي أحمد الإدريسي. درس الفنانان التجريديان أحمد الشرقاوي (1934 – 1967،) الذي كان مولعاً بالخط العربي، والجيلالي الغرباوي (1930 – 1971) في باريس. غير أن الفن المغربي اكتسب زخماً كبيراً بعد تأسيس المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان عام 1945، بالإضافة إلى مدرسة أخرى تحمل ذات الاسم في الدار البيضاء عام 1950.
وفي أوائل الستينيات، أطلق مجموعة من الفنانين المغاربة، جميعهم من الرجال، في المدرسة العليا للفنون الجميلة في الدار البيضاء حركةً جمعت ما بين التأثيرات الأوروبية والمغربية. وكانت المدرسة العليا في الدار البيضاء عنصراً أساسياً في ولادة الفن المغربي المعاصر، حيث قدمت أسلوباً محلياً معاصراً وجديداً. من بين الفنانين المعاصرين الذين تأثروا بهذه المدرسة: مليكة أكزناي؛ والتيباري كنتور؛ وريم اللعبي، والحسن الميموني.
وظهرت مجموعة أخرى من الرسامين في طنجة كانت على تواصل مع الفنانين والكتّاب الأمريكان المغتربين الذين عاشوا هناك في الخمسينيات والستينيات، ومن بينهم: محمد المرابط (المولود في 1936) وأحمد اليعقوبي (1931 – 1985) ومحمد الحمري (1932- 2000).ومن أهم المعارض الموجودة في المغرب: رواق باب الرواح الوطني، ورواق محمد الفاسي، ورواق باب الكبير في الرباط، ورواق محمد القاسمي في فاس، ورواق باب دكالة في مراكش، ورواق محمد الإدريسي للفنون المعاصرة (الذي كان يعرف سابقاً برواق الفن المعاصر). يقدم المعرض المتوفر على شبكة الانترنت، والمعروف بـ Art Maroc، أكثر من 1500 صورة للوحات رسامين مغاربة معاصرين.
المهرجانات الثقافية
التي هزت الدار البيضاء في المغرب في عام 2003، شرعت المغرب في إجراء إصلاحاتٍ لمكافحة الإرهاب من أجل مواجهة مثل هذه التهديدات. ففي 2011، قام العاهل المغربي، محمد السادس، بإجراء إصلاحات سياسية تهدف إلى التوفيق بين الإسلام والديمقراطية. وتعتبر الحكومة الحالية، بقيادة حزب العدالة والتنمية، اليوم الحكومة الإسلامية الوحيدة في شمال افريقيا. وأسفرت جهود المغرب المتينة لمحاربة الإرهاب في تفكيك 47 خلية إرهابية بين عامي 2013 و2015، ثمانية منهم في عام 2015 وحده.
ومع ذلك، وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية المغربية، هناك حوالي 1350 شاب مغربي يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في كل من سورية والعراق، بينما يقاتل العديدون إلى جانب الفصائل الأخرى التابعة لداعش والقاعدة وغيرها من المنظمات. وفي حين أن الإجراءات الأمنية والسياسية بالغة الأهمية، تلعب الثقافة والفن دوراً حيوياً بنفس الأهمية في تحصين المجتمع المغربي ضد التطرف العنيف.
وأعلن التطرف العنيف، كما يظهر في الأحداث الأخيرة في كل من سوريا والعراق وليبيا، حربه على الثقافة وأي تفسير آخر للإسلام يخالفه. وتحارب مهرجانات المغرب الثقافية الدولية هذا التطرف من خلال إعلان الحرب على التعصب ورفض “الآخر”، بغض النظر عن خلفياتهم، ومن خلال احتضان التنوع. كما تكافح مثل هذه المهرجانات أيضاً بعض أسباب التطرف العنيف، مثل تهميش الشباب، وجهل “الآخر”، والفقر والبطالة.
