تخطط الحكومة الإسرائيلية تخطط لترحيل بدو الضفة الغربية من منطقة القدس منذ سنوات بغية إستغلا الأرض وبناء مستوطنة يهودية. سبق وتعرض بدو الضفة الغربية للتهجير القسري في عام 1948.
يُظهر الفيديو الطفل علي، وهو تلميذٌ في قرية الخان الأحمر البدوية، وهو يُشير إلى تلةٍ في الصحراء الواقعة ما بين مدينتي القدس وأريحا، في الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل. وكما يقول “سيقومون ببناء مستوطنةٍ هنا، بدلاً من المدرسة.” ويتابع قوله “عندما يتم هدم المدرسة، سيتم نقلها. سيقومون بنقلنا، لن يسمحوا لنا بالبقاء هنا.”
يقصد علي هنا الحكومة الاسرائيلية، التي تخطط لترحيل البدو من منطقة القدس منذ سنوات. ويتابع علي قوله: “سيبنون مستوطنةً تحتوي أشجار الزيتون وما إلى ذلك. سيستغلون الأرض.”
يعتبر هذا الصبي خير مراقبٍ لما يحصل لشعبه، قبيلة الجهالين البدوية. وفي الفيديو، يتحدث عن حلمه بأن يصبح مهندساً. تم إنتاج هذا الفيديو من قِبل متضامنون مع الجهالين، وهي منظمة فلسطينية غير ربحية تدعم البدو وغيرهم من الفلسطينيين الذين يستهدف الإسرائيليون ترحيلهم وتهجيرهم القسري.
يُعتبر بدو الضفة الغربية شعب شبه رُحّل ممن تعرضوا في السابق للتهجير القسري: فقد أجبروا في عام 1948 على مغادرة صحراء النقب في دولة إسرائيل مع نشأتها. كما أن صحراء النقب أيضاً، والتي لا تزال موطناً للقبائل البدوية الأخرى الذين يتعرضون أيضاً للتهديد، هي المنطقة التي يُعتبر البدو سكانها الأصليين. ومع ذلك، تحرمهم إسرائيل من أي حقوقٍ للسكان الأصليين. ففي عام 2015، تم التصديق على ذلك من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية.
فقد جاء بتقرير مجموعة العمل الدولية حول شؤون السكان الأصليين عام 2013 والذي حمل عنوان “عالم السكان الأصليين،” في جملته الافتتاحية في القسم المتعلق بفلسطين: “يرى الفلسطينيون الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة بيئتهم مقطعة، ومُعبّدة، ومحوطة بالجدران، ومسيجة، ومهجورة، وملوثة، ومستنزفة، وجافة ومتدهورة بشكلٍ كبير.” فقد كُتب هذا الوصف المزعج إلى حدٍ ما من قِبل الناشطة البريطانية-الإسرائيلية أنجيلا غودفري غولدشتاين، التي كانت تقاتل من أجل البدو لأكثر من 20 عاماً.
وبعد خمس سنوات، لم يتحسن الوضع، كما قالت غودفري غولدشتاين لفَنَك، وأضافت انظروا على سبيل المثال إلى مدرسة علي، التي من المقرر أن يتم استبدالها بمستوطنة يهودية غير شرعية. وبحسب غودفري غولدشتاين “اليوم، تعتبر القضية ملحة حقاً. في أي يوم قد يصدر حكمٌ من المحكمة، بل إن إثنان من القضاة الثلاث من الصهاينة المتدينيين. أحدهم مستوطن، والآخر مستوطنة سابقة لها أخ وأخت يعيشان في مستوطنة كفار أدوميم المجاورة. لذلك، وفقاً للقانون الإسرائيلي، كان يجدر بها التنحي، إلا أنها لم تفعل ذلك. المحامي متشائم، إذ سيحكم القضاة بالهدم. هذا ما يريده [وزير الدفاع افيغدور] ليبرمان و[رئيس الوزراء بنيامين] نتنياهو. من المحتمل أن يحدث هذا في يونيو.”
وقالت غودفري غولدشتاين إن قبيلة الجهالين يتعرضون للتهديد من قِبل الجيش الإسرائيلي. “كان هناك موكب ضخم في وسط القرية، كما كانوا يقومون بتصوير التل بواسطة طائرة من دون طيار. وحملوا بندقية إم 16 ضخمة في القرية، حول الأطفال. كما أغلقوا القرية بكتلٍ خرسانية ضخمة.” جعل هذا القرويون يتكهنون بالخطوة التالية: هل سيتم الهدم خلال الليل؟ هل ستدخل الجرافات القرية من الطريق السريع؟
سيضطر بعض الأطفال البدو إلى العيش في بيئةٍ شبه حضرية بالقرب من مكب للنفايات، دون حيواناتهم، في ما وصفته عالمة الأنثروبولوجيا الاجتماعية الأمريكية داون تشاتي بـ”الإبادة الثقافية.” ووفقاً لغودفري غولدشتاين: “من المستحيل أن يتمكنوا من الاحتفاظ بنمط حياتهم التقليدي هنا. لا يستطيع البدو أن يرعوا ماشيتهم، لذا ستكون قدرتهم على التحمل أقل. كما يتعرض أطفالهم للتمدّن. خلاصة القول هي، إنهم لن يعودوا بدو بعد الآن. جميع المعرفة بعلم الأعشاب ستختفي، وكذلك القدرة على تعقب الأثر. لن يكون لهم وجودٌ هناك. فقد ذكرت داون تشاتي أن هذه أسوأ حالة تهجير قسري شهدتها منذ 30 عاماً.”
