وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الحرب العربية الإسرائيلية الأولى (1948-1949)

تطور الصراع العربي الإسرائيلي الفلسطيني من حرب 1948-1949 إلى قرار الأمم المتحدة 242.

حرب

حرب 1948-1949

الهاغانا

في ذلك الوقت، كانت الهاغانا، أكبر منظمة عسكرية يهودية سرية، تتألف من حوالي 35,000 مسلحاً من الرجال والنساء. أضف إلى ذلك عدة آلاف من المقاتلين من الجماعات الأخرى التي كانت تعمل في الظل. وكان هذا “الجيش” اليهودي بسلاح خفيف ضعيف التدريب، وإنما مسنود من قبل أفراد كانوا في السابق يقاتلون مع الجيش البريطاني. وكانوا يفتقرون إلى الأسلحة الثقيلة، وكان سلاح الجو يتكون فقط من تسع طائرات من الطراز القديم. وتم ملء هذا النقص عن طريق صفقة مع تشيكوسلوفاكيا التي زودتهم بعشرات الآلاف من الأسلحة الخفيفة، فضلاً عن عشرات الطائرات المقاتلة من طراز Avia S-199، وهي نسخة تشيكية عن المقاتلات الألمانية من طراز Messerschmitt Me-109.

الفلسطينيون والعرب

كانت القوى المعارضة العربية والفلسطينية تتألف من ميليشيات ضعيفة التنظيم في فلسطين نفسها، مع قوة تقدر بنحو 10,000 رجل، تدعمها الجيوش النظامية للدول المجاورة: سوريا ومصر والأردن. ضمت هذه الجيوش بضع عشرات الآلاف من الجنود المجهزين بأسلحة ثقيلة مثل المدفعية والدبابات، ومعظمها من طراز يعود إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية. كما أرسلت القوات البريطانية المتواجدة في الشرق الأوسط بأعداد كبيرة من الطائرات المقاتلة من نوع Spitfire و Hurricane وطائرات نقل. كما لعبت الأحداث الطارئة الجسيمة التي حدثت في ليبيا والعراق والمملكة العربية السعودية واليمن دوراً في العمليات العدائية التي أعقبت ذلك.

14 أيار/مايو 1948

في 14 أيار/مايو 1948، أعلنت إسرائيل استقلالها، وتحركت الجيوش النظامية العربية. وفي اليوم السابق، كانت جامعة الدول العربية قد قررت إرسال قوات نظامية إلى منطقة النزاع لاستلامها رسمياً عن السلطات البريطانية لإنهاء الانتداب. واستنكرت الأمم المتحدة نية جامعة الدول العربية المعلنة لحماية أرواح المدنيين في غياب أية سلطات شرعية.

لم يكن الهجوم العربي منسقاً تنسيقاً جيداً؛ على الأغلب بسبب غياب التعاون بين القيادات الوطنية العربية. وقد تم إضعاف الهجمات وصدها من قبل المواقع المجهزة للقوات اليهودية في المزارع الجماعية والبلدات. وبشكل خاص داخل القدس وحولها تصاعدت ضراوة القتال بين القوات الإسرائيلية والجيش العربي بقيادة الجنرال البريطاني السابق جون كلوب (باشا).

رغم أن القوات الإسرائيلية في البداية كانت أقل عددًا، من الناحية النظرية على الأقل، إلا أنها تفوقت كمّاً وكيفاً بالتدريج، وصارت لها اليد الطولى في غضون أسابيع. وكانت المحصلة النهائية بعد أن هدأ القتال استحواذ القوات الإسرائيلية على أراضٍ أكثر مما قبل الهجمات العربية.

أعلنت الأمم المتحدة وقف إطلاق النار في 29 أيار/مايو، وقدمت خطة تقسيم جديدة رفضها كلا الجانبين.

مع بداية تموز/يوليو، اندلعت أعمال القتال من جديد على الجبهة الجنوبية. وفي هذه الأثناء أدت الهجمات الإسرائيلية إلى تعزيز المكاسب السابقة وتحقيق مكاسب جديدة على الجبهات الشمالية والوسطى والجنوبية. كما أدت إلى نزوح عدد كبير من الفلسطينيين الذين فروا من مناطق النزاع، أو إجلائهم من قبل القوات اليهودية، أو بعد تلقيهم أوامر بالمغادرة من قبل زعمائهم. ومن جديد، في أيلول/سبتمبر، قدمت الأمم المتحدة اقتراحاً جديداً لتسوية المسائل الإقليمية وتعويض اللاجئين، ولكنه قوبل بالرفض من كلا الجانبين.

في تشرين الأول/أكتوبر، اشتبكت القوات المسلحة الإسرائيلية مرة أخرى مع الجيش المصري، ونجحت في دق الأسافين بين القوات الفلسطينية والمصريين. ومع بداية عام 1949، تم تحديد الحدود الإسرائيلية عن طريق هدنات تم التفاوض عليها بشكل منفصل مع كل من الدول المجاورة.