يستضيف المغرب أكثر من مائة مهرجان في العام، والتي تشمل جميع المناطق في البلاد وتحتضن التنوع الديني والثقافي. وبعض هذه المهرجانات عالمية، حيث تجذب ملايين السياح وخيرة الفنانيين من جميع أرجاء العالم. وتشتمل هذه، على سبيل المثال، على مهرجان موازين المقام في الرباط، ومهرجان كناوة في مدينة الصويرة، ومهرجان الموسيقى الروحية بفاس، ومهرجان مراكش الدولي للضحك. ولا تستقطب مثل هذه المهرجانات ثقافات وشعوب مختلفة وإجماعهم الثقافي حول عالمية الفن فقط، بل أيضاً تحتفي بالطبيعة المغربية للتسامح وقبول “الآخر” التي تنبع من مكانتها التاريخية كملتقى لمختلف الحضارات. بل إنها تذكير لجوهر المجتمع المغربي متعدد الثقافات والمتنوع دينياً، وبالتالي تشكّل دفاعاً ضد كل أشكال التطرف الذي يُفسر استثناء الأفراد بسبب اختلافهم.
موازين: إيقاعات العالم
منذ إنطلاق المهرجان عام 2002، سعت موازين لإرضاء الأذواق الموسيقية المتنوعة للحضور من خلال الجمع بين الفنانيين المغاربة والعرب والعالميين المشهورين. ومن خلال ذلك، تعكس صورة للعاصمة المغربية الرباط، باعتبارها مدينة “التنوع والتسامح والمشاركة”. كما تضمن المنصات المتعددة والدخول المجاني إلى العروض الفنية وصول المهرجان إلى أولئك ممن لا يملكون المال الكافي.
ويرى منير الماجدي، رئيس مهرجان موازين، المهرجان باعتباره “رمزاً للمغرب بقيم جوهرية للإنفتاح والتنوع والمشاركة واحترام الثقافات. كما يرسل موازين رسالة قوية للشباب: الثروة الثقافية للمملكة بانتظارهم ويمكن للجميع الاستفادة منها. وبالتالي، يمكنهم الفخر بتراث البلاد الوطني الذي لا يُقدر بثمن ومبادئه السمحة، التي تشكّل الأساس لماضينا وحاضرنا ومستقبلنا”.
ووفقاً لموقع mtviggy.com يعتبر مهرجان موازين ثاني أكثر مهرجان موسيقي في العالم. وفي عام 2015، استقطب المهرجان أكثر من 2,6 مليون متفرج، و40 مليون مشاهد عبر التلفاز، و130 عرضاً. ويوفر المهرجان 3000 فرصة عمل ونمو بنسبة 22% من عائدات السياحة في الرباط.
مهرجان مدينة الصويرة: كناوة والموسيقى العالمية
يقام مهرجان الصويرة منذ 18 عاماً، ويهدف إلى الاحتفال بالتراث المغربي الافريقي ودمج موسيقاه بأنماط أخرى. وتعتبر الكناوة الموسيقى الأكثر شعبية في غرب وشمال افريقيا. وعلى مر التاريخ، وفي زمن العبودية، كانت موسيقى الكناوة، تشتمل من بين أمور أخرى، على صلوات العبيد الذين يطلبون الرحمة. ويمتاز هذا النمط الموسيقي بروابط روحانية، إذ يدخل العديد من الكناوة بنشوة لشفاء أنفسهم أو الآخرين. ومع ذلك، تعتبر موسيقى الكناوة بالنسبة لـ250,000 زائر للمهرجان هذا العام تعبيراً عن الفرح والألوان و”الاندماج” مع موسيقى وثقافات أخرى التي تعكسها الرقصات والمغنيين والمتفرجين على أرض الواقع. وأراد منظموا المهرجان هذا العام مواجهة عداء “داعش” تجاه الثقافة من خلال إظهار الجانب الآخر للمسلمين.
مهرجان الموسيقى الروحية بفاس
تُعرف مدينة فاس بتراثها الثقافي والديني الغني، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى تاريخها كمركز تجاري للتجار القادمين من افريقيا. وكما يقول رئيس مهرجان ومؤسسة “روح فاس” عبد الرفيع زويتن “سمح هذا التدفق للبضائع والأفراد عبر الصحراء الشاسعة بنقل الأفكار والمخطوطات والسلوك الاجتماعي وإدراك العظمة السابقة غير المعروفة”. كما سمح هذا للسادة الصوفيين من مختلف أنحاء افريقيا مناقشة وتبادل الأفكار. وخلال الـ21 عاماً على وجود المهرجان، احتضن المهرجان روح الحوار بين الحضارات والتسامح تجاه الأديان والمعتقدات الأخرى، وحتى التفسيرات المختلفة للإسلام.