ووفقاً لتشاتي قد يرتقي هذا التهجير القسري إلى جريمة حرب. وكتبت المنظمة الإنمائية السويدية دياكونيا تحليلاً قانونياً للسياسات الإسرائيلية بشأن التهجير القسري، حيث بحثت فيه ما إذا كان التهجير يعتبر جريمةً ضد الإنسانية. ووفقاً للتقرير، فإن التهجير القسري للمجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية “منتشر” و”منظم.” وأضاف التقرير أيضاً “إذا ما ثبتت النية الإجرامية والعناصر المكونة للجريمة… فقد يتم استيفاء معايير قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.”
وتعترف غودفري غولدشتاين، التي تنشط في مجال مقاومة السياسات الإسرائيلية منذ عقود، أن جهودها كانت “غير مجدية” إلى حدٍ كبير. وكما تقول “يتوجب علينا التصعيد. يجب أن يكون لدينا المزيد من المبادرات مثل مبادرة الـ47 برلماني بريطاني الذين طالبوا بالضغط الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي على إسرائيل.”
تعيش قبيلة الجهالين في قرية الخان الأحمر منذ أوائل الخمسينيات، بعد أن تم تهجيرهم قسراً من النقب. تنتمي الأرض التي يعيشون عليها الآن إلى فلسطينيين من بلدة عناتا المجاورة، الذين سمحوا للبدو باستخدامها. وبالنسبة لإسرائيل، تُعرف هذه المنطقة باسم “E1،” وهي أكبر منطقة في الضفة الغربية وقد تم تخصيصها لتوسيع المستوطنات غير القانونية.
وبحسب غودفري غولدشتاين فإن البدو ضحايا لعبةٍ سياسية، “عندما أصبحت فلسطين دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012، قالت إسرائيل: سنعمل على تنمية المنطقة (E1) كإنتقام. برأيي، تلعب المنطقة (E1) دوراً محورياً في تقسيم الضفة الغربية. وإذا ما تم تطوير المنطقة (E1) كمستوطنة يهودية، ستصبح منطقة القدس الشرقية بأكملها، وصولاً إلى الأردن، يهودية. ببساطة، البدو في المكان الخطأ.”
وفي بيانٍ لها، ذكرت المتحدثة باسم الإدارة المدنية الاسرائيلية، وهي هيئة حكم إسرائيلية تعمل في الضفة الغربية المحتلة، إن إسرائيل قررت أن بدو قرية الخان الأحمر لا يمكنهم البقاء حيث هم لأن هذه “ليست أرضهم.” وعلى الرغم من الأدلة على الملكية الفلسطينية للأراضي، تعتبر إسرائيل المنطقة “أراضي تابعة للدولة.” وهذا هو المصطلح الذي تستخدمه إسرائيل للأراضي التي من المفترض أنها لم تكن مسجلة خلال الحكم العثماني والبريطاني.
وواصلت المتحدثة قولها، “لكن القضية لا تزال في المحكمة. سننتظر [سماع] ما يقوله القاضي.” وعلى حد قولها، عرضت إسرائيل على البدو مكاناً جديداً للعيش فيه، “طلب القاضي من البدو إيجاد مكانٍ بديل للعيش، إذا لم يعجبهم عرضنا. لكنهم لم يفعلوا. إذا ما انتقلوا إلى المكان الذي قدمناه لهم، سيحصلون في النهاية على الماء والكهرباء. علاوةً على ذلك، قلنا أننا سنبني لهم مدرسة عامة. لكن المسألة الأكثر أهمية هي أنهم يعيشون في الوقت الحالي على أرض لا تخصهم.”
ووفقًاً لجودفري غولدشتاين، فقد كانت تقول منذ عام 2005 “إذا ما كنت تفضل حل الدولتين، فلا بد أن تشعر بالقلق. واليوم، تجاوزنا مرحلة القلق. فقد سبق وقال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إن البدو هم حرّاس القدس. لا تزال جميع البدائل المقترحة لقرية الخان الأحمر تؤدي إلى التهجير القسري. لو كان الأمر متروكاً لنتنياهو، سينقل جميع البدو إلى أبو ديس أو أريحا. هذا ما يحصل الآن: يتم “تمدين” البدو، حيث تختفي ثقافتهم في خضم هذه العملية. وبعد 30 عاماً من الآن، لن يعرف أحد كيف يعيش في الصحراء بعد الآن.”