حرب

اتفاقية الهدنة 1949

وفي أوائل عام 1949، تركزت الجهود في المقام الأول على تحقيق وقف دائم لإطلاق النار بين الأطراف المتحاربة. وقد جرى توقيع اتفاقيات الهدنة، بخصوص خطوط الهدنة، وتبادل أسرى الحرب، إلخ، بين كل من إسرائيل ومصر (24 شُباط/فبراير 1949)، وإسرائيل ولبنان (23 آذار/مارس)، وإسرائيل والأردن (3 نيسان/أبريل)، وأخيراً بين إسرائيل وسوريا (20 تموز/يوليو).

2. رسمّت الاتفاقات الحدود الاسرائيلية، التي أصبحت اليوم تضم ما نسبته 78% من أراضي الانتداب البريطاني السابق على فلسطين، وتتخطى ما نسبته 22% مما أقره، بدايةً، قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة. وبالإضافة إلى ذلك، احتفظت إمارة شرق الأردن (التي أصبحت تعرف منذ ذلك الوقت بالأردن) بالضفة الغربية لنهر الأردن والجزء الشرقي من مدينة القدس، بينما سيطرت مصر على القطاع الصغير من الأراضي حول مدينة غزة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

علاوة على ذلك، واستناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 1948 المتقدم ذكره، تشكلت لجنة الأمم المتحدة للتوفيق بشأن فلسطين UNCCP، والتي تتألف من الدول العربية مصر والأردن وسوريا و لبنان من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، بالإضافة إلى فرنسا وتركيا والولايات المتحدة. وأظهرت الوثيقة التي أصدرتها اللجنة، بروتوكول لوزان (12 أيار/مايو 1949)، خلافاً جوهرياً بين إسرائيل والدول العربية: فضلت إسرائيل التعامل على أساس مفاوضات ثنائية مع الدول العربية (لمواجهة ثقلها مجتمعة)، وطعنت في الحدود الموضوعة مؤخراً (لم تزل إسرائيل تتطلع إلى قطاع غزة الذي أصبح تحت سيطرة مصر، وتسعى إلى اقتسام السلطة على الضفة الغربية التي وضعت الأردن قبضتها عليها).

من جهة أخرى، ركزت الدول العربية على مقاربة متعددة الأطراف وعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين استضافتهم. وخلال بضع سنوات من تأسيسها، تبيّن أن “لجنة التوفيق” ما كانت لتنجح في مهمتها. ولا تزال هذه اللجنة قائمة رسمياً، لكنها خاملة، لا ميزانية لها ولا موظفين.

قاعة مجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية
قاعة مجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية

إسرائيل تصبح عضواً في الأمم المتحدة

استناداً إلى اتفاقات الهدنة ومشاركتها في “لجنة التوفيق”، قبلت الأمم المتحدة عضوية إسرائيل في أيار/مايو 1949 – بعد رفض عضويتها في كانون الأول/ديسمبر – شرط أن تقبل إسرائيل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 (قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 بتاريخ 11 أيار/مايو 1949). وتحت ضغط الأمم المتحدة، أعلنت إسرائيل أنها “تقبل بالالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة دون تحفظات، وتتعهد بتنفيذها اعتباراً من اليوم الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة

بعد اتفاقيات الهدنة لعام 1949، صارت خطوط الهدنة مع مصر والأردن ولبنان وسوريا حدود دولة إسرائيل. وشملت أراضي إسرائيل الأراضي التي احتلت في حرب 1948-1949. ويبدو أن الوضع الخاص للقدس وبيت لحم، كما ورد في خطة التقسيم التي وضعتها الأمم المتحدة، كان غائباً عن جدول الأعمال (وإن كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أكدت مجدداً في القرار 303 الصادر بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 1949 على أهمية وجود نظام دولي لمنطقة القدس وحماية الأماكن المقدسة). فبامتناع إسرائيل عن تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 المتقدم ذكره الصادر في كانون الأول/ديسمبر 1948 بشأن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم والحصول على تعويض، لم تحترم إسرائيل التزاماتها التي تعهدت بتنفيذها أمام الأمم المتحدة عند قبول عضويتها.

في 12 آب/أغسطس 1949، تم اعتماد اتفاقية جنيف الرابعة، التي تتناول حماية المدنيين في أوقات الحرب والاحتلال. وكان من شأن هذه الوثيقة أن تكون – من الناحية النظرية على الأقل – أداة قضائية هامة جداً للقانون الدولي لإدراك حقوق وواجبات جميع الأطراف المعنية بهذا الصراع.

Advertisement
Fanack Water Palestine