مهرجان مراكش الدولي للضحك
يحتفي مهرجان مراكش الدولي للضحك، الذي يجمع كوميديين من خلفيات مختلفة معظمهم من افريقيا وفرنسا، اليوم بدورته الخامسة. وجذب المهرجان عام 2014، 70,000 متفرج، و70 مليون مشاهد عبر التلفاز. وتنبع شعبية المهرجان من أسعار التذاكر المنخفضة نسبياً، وعرضه باللغتين العربية والفرنسية، واستخدامه للأماكن العامة في مراكش لنصب منصات العروض. ويعتبر هذا المهرجان أيضاً وسيلة أخرى لتعزيز التسامح بين الثقافات الأخرى. وغالباً ما تكون النكات استفزازية، وتهدف إلى تحدي القوالب النمطية للدين أو العرق أو التوجه الجنسي وغير ذلك الكثير. في مهرجان مراكش الدولي للضحك، يأتي الناس للضحك على عيوبهم وتعصبهم، ويغادرون المهرجان تملأهم روح الفرح والنقد الذاتي.
نقاط الجدل
تعكس هذه المهرجانات صورة المغرب العصري الذي يعج بالفرح من أجل تشكيل الرأي العالمي حول البلاد وجذب المستثمرين والسياح. ومع ذلك، يود بعض المغاربة رؤية جدوى تخصيص الأموال العامة لفنانيين عالميين أغنياء بالفعل. ويعتقد الكثيرون أنه يتوجب إنفاق هذه الأموال على الاستثمار المباشر في المشاريع التنموية في البلاد لتعود بالفائدة المباشرة على الشعب المغاربي. كما ينتقد النقاد في بعض الأحيان الرقصات والأغاني التي لا تخلو من الايحاءات الجنسية، والتي غالباً ما تصدر عن الفنانين الغربيين، لتعارضها مع القيم المغربية للحياء والاحترام.
الحرف
في السنوات الأخيرة، يكافح صغار الحرفيين من أجل البقاء في المغرب. إذ تواجههم العديد من المصاعب مع تأثير العولمة، وصعوبات نقل منتجاتهم إلى الأسواق، وتراجع اهتمام المستهلكين المغاربة مؤخراً بالحرف اليدوية. اتخذت الحكومة بعض الإجراءات لتحسين قطاع الحرف اليدوية ودعمه، لأنها كانت تشكل مصدراً رئيسياً للدخل القومي؛ فالصناعة الحرفية المغربية واسعة الشهرة، خاصة السجاد والفخار والمنتجات الجلدية.
صناعة السجاد
حظي السجاد المغربي بشعبية واسعة في العالم. عام 1829، قدّم عدد من المسؤولين المحليين البارزين في المغرب السجاد للسفير البريطاني في طنجة، إدوارد دراموند هاي، تعبيراً عن احترامهم له. ازدهر إنتاج السجاد لاحقاً في القرن التاسع عشر، مما ساهم في تزويد السوق المحلية، حيث كان التجار يجنون ثروات كبيرة من المتاجرة بها، وكان المستهلكون من الطبقة الوسطى في بريطانيا وفرنسا. وفي ظل الحكم الفرنسي، عملت “خدمة الفنون الأصيلة” على الحفاظ على التقنيات التقليدية وابتكار أشكال فنية جديدة يمكن دمجها في الفن الحديث.
هناك نوعان أساسيان من السجاد المغربي؛ الأول يتم إنتاجه في المدن والآخر في مناطق البربر. وتعتبر تصاميم الرباط الأكثر شهرة، وقد تعود أصولها إلى آسيا الصغرى أو الأندلس بعدما استقر عدد كبير من اللاجئين الفارين من حروب الاسترداد المسيحية في الرباط وسلا. تعود النماذج الأولى الشهيرة من السجاد إلى القرن السابع عشر. يبدو أن تصاميم السجاد والبسط البربرية هي الأقدم، وتختلف نقوشها بشكل كبير حسب المنطقة.
واليوم، تحدد مديرية الصناعة التقليدية هذه التصاميم المختلفة، وتمنح شهادة عن أصالتها وترخيصاً لتصديرها إلى الخارج. يحاك السجاد الحضري والبربري بطريقة عالية الجودة ومن الصوف، والسدى المصنوع من الصوف أو القطن أو الحرير. وتشمل تغطية الأرضية الأخرى: بساط “الكليم” الأخف والأرخص ثمناً، وألوانه غالباً ما تكون أزهى. ولا يخضع الكليم للرقابة كسائر أنواع السجاد.
صادرات السجاد ذات قيمة كبيرة للاقتصاد المغربي، مع أنها تشهد تراجعاً بوتيرة سريعة: عام 2000، بلغت صادرات السجاد المغربي 44% فقط من صادرات عام 1990، مع أنها شكّلت الحصة الأكبر من صادرات الصناعات الحرفية التقليدية (32% عام 2000).
صمدت الصناعات الحرفية التقليدية الأخرى في المغرب أمام المشاكل الاقتصادية أكثر من صناعة السجاد: ارتفعت صادرات الفخار والمجوهرات والمنتجات الجلدية في القرن العشرين.
صناعة الفخار
على غرار السجاد، هناك نوعان أساسيان من الفخار في المغرب: التصاميم الحضرية الراقية والأنماط الريفية التي تكون في بعض الأحيان بسيطة للغاية. تتميز المنتجات الحضرية في فاس ومكناس وآسفي بأنها مزججة وملونة. وتبدو تصاميم آسفي متأثرة بأصول أندلسية (خاصة في المنطقة المحيطة بمالقة) وتتميز ببريق معدني. وتتميز منتجات فاس عن غيرها باللونين الأزرق والأخضر بخلفية بيضاء. في حين يطغى لون المغرة (خاصة في جبال الأطلس الكبير) أو اللون الأخضر على الفخار المصنوع في المناطق الريفية. وفي المناطق الشمالية من جبالة والريف، تتم زخرفة الفخار المصنوع من الطين الأحمر بأنماط منقوشة عوضاً عن التزجيج.
المجوهرات
في السابق، كانت المجوهرات في المغرب تقليداً يهودياً، غير أن المسلمين اليوم يتولون صناعتها بشكل كامل. يتم إنتاج الذهب بشكل أساسي في المناطق الحضرية، ويتأثر بتصاميم إسلامية أندلسية؛ ويتم إنتاج الفضة في المناطق القروية، وتتأثر بالتصاميم البربرية. شكّل الذهب والفضة على مر التاريخ مخازن للثروات في المغرب، غير أن سكان المدن الأثرياء وحدهم القادرين على شراء الذهب.
صناعة الجلود
المصطلح الفرنسي للمنتجات الجلدية هو maroquinerie: منتجات مغربية عريقة. وتعد الدباغة من أبرز الصناعات في فاس التي توفر أكثر من نصف كمية الجلود المستخدمة في المغرب. وباستثناء الشباشب (باللونين الأصفر أو الأبيض للرجال، وبألوان زاهية للنساء)، معظم المنتجات الجلدية المصنوعة في المغرب مخصصة للسياح أو للتصدير.
المرأة في الثقافة البربرية
استُعمر البربر في شمال افريقيا، وتفاعلوا مع وعايشوا طويلاً كلاً من الفينيقيين والرومان والبيزنطيين. وبالكاد يذكر التاريخ المدوّن لهذه الحضارات المرأة. في الواقع، إن تاريخ النساء في حقبة ما قبل الإسلام مدون في الغالب في المسلات الجنائزية التي نصبت تكريماً لهنّ.
يُغاير هذا ثقافة البربر، حيث لعبت النساء دوراً بارزاً، فعلى سبيل المثال، لا تزال أسطورة الكاهنة ديهيا، وهي محاربة في حقبة ما قبل الإسلام، حيةً في ثقافة البربر ويستخدمها الشباب في الوقت الحاضر كرمزٍ للغة والثقافة البربرية.
تُذكر الكاهنة ديهيا لشجاعتها وقدرتها المستبصرة على قيادة شعبها ضد الغزوات العربية في القرن السابع الميلادي. فقد تغلبت على الاحتكار الذكوري للمؤسسة العسكرية لتصبح أسطورةً و”الملكة” الوحيدة غير المتوجة في التاريخ المغربي. ولدت ديهيا، التي يعني إسمها “الكاهنة” أو “النبية” في جبال الأوراس في الجزائر في القرن السابع؛ إذ أن التاريخ الدقيق لمولدها غير معروف. وخلال حياتها، بدأ الجنرالات العرب بقيادة جيوشهم إلى شمال افريقيا، والاستعداد لفتح المنطقة وتعريف الشعوب المحلية بالإسلام. قادت ديهيا مقاومةً حازمة ضد هذه الغزوات، وحوالي عام 690، تولت القيادة الشخصية للقوات الافريقية، وفي ظل قيادتها الهجومية، اضطر العرب للتراجع لفترةٍ وجيزة.
وعلى الرغم من أن البربر في القرن السابع لم يكونوا متجانسين دينياً- فقد انتشر البربر المسيحيون واليهود والوثنيون في جميع أنحاء المنطقة التي باتت اليوم تُعرف بالمغرب وتونس والجزائر وليبيا– إلا أن ديهيا تمكنت من توحديهم ضد غزاتهم، لتقودهم في معركةٍ استمرت خمس سنواتٍ قبل أن تتعرض للهزيمة في نهاية المطاف. وقبل أن تسلب حياتها بيدها، أرسلت ديهيا أبناءها إلى معكسر العرب بتعليماتٍ بتبنيهم الإسلام ومشاركتهم العرب بقضيتهم. وبالفعل، أطاعوا أوامرها وشاركوا في غزو أوروبا وخضوع إسبانيا والبرتغال.
توصف ديهيا باعتبارها شخصيةً جمعت بين السلطة السياسية والدينية، ملكة البربر ومحاربةً قاتلت للدفاع عن شعبها وبلادها ضد الغزو العربي. وعلى الرغم من أنه من الصعب على العديد من المغاربة اليوم الاعتراف بهذه الشخصية الأنثوية القوية، إلا أن الشباب في العقود الأخيرة استخدموا شجاعة ديهيا للدفاع عن الحرية الشخصية وتقرير المصير، وإيجاد مساحة للتصرف على الرغم من القيود الأبوية أو السيطرة على مصير المرء. وبعد الفتح العربي، واصلت نساء البربر لعب دور محوري في أسرهن ومجتمعاتهن، حيث تمكنّ من الجمع بين دينهم الإسلامي وتقاليد أسلافهن.
يشهد إرث المرأة البربرية على هذا. في الواقع، إن مزيج الأساطير والواقع الذي أحاط بآلهات ومحاربات البربر ما قبل الإسلام تمكن من شغل اللاوعي والخيال الجماعي للمغاربة اليوم. ويرجع ذلك أساساً إلى الدور الأساسي الذي تقوم به المرأة في نقل اللغة والثقافة البربرية من خلال الطقوس، والثقافة الشفاهية والفن.
تتمحور هذه الطقوس حول الشفاء والخصوبة والعبادة والرثاء ودورات الحياة. وتهدف الطقوس، العامة والسرية، إلى تحقيق الرضى الشخصي والمجتمعي بشأن التشريع الديني والروحانية والاحتياجات العاطفية وتعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية وتحقيق الأهداف التربوية وما إلى ذلك. ومن الأمثلة على الطقوس المعروفة طقس (تاغنجا) أو (تاسليت أونزار) أي عروس المطر، والذي يعود إلى تقليدٍ قديم يشتمل على التجمع وغناء الأهازيج أمام الآلهة تانيت لمطالبتها بهطول المطر عندما تكون المياه شحيحة. يختلف أداء هذه الطقوس من منطقةٍ لأخرى إلا أن الاختلافات بسيطة.
وبشكلٍ عام، ينتقل الموكب من قريةٍ إلى أخرى ومن معبد قديسٍ إلى آخر. وفي الطريق يتم رش “العروس” بالماء من الشرفات والنوافذ من قبل السكان، ويُعطي الأهالي العطايا والصدقات لقائد الموكب، حيث تخصص موادها لتهيئة مأدبة طقوسية تقام قرب مجرى نهر أو على بيدر، أو في مزار، أو على قمة مرتفعة حسب المناطق.
إن الثقافة الشفاهية للمرأة البربرية موروثة عن الأجداد، ومتعددة الجوانب، وموجودة في كل مكان، وتغطي الشعر، والأغاني، والحكايات الشعبية وفن الخطابة الجماهيري وتختلف في المواضيع من الحب، والذات، والأسرة والمجتمع إلى النضال من أجل الاستقلال عن الاستعمار والحداثة.
كما كانت الثقافة الشفاهية بمثابة أداة ولاءٍ للغة. وبشكلٍ عام، فإن تركيب الحكايات الشعبية للنساء البربر معقدٌ للغاية وتصور خصائص داخلية وخارجية محددة. ويمكن تقسيم الخصائص الخارجية إلى ثلاثة خصائص: البداية، ومجموعة متغيرة من الحلقات المتصلة، والنهاية. أما داخلياً، فالروايات غير متسلسلة ولا يحددها زمانٌ أو مكان. ويتم ترميز المعلومات الأكثر وضوحاً بشكلٍ عام بطريقةٍ مميزة عن البقية، أي بأكثر وسيلة تربط الموضوع من وجهة نظر الراوي.
كما ترى النساء في رواية القصص وسيلةً قوية للحفاظ على وتخليد السلطة داخل الأسرة، سيما في الأسر الريفية الممتدة. وتعزز الجدات وضعهنّ من خلال تأجيل رواية نهاية القصة عمداً حتى الليلة التالية، مما يؤدي إلى استمرار التشويق. كما يستخدمن القصص لخلق ألفة وإعطاء الإنطباع أن ما لا يبحن به بأهميه ما يقولونه. بمعنى آخر، تخلق هؤلاء النساء سلطتهن الخاصة. يدل هذا أنه على عكس الآراء السائدة، فإن لغة المرأة ليست عاجزة.
إن استراتيجيات رواية القصص لدى نساء البربر مفهومة في البيئات التي تشعر فيها النساء الأكبر سناً بأن زوجات أبنائهن الأصغر سناً يكتسبن “سلطةً أكثر من اللازم” من خلال إنجاب الأطفال، وبالتالي يسعين إلى الاحتفاظ ببعض السيطرة على الوالدين من خلال أطفالهن.
والأهم من ذلك، فإن النساء هنّ الفنانات في الثقافة البربرية. فالمرأة البربرية تعبر عن الفن من خلال نسج السجاد، وصناعة المنسوجات، ووشم الأجساد، وتزيين القدمين واليدين.
تُمارس هذه الطقوس النسائية منذ آلاف السنين. ومن المعروف أن التعبير البصري يتخطى أي شكلٍ من أشكال التدوين المكتوب، إذ تعكس أشكال وألوان ومعاني التعابير الفنية للمرأة البربرية قصصاً قوية. تُهيمن النساء على عملية النسيج، مما يبث الحياة، مجازياً، في المنسوجات. وفي المناطق الريفية، يقمن بتمشيط الصوف وغزله وصبغه لصنع البطانيات والشالات والسجاد الذي يتم نسجه على دولاب النَّول الأفقي الرأسي. ويُعتقد أن الصوف مشبّع ببركة كبيرة، ويُعتقد أن القليل من هذه البركة تنتقل إلى النساجين، وبالتالي تنتقل الطبيعة المقدسة للنسج. وعليه، تحظى النساء البربريات اللواتي يعملنّ بالصوف باحترامٍ كبير، ويُقال أن المرأة التي تصنع 40 سجادة خلال حياتها تضمن دخول الجنة بعد وفاتها.
يعتبر هذا الفن مصدر فخرٍ وثقةٍ بالنفس للأجيال القادمة، فهو يضمن الاستمرارية ويعزز القيم المجتمعية للأسرة، والدعم، والمشاريع وغيرها من الأمور. فالإرادة السياسية والتكنولوجيا (أطباق الأقمار الصناعية والإنترنت) تساعد في بقاء السجاد على قيد الحياة.
لم يكن تأثير الإسلام على الجمالية البربرية معوقاً، بل كان أيضاً تأثيراً إحتفالياً ومخلصاً فيما يتعلق بالمرأة. وبالتالي، فإن غلبة الزخارف المعمارية والنباتات والزهور وغياب الوجوه يرجع إلى حقيقة أن الإسلام يحظر التمثيل الفني للشخصيات البشرية، لأن البشر هم ممثلو الله، الذي لم يصوّر أبداً. وبالنسبة لنساء البربر، فإن صنع القطع الفنية هو تكريم لله، وبالتالي، هو فعلٌ من أفعال العبادة. وغالباً ما تساوي النساء تفانيهنّ في عملهنّ بالإخلاص لله. وتعتبر المرأة أعمالها الفنية ممارسةً تأملية، ومن هنا ينبع تركيزهن عند تطبيق الوشم أو الحناء، الذي يهدف إلى جعلهن أقرب إلى خالقهن. وغالباً ما يبدأن العمل بالبسملة (بسم الله) وينتهين بالحمد لله.
وقد تغيرت فنون البربر منذ الاستقلال المغربي في عام 1956. كما تأثرت الأنماط البربرية البدوية والتعبيرات الجمالية بالعربية المغربية، والوسائل التي من خلالها يتم الحفاظ على الهوية البربرية. فقد اختفت الأشكال الفنية التي تمتاز بها المرأة البربرية، مثل الأوشام، بشكلٍ تدريجي إلا أنها مُنحت حياةً جديدة على أيدي الرسامين المغاربة المعاصرين، من البربر والعرب على حد سواء.
فقد استولى الفنانون الذكور على أشكال الفن والزخارف البربرية المحلية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنساء، رغبةً منهم في التعبير عن هويتهم المغربية ما بعد الاستعمار، وهي هويةٌ منفتحة بشكلٍ متزايد على سكانها البربر. وبالمثل، فإن تيفيناغ، وهي الأبجدية المستخدمة في اللغات البربرية، قد ظهرت مرةً أخرى في المنسوجات والأوشام والزخارف المعاصرة للمرأة. واليوم، أصبح الفنانون، وكذلك الشعراء والكتاب، يلجأون إلى الفنون البصرية والأدائية للبربر للحصول على الإلهام.
تُثمن النساء باعتبارهن محافظاتٍ على اللغة والثقافة البربرية وكونهن مركز بناء الهوية. إن بناء الهوية والحفاظ عليها من خلال الفن هو أيضاً مركز القوة الدينية والروحانية للمرأة البربرية. ومن خلال تعابيرهم الفنية، لا تتحكم النساء فحسب بحفلات الزفاف باعتبارها وسائل للحفاظ على قدسية الخصوصية الثقافية في خضم التأثيرات الاجتماعية القوية، مثل العصرنة، التي تؤثر على حياتهن بشكلٍ متسارع، بل يقمن أيضاً بنسج السجاد، وصناعة الخيام والفخار، وتزيين الوجوه والأيدي والقدمين بالحناء، وتطريز الملابس التي تعزز الهوية العرقية البربرية. ومن خلال الفن ونقل المورث من الأم إلى الإبنة، تربط المرأة البربرية الماضي بالحاضر.
يمنح هذا الرابط شكلاً مادياً للوعي البربري. وعليه، تُبرهن المرأة البربرية الاحترام والتقدير والوضع الممنوح للأمومة من خلال دمج رموز الخصوبة في السجاد والملابس والوشم وتسريحات الشعر. وبالتالي، فإن الفنون البربرية مجازٌ للأمومة، مما يدل على الدور الهام الذي تلعبه المرأة في نشر الهوية البربرية والحفاظ عليها. كما كان هناك ظهورٌ متجدد لرمزية المرأة البربرية في ثقافة الشباب المعاصر، إذ يظهر هذا جلياً في أسماء المراكز النسائية المختلفة: تانيت، وإيزيس، وديهيا… الخ. وبالمثل، فإن الفرق الموسيقية المختلفة، والمواقع الالكترونية، وعروض الأزياء وأنماط الملابس الشائعة بين الشباب تحمل نفس الأسماء.
وعلى الرغم من غيابها إلى حدٍ كبير من الروايات التاريخية الرسمية، إلا أن طقوس المرأة البربرية وثقافتها الشفاهية وفنها يشكلون مصدراً حقيقياً للمعرفة، في تحدٍ للروايات السائدة حول دور المرأة في إنتاج المعرفة واستخدامها وتكييفها.
الرياضة
كرة القدم، هي الرياضة الأكثر شعبية، حيث تأهل المغرب إلى كأس العالم خمس مرات، آخرها مونديال روسيا 2018م، وكان ذلك بعد غياب استمر لعشرين عاماً. وفي أكتوبر/تشرين أول 2020، حل المنتخب الوطني المغربي في المرتبة 39 بحسب تصنيف الفيفا.
ولدى المغاربة طريقتهم الخاصة في إظهار حبهم للرياضة. وهم يتفوقون في أنواع مختلفة من الألعاب الرياضية كالفروسية، والسباحة، وألعاب القوى. وحصل هشام القروج على ميداليتين ذهبيتين في الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2004 في ألعاب القوى.
أحدث المقالات
فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “الثقافة” و “المغرب”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت: