وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المستوطنات الإسرائيلية

المستوطنات عبارة عن مجتمعات يهودية إسرائيلية مقامة على أراضٍ احتلتها إسرائيل خلال حرب حزيران/يونيو عام 1967. تحمل لفظة مستوطنة العربية، والعبرية حيتناهالوت، خلافات أيديولوجية عميقة.

مستوطنة معاليه أدوميم

المقدمة

المستوطنات عبارة عن مجتمعات يهودية إسرائيلية مقامة على أراضٍ احتلتها إسرائيل خلال حرب حزيران/يونيو عام 1967. تحمل لفظة مستوطنة العربية، والعبرية حيتناهالوت، خلافات أيديولوجية عميقة. إن اختبار استخدام هذه المصطلحات أو عدمه لدلالة على هذا الخلاف. فالبعض يستخدمها للدلالة على جميع المجتمعات اليهودية المقامة على أراضي فلسطين أيام الانتداب البريطاني (1920-1948). بينما يفضل آخرون تجنب استخدامها، بل ويختارون مفردات أخرى أقل سلبية عند الإشارة إلى أي مجتمع يهودي في أراضي الانتداب البريطاني السابق.

معرض صور – المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية

اتفاقات الهدنة

حددت اتفاقات الهدنة عام 1949 ما يسمى بالخط الأخضر كخط للهدنة، والذي أصبح حدود إسرائيل غير الرسمية حتى عام 1967. وفي تلك السنة، استولت إسرائيل على عدة أراضٍ لبلدان مجاورة: شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة من مصر؛ ومرتفعات الجولان من سوريا؛ والضفة الغربية من الأردن. وتم إنشاء مستوطنات في هذه الأراضي في وقت لاحق.

على مر السنين، سحبت إسرائيل قواتها من شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. كما قامت بإجلاء وهدم المستوطنات في هاتين المنطقتين.

تتواجد معظم المستوطنات والمستوطنين في الضفة الغربية في فلسطين. وفي ضوء حساسية قضية القدس الشرقية، منطقة في الضفة الغربية ضمتها إسرائيل عام 1967، لا تتضمن أية إحصائية معروضة هنا عدد المستوطنات والمستوطنين في القدس الشرقية، إلا في حالة الإشارة إلى عكس ذلك. يتم عرض الإحصائيات عن هذه المنطقة بشكل منفصل، وبالتحديد في المقاطع التي تتحدث عن المستوطنات في القدس الشرقية.

وصل عدد المستوطنات الإسرائيلية إلى 147 في نهاية 2013 بحسب مركز بتسيلم، حيث تتوزرع هذه المستوطنات بواقع 125 مستوطنة في الضفة الغربية، و15 مستوطنة في القدس الشرقية، و7 مستوطنات في الخليل. ويشير المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصائيات إلى أن عدد المستوطين الإسرائيليين المقيمين في الضفة الغربية بلغ 400 ألف مستوطن بنهاية عام 2015، علماً بأن هذا الرقم لا يشمل المستوطنات الموجودة في القدس الشرقية. وتراوح عدد المستوطين المقيمين في القدس الشرقية بين 300 و350 ألف مستوطن في 2014. وتجدر الإشارة إلى أن الإحصائيات الإسرائيلية لا تشمل البؤر الاستيطانية التي لا تعترف بها الحكومة الإسرائيلية رسمياً، علماً بأن عددها يقارب المئة. ويصل عدد المستوطنين الموجودين في البؤر الاستيطانية إلى 5985 مستوطناً.

بحسب رئيس مجلس المستوطنات داني دايان، فقد وصل عدد المستوطنين الموجودين في الضفة والقدس الشرقية إلى قرابة 800 ألف مستوطن في 2015. وشهدت المستوطنات نمواً كبيراً في حجمها، إذ تم بناء 53.000 منزلاً للمستوطنين خلال الفترة الممتدة بين 1993 و2013.

الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية

ينص الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية (6 أيار/مايو 2004) على أن المستوطنات غير شرعية. وبينما تمت المصادقة عليه من جانب المجتمع الدولي ومؤسساته، لم تقبل به إسرائيل.

تحتل المستوطنات لب الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لأنها ذات تأثير حاسم على نسيج الحياة في الضفة الغربية. وعلى مر السنين، تم تعريف هذه المشكلة دائماً في المفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها واحدة من القضايا الجوهرية. وطالما لم تتوصل الأطراف المختلفة إلى اتفاق حول المستوطنات، فإن الحل السياسي للصراع في الشرق الأوسط يبقى بعيد المنال.

المستوطنات والقانون الدولي

منذ منتصف القرن التاسع عشر، أصبح القانون الدولي تدريجياً معياراً ثابتاً وملزماً لحقوق الإنسان ككل، وعلى وجه التحديد لسلوك الصراعات المسلحة. أبرزت قوة الذخائر في حوزة القوات المسلحة في العصر الحديث والدروس المستفادة من الحربين العالميتين، الحاجة إلى معيار من هذا القبيل، وتستمر عملية صياغته حتى في يومنا هذا.

تخضع حالات النزاع المسلح، بما في ذلك الاحتلال العسكري، لفرعين رئيسيين من القانون الدولي، وهما القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

القانون الدولي لحقوق الإنسان والمستوطنات

بدأ تطور القانون الدولي لحقوق الإنسان في أعقاب الحرب العالمية الثانية. تم وضع مبادئه الأساسية في البداية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، ووضعها في اثنتين من اتفاقيات الأمم المتحدة عام 1966. وقعت إسرائيل على هذه الاتفاقيات وصادقت عليها. حكمت لجنتا الأمم المتحدة المسؤولتان عن تفسير ورصد تطبيق هذه الاتفاقيات أنها تنطبق على أية منطقة تمارس عليها رقابة الحكومة، بغض النظر عن السيادة. واعترفت محكمة العدل الدولية والمحكمة الإسرائيلية العليا بتطبيق هذا الفرع من القانون الدولي على فلسطين، إلى جانب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

ينتهك إنشاء ووجود المستوطنات قائمة طويلة من حقوق الإنسان المنصوص عليها في هذه المعاهدات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

يتم انتهاك حق تقرير المصير نتيجة سيطرة المستوطنات على ما يقارب من نصف أراضي الضفة الغربية، والطريقة التي تنتشر فيها عبر الأراضي لمنع التواصل الجغرافي للعشرات من البلدات والقرى الفلسطينية. وهذا يقوّض إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للتطبيق، حتى ولو تم الاعتراف بمثل هذه الدولة من قبل المجتمع الدولي كإطار صحيح لممارسة الحق في تقرير المصير.

يتم انتهاك حق المساواة نتيجة تطبيق نظامين منفصلين للقانون لكل السكان المقيمين في الضفة الغربية. ففي حين يخضع المستوطنون اليهود الإسرائيليون إلى القانون المدني الإسرائيلي، يخضع السكان الفلسطينيون المقيمون تحت الاحتلال للقوانين العسكرية الإسرائيلية. منح حقوق مختلفة للمقيمين في نفس المنطقة وفقاً لهويتهم الوطنية يشكل انتهاكاً صارخاً لحق المساواة.

يتم انتهاك حق الملكية نتيجة لاستيلاء إسرائيل على الأراضي العامة والخاصة العائدة للفلسطينيين. منح الأراضي لصالح المستوطنات والانحراف الصارخ عن القوانين بسبب الإجراءات المعنية ينتهك هذا الحق.

كما يتم انتهاك الحق في مستوى معيشي لائق نتيجة إقامة المستوطنات في مناطق قريبة من المدن والقرى الفلسطينية، وبالتالي تقييدها أو منع توسعها. بالإضافة إلى أن الاستيلاء على أراضي الرعي والأراضي الزراعية أضرّ بمعيشة الأسر ومستوى المعيشة في كثير من الأحيان.

يتم انتهاك الحق في حرية التنقل بسبب حقيقة أن العديد من المستوطنات تقع بالقرب من الطرق الفلسطينية الرئيسية. فقد قيدت إسرائيل حركة الفلسطينيين في كثير من الأحيان على الطرق الرئيسية لحماية المستوطنات. بلغت هذه السياسة ذروتها مع اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول/سبتمبر عام 2000. واستمرت الذروة حتى عام 2009. يؤثر انتهاك هذا الحق أيضاً تأثيراً مباشراً على الحق في العمل والصحة والتعليم والحياة العائلية.

القانون الإنساني الدولي

كما يعرف القانون الإنساني الدولي بقوانين الحرب، وهو يحدد القواعد التي تحكم سلوك النزاعات المسلحة والالتزامات التي تلزم جميع الأطراف المعنية في هذه الصراعات. ينتهك إقامة المستوطنات اثنتين من المعاهدات الرئيسية للقانون الدولي الإنساني التي تدرج الأحكام المطبقة في الحرب والاحتلال: لوائح لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. وقّعت إسرائيل وصادقت على كليهما.

المبادئ الأساسية للقانون الدولي

الفترة الوقتية للاحتلال العسكري هي واحدة من المبادئ الأساسية للقانون الدولي. هذه الفترة هي مصدر القيود التي تنطبق على سلطة الاحتلال التي تخلق أرض الواقع في الأراضي المحتلة. تحدد مجموعة اتفاقيات لاهاي في المادة 55 القواعد التي تحكم الاستخدام القانوني للممتلكات العامة التي قد تقوم به القوة المحتلة، بما في ذلك الأراضي. يمكن لحكومة ما أن تدير أو حتى تستفيد من الممتلكات العامة للبلد المحتل، ولكن لا يجوز لها أن تغير طابعها وطبيعتها إلّا لأغراض عسكرية أو لصالح السكان المحليين. هناك ثلاث مواد إضافية في المعاهدة (46، 47، 52) تدافع عن الملكية الخاصة للشعوب الخاضعة للاحتلال.

كان هذا المبدأ الأساسي لمختلف المؤسسات والمسؤولين في المجتمع الدولي للتأكيد على أن المشروع الاستيطاني، الذي يتضمن مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات وهجرة المواطنين الإسرائيليين إليها، غير شرعي.

رد إسرائيل

ردّت إسرائيل على هذا التأكيد بطرق عديدة. في بادئ الأمر، ادّعت بأنه طالما أن الضفة الغربية و قطاع غزة لم تكونا خاضعتين لسلطة أية دولة معترف بها قبل أن تستولي عليها إسرائيل، لا يمكن اعتبارها أراضٍ محتلة، ولهذا لا تنطبق عليها المعاهدات ذات الصلة.

رفضت العديد من المؤسسات والدول والعلماء دولياً هذا الموقف، بل وحتى المحكمة العليا الإسرائيلية نفسها. قيل إن إمكانية تطبيق قوانين الاحتلال العسكري هنا، أو لا، تعتمد على فيما إذا كانت الدولة تمارس سيطرة فعلية خارج أراضيها وليس على وجود سيادة سابقة. قد يكون هذا النوع من التبعية من شأنه أن يترجم الأحكام بشكل لا طائل له، طالما في الغالب هذه المسالة متنازع عليها في كثير من الأحيان، في الماضي والحاضر.

كانت الحجة الإضافية لإسرائيل هي أن المجتمع الدائم هو “مصطلح نسبي لا أكثر ولا أقل”. تم رفض هذه الحجة أيضاً، لأن، وبدون شك، تحويل مساحة مفتوحة إلى مجتمع مدني مأهول هو تغيير جذري وبعيد المدى. واعتبار هذا النوع من التغيير مؤقتاً من شأنه أن يفسر الحكم بشكل لا معنى له.

إدخال تغييرات

كما ذكرنا أعلاه، يمكن لسلطة الاحتلال إدخال تغييرات على الأراضي المحتلة تحت ظروف معينة، وعلى نحو معين، طالما تم القيام بذلك لصالح السكان المحليين أو لتلبية الاحتياجات العسكرية. حاولت إسرائيل بالفعل أن تدّعي بأن إنشاء المستوطنات كان للاحتياجات العسكرية. إلا أن هذا الإدعاء أيضاً لم يقبل به المجتمع الدولي، لأنه على الرغم من إمكانية مناقشة تكاليف الأمن ومصلحة المستوطنات من وجهة نظر إسرائيلية، فمن الواضح تماماً بأن هذا لم يكن السبب وراء إنشائها. وفي الواقع، كان هذا العذر محاولة للاستفادة من حاجة الجيش كقناع لدوافع سياسية وعقائدية وإستراتيجية.

تنص المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه “لا يحق لسلطة الاحتلال أن ترحّل أو تنقل جزءً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”. تم الادعاء دولياً بأن هذه المادة تحظر إقامة المستوطنات. وعلى النقيض من ذلك، رفضت إسرائيل هذا الادّعاء، وادعت بأن “انتقال الأفراد إلى الأراضي طوعي تماماً”، وتم رفض ذلك دولياً لسببين: أولاً، لأن الهدف من الحظر هو الدفاع عن السكان المحليين من استيطان سكان غرباء في أرضهم؛ سواء كانت هذه الهجرة طوعية أو قسرية هو أمر في غير محله. ثانياً، مصطلح الحركة الطوعية في هذه الحالة مضلل. فإرادة المواطنين الإسرائيليين في الذهاب والعيش في فلسطين ما كانت لتتحقق في غياب تدخل الدولة الفعّال في بناء المستوطنات والحفاظ عليها. فدولة إسرائيل هي التي انتزعت الأرض وشرعت بإنشاء الغالبية العظمى من المستوطنات ووافقت عليها وخططت لها وموّلتها. كما تمنح إسرائيل مواطنيها حوافز اقتصادية للهجرة إلى المستوطنات وتتحمل مسؤولية أمنهم.

في 6 أيار/مايو 2004، قضت محكمة العدل الدولية في رأي استشاري بشأن الجدار بأن المستوطنات ككل تشكل انتهاكاً لاتفاقية جنيف الرابعة، وهي غير قانونية لأنها تنتهك مبدأ التزامن كما أنها أضرت بالسكان المحليين وأدت إلى تمييز شديد في الموارد والبنية التحتية.

وسائل تنفيذ سياسة الاستيطان

هناك ثلاثة طرق رئيسية تستخدمها إسرائيل والمستوطنون لإنشاء مستوطنات جديدة وتشجيع المواطنين الإسرائيليين على الذهاب والعيش فيها: مصادرة الأراضي؛ منح مزايا وحوافز اقتصادية؛ تطبيق نظامين للقانون في الضفة الغربية.

1#: مصادرة الأراضي

استقر اليهود الإسرائيليون على مر السنين في الضفة الغربية على الأراضي التي خصصتها إسرائيل لهم والأراضي التي لم يتم تخصيصها، بما في ذلك الأراضي الفلسطينية الخاصة. وفي كثير من الحالات، أجازت إسرائيل بأثر رجعي، وبطرق بيروقراطية، توطين الإسرائيليين في مختلف المناطق.

خلال العقد الأول من الاحتلال، صادرت إسرائيل أراضٍ في الضفة الغربية، في الغالب على أساس أمر عسكري ينص على أنه “تم القيام بذلك لضرورات عسكرية هامة”. وكان المقصود من استخدام هذا المبرر إضفاء الشرعية على المصادرة استناداً إلى القانون الدولي الذي يسمح لقوات الاحتلال بالاستفادة من الأراضي العائدة للشعب المحتل طالما تواجدت مثل هذه الحاجة. ففي البداية، تم إنشاء ما يسمى بمستوطنات ناحال – وهي مجتمعات تم بناؤها وإسكانها بالجنود الإسرائيليين من فرقة ناحال – على هذه الأراضي المصادرة التي اعتبرتها إسرائيل قواعد للجيش. ثم أصبحت مستوطنات ناحال لاحقاً مجتمعات مدنية.

قضية آلون موريه

عام 1979، أصدرت محكمة العدل الإسرائيلية العليا حكماً سابقاً على هذه الممارسة، فيما أصبح يعرف بقضية ألون موريه. وبعد الحكم، تناقص الاستخدام الإسرائيلي لهذه الأوامر بالاستيلاء على الأراضي وتخصيصها للمستوطنات بشكل كبير. ومع ذلك، لم تتم إعادة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بالفعل تحت هذه الذريعة إلى أصحابها في الغالبية العظمى من الحالات. وتشير قاعدة بيانات شبيغل (على اسم العميد باروخ شبيغل)، وهي قاعدة بيانات سرية تم إعدادها بناء على طلب عام 2004 من قبل وزير الدفاع شاؤول موفاز، ووثائق إضافية تتعلق بهذه المسألة، إلى أن ما لا يقل عن 31,000 دونم (7,660 فدان) تم استخدامها لإنشاء 42 مستوطنة تمت مصادرتها بعد هذه الممارسة.

رغم أن إسرائيل توقفت بالكامل تقريباً عن استخدام هذا المنهج لإقامة مستوطنات جديدة، إلا أنها استمرت بالاستفادة من الأمر العسكري السالف الذكر للاستيلاء على الأراضي لأغراض أخرى والتي تقع في صالح المستوطنين أيضاً. فعلى سبيل المثال، استخدمت الأمر لتمهيد طرقات المستوطنين الجانبية. وقد تم تطبيق هذه الطريقة بشكل أساسي من أجل “إعادة الانتشار” عام 1994 عقب الموافقة على اتفاق أوسلو.

الانتفاضة الثانية

أدى اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 إلى موجة جديدة واسعة من استخدام هذه الممارسة. دفعت الحاجة إلى حماية المستوطنين، الذين تعرضوا إلى هجوم في تلك الفترة، إسرائيل إلى تمهيد طرق جديدة لهم، لإغلاق شرائط الأراضي حول المستوطنات التي ضمت في الواقع مساحات واسعة من الأراضي الإضافية إلى أراضيها. ومنذ عام 2002، استخدمت إسرائيل مصادرة الأراضي على نطاق واسع لتلبية الاحتياجات العسكرية لتسهيل إقامة الجدار، تقريباً على كامل طوله الذي يقع داخل الضفة الغربية.

“أراضي الدولة”

في أعقاب الحكم على قضية ألون موريه عام 1979، أعلنت دولة إسرائيل بأنها ستقوم بتوسيع المستوطنات الحالية وإقامة مستوطنات جديدة على “الأراضي التي تملكها الدولة”. ومنذ ذلك الحين أصبحت التصريحات بشأن أراضي الدولة الوسائل الرئيسية للاستيلاء على الأراضي. ولهذا الهدف، تم إعلان 913,000 دونم (225607 فدان) أو 16% من الضفة الغربية كأراضي دولة. وتم إصدار التصريحات على أساس قانون الأراضي العثماني عام 1958. بالإضافة إلى حوالي 600,000 دونم إضافية من أراضي الضفة الغربية خلال فترة الانتداب البريطاني (1920-1948) والحكم الأردني (1948-1967). عام 2011، بلغت أراضي الدولة في الضفة الغربية 1,5 مليون دونم (370,658 فدان)، أو أكثر من ربع أراضي الضفة الغربية. حيث أن 75% من مناطق نطاق البلديات للمستوطنات وحوالي ثلثي مناطقها المبنية هي على أراضٍ محددة بهذه الطريقة.

تم الاستيلاء على الغالبية العظمى من هذه المناطق على أساس رأي النائب العام بليا ألبيك Plia Albeck، الرئيسة السابقة للإدارة المدنية في مكتب المدعي العام للدولة. وفق لتفسيرها للقانون: “كل أرض غير مسجلة (في مكتب تسجيل الأراضي) ولا يتم رعايتها هي أرض عائدة للدولة”. يختلف هذا الإدعاء الواسع بشأن ما يمكن اعتباره أراضي دولة كثيراً عن التفسيرات الشائعة لهذا القانون في صحيفتي التايمز البريطانية والأردنية، وهذا التفسير هو الذي سهّل مثل هذه المصادرة واسعة النطاق.

2#: المساعدات والحوافز الاقتصادية

تستند المساعدات المالية والحوافز الاقتصادية التي تمنحها إسرائيل للمستوطنات على إدراج معظمها في خطة ما يسمى بمناطق الأولوية الوطنية. يحصل السكان والسلطات المحلية للمجتمعات الذين يتم تعريفهم كجزء من مناطق الأولوية الوطنية على مساعدة حكومية في العديد من المجالات، بما في ذلك السكن والتعليم والصناعة والزراعة والسياحة. ووفقاً للهدف المعلن لهذه المساعدة، فالقصد منها هو تشجيع “استمرار الأجيال” بالبقاء في المجتمع وتعزيز الاستيطان طويل الأمد هناك لليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل، ودفع انتقال السكان من المناطق الأخرى، من داخل إسرائيل، إلى هناك. وبصفة عامة يقدم هذا الدعم للمجتمعات النائية البعيدة نسبياً عن وسط إسرائيل. وهذا ليس واقع المستوطنات، حيث أن معظمها قريب من المدن الإسرائيلية المركزية في السهل الساحلي والقدس.

تقوم وزارات مختلفة بإخفاء وثائق الأموال المخصصة للمستوطنات. حتى أن مؤسسات إسرائيلية رسمية، مثل مكتب مراقب الدولة التي كانت تدقق ميزانية وزارة الإسكان، اعترفت بأنها لا تستطيع جمع “حصة الميزانية المخصصة لليهودية والسامرة (الضفة الغربية)”. وبالتالي ليس من الممكن حساب التكلفة الإجمالية لهذه المساعدات.

الدعم المالي

لكن من الواضح أن الدعم المالي للمستوطنات لا يتوافق مع المعايير المقبولة في المناطق الأخرى الذي يعطى فيها، سواء من منظور الوضع المالي للسكان والحالة المختلفة للمجتمعات. أصبح ذلك واضحاً بشكل خاص عندما تم استبعاد المستوطنات من الحساب، والتي يشار إليها على أنها أراضٍ إسرائيلية فقط، وذلك من دراسة أعدتها وزارة الإسكان للآثار التي كانت لسلة المساعدات على المجتمعات المتلقية لها.

على سبيل المثال، ووفق وزارة الإسكان الإسرائيلية، هناك 104 مستوطنة مخوّلة للحصول على مساعدات مناطق الأولوية الوطنية. تعرّف الوزارة معظم المستوطنات على أنها ذات “أولوية من فئة أ”، وبالتالي مخولة للحصول على أكبر قدر ممكن من الدعم، بما في ذلك الحصول على خصم بنسبة 69% على قيمة الأرض في دفعات التأجير لبناء المساكن. كما تمنح الوزارة هذه المستوطنات إعانات تصل إلى 50% من كلفة تطوير البنية التحتية، وتقدم الدعم في شراء الشقق السكنية عن طريق قروض الرهن العقاري المدعومة.

وجد مكتب مراقب الدولة أن استثمار وزارة الإسكان في الفترة 2000-2002 كان أعلى بـ 5,5 أضعاف من الاستثمار المشابه في مناطق الأولوية الأخرى من فئة أ.

كما تمنح الوزارات الإسرائيلية الأخرى، مثل التعليم والصناعة والزراعة، المساعدات والحوافز المختلفة للسكان المستوطنين.

وجد خبير الاقتصاد الإسرائيلي، شير هيفر، أنه بينما يبلغ متوسط الدفوعات الحكومية للمواطن الإسرائيلي 40,000 شيكل سنوياً (حوالي 11,000 دولار)، يبلغ الاستثمار العام المدني والأمني للمستوطنين 93,000 شيكل (ما يقارب 25,800 دولار). ترتفع الحصة النسبية لهذه التكاليف من الميزانية الكاملة بصورة أكبر من أي وقت مضى، منذ أن ازداد عدد السكان الإسرائيليين بمعدل 1,8% سنوياً وميزانية الدولة بمعدل 2,3% وعدد المستوطنين الإسرائيليين بمعدل سنوي يبلغ 7%.

3#: نظامان قانونيان

كجزء من محاولة تشجيع مواطنيها على الانتقال إلى الضفة الغربية، بذلت إسرائيل الكثير من الجهود لـ “طمس” الخط الأخضر. تتجلى العديد من هذه الجهود في جوانب مادية، بينما يستحيل ببساطة معرفة مكان الحدود في الماضي في كثير من الأراضي. بالإضافة إلى ذلك، القصد من هذه الجهود، بطرق أخرى أكثر دقة، هو تقليل الشعور بانفصال المستوطنين عن إسرائيل.

على ما يبدو، الضفة الغربية بأكملها، بصرف النظر عن تلك الأراضي المضمومة إلى القدس، تقع تحت الحكم العسكري، وجميع المدنيين الذين يقيمون في هذه المنطقة يخضعون للقانون العسكري. ومع ذلك، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي في تموز/يوليو عام 1967 مرسوماً على أساس شروط الطوارئ التي كانت تطبق الكثير من القوانين الإسرائيلية على المستوطنين. وقد وسّع الكنيست الإسرائيلي هذه الأحكام مراراً وتكراراً، ووفق هذه الأحكام تتم محاكمة المواطنين الإسرائيليين الذين يرتكبون الجرائم في فلسطين في المحاكم المدنية الإسرائيلية.

بهذه الطريقة، أصبح هناك نظام قانوني مزدوج يطبق في الإقليم الواحد، والهوية الوطنية للمواطن هي المعيار لقرار أي من النظامين القانونيين سيطبّق. ففي حين يخضع المواطنون الإسرائيليون للقانون المدني، يطبّق القانون العسكري على الفلسطينيين الذين هم رعايا الاحتلال. إن الاختلافات بين نظامي القانون ملحوظ في كل من المراحل التالية: طول مدة الاعتقال المسموح بها قبل السماح للمتهمين بمقابلة محام أو تقديمهم إلى القضاء، العقوبة القصوى، إمكانية الإفراج المبكر، وغيرها.

وفق القانون الدولي، طالما هناك أرض محتلة، لا بد من تطبيق القانون العسكري على جميع المدنيين المقيمين هناك. إن الحكم على شخصين ارتكبوا نفس الجريمة بنظامين قانونيين مختلفين وقوانين مختلفة هو تمييز عنصري.

غوش إيمونيم

بالإضافة إلى دوافع الأمن القومي وراء إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، هناك دافع آخر، لا يقل معنى، يجمع بين الأبعاد الدينية والتاريخية والوطنية. ففي هذه الجبهة الوطنية والدينية، لعبت غوش إيمونيم (كتلة المؤمنين) دوراً مركزياً وحاسماً. فقد كانت حركة وطنية ودينية عملت على إنشاء وتوسيع وتعزيز بناء المستوطنات الإسرائيلية، غالباً في الضفة الغربية. كما كانت هذه الحركة نشطة في قطاع غزة حتى الانسحاب الإسرائيلي عام 2005.

تأسست غوش إيمونيم في شباط/فبراير عام 1974 كردة فعل على الأزمة التي مر بها المجتمع الإسرائيلي في أعقاب حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973. فمنذ بدايتها، مثلت غوش إيمونيم مزيجاً فريداً من القيم والحقوق والأهداف، بما في ذلك اليهودية والصهيونية والحق في الاستيطان والأمن والخلاص. وبشكل مماثل، جمع أعضاؤها بين المعتقدات المركزية للحركة الصهيونية الأولى، مثل استرداد أرض إسرائيل والاستيطان فيها، مع الإيديولوجية الدينية الراديكالية التي كانت تدعو إلى إنشاء أرض إسرائيل الكبرى؛ الواجب الديني الذي كان جزءً من تنفيذ خطة إلهية شاملة.

البنية التحتية الأيديولوجية

استمدت البنية التحتية الأيديولوجية لغوش إيمونيم من تركيب ثلاثة عوامل رئيسية والجمع بينها: شعب إسرائيل؛ وتوراة إسرائيل؛ وأرض إسرائيل. فمن وجهة نظرهم، كان شعب إسرائيل مختلفاً بشكل أساسي عن بقية شعوب العالم، الاختلاف الذي يستمد منه الدور الفريد لهذا الشعب. كانوا يعتقدون بأن مهمة الشعب اليهودي مستمدة من واجب الكتاب الإلهي المقدس والالتزام بما يشمله، من بين غيرها من الأمور، من استيطان أرض إسرائيل، والتي تمتد على أرض أكبر بكثير من أرض إسرائيل الحالية. وفي قلب أرض إسرائيل هناك أراضي الضفة الغربية التي شهدت العديد من الأحداث التأسيسية للشعب الإسرائيلي.

كان الحاخام تسفي يهودا كوك، نجل وخليفة الحاخام إبراهيم اسحق كوك، هيئة التحكيم الرئيسية ومرشد قادة الحركة. وبعد حوالي شهر من تأسيس غوش إيمونيم، نشرت صحيفة جيروزاليم بوست دعوته: “هذه الأرض كلها لنا، بأكملها، تنتمي إلى كل واحد منّا. ولا يمكن إعطاؤها لآخرين، ولا حتى جزئياً… الآن وإلى الأبد، هذه المسائل واضحة ومطلقة، فلا يوجد “أراضٍ” ولا “عرب [فلسطينيين]” ولا “أراضٍ عربية”. بل بالأحرى جميع الأراضي اليهودية، ميراث أجدادنا الخالد.

وجهة النظر الأساسية

شكلت هذه الرؤية وجهة النظر الأساسية لأعضاء غوش إيمونيم بشأن سكان الأرض الفلسطينيين. فقد رفضوا تماماً أي مطلب فلسطيني بالتعبير الوطني في “اليهودية والسامرة”، ولم يعترفوا بوجود “الشعب الفلسطيني” كمجموعة. لكن لم يكن هناك إجماع في الرأي فيما بينهم حول أفضل طريقة للتعامل مع وجود الفلسطينيين في المنطقة. ارتأت إحدى المقاربات بأن طردهم “أولاً وقبل كل شيء مهمة صهيونية لا تقل أهمية، بل ربما أكثر أهمية حتى، عن استيطان اليهود في الأرض”، في حين أيّد آخرون تطوير “الحياة الطبيعية نسبياً مع الجيران طالما ليس لهم وطن قومي”.

كان الموقف المزدوج لأعضائها تجاه حركة إسرائيل جزءً من سر قوة الحركة. فمن ناحية، اعتبروها “دولة ينبثق ويشرق منها نور المسيّا (المسيح)”، على حد قول الحاخام حاييم دروكمان وهو يصف موقف كوك وهو يرثيه، حتى أنه “اعتبر الدبابات والمدافع والطائرات التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي أدوات دينية مقدّسة، لأنها تخدم الأمر الإلهي باستيطان أرض إسرائيل”. ومن ناحية أخرى، وعلى مستوى بعيد الغور ومماثل، تصوّروا إسرائيل، مذ كانت دولة قومية حديثة، كأداة ينبغي استخدامها بحكمة.

كما يتجلى هذا الموقف المزدوج في الممارسات السياسية التي كانوا يستخدمونها. فقد اعتنقوا الروح التأسيسية للحركة الصهيونية، واعتبروا (وقدّموا) أنفسهم على أنهم الورثة الحقيقيون لمؤسسي الدولة وخلفاؤهم. كما حافظوا على اتصال دائم مع المستويات العليا للنظام الإسرائيلي وعملوا تدريجياً على إدماج أنفسهم في الأمن المركزي والمؤسسات التعليمية والسياسية في إسرائيل. إلا أنهم لم يترددوا في المشاركة في النشاط المتطرف عندما شعروا بالضرورة لذلك، بما في ذلك خرق القانون والاشتباك مع قوات الأمن الإسرائيلية. وبهذه الطريقة، كانوا يعربون عن عزمهم والتزامهم بأمر أكبر وأكثر أهمية من إطار الدولة. وهذا ما ساعدهم على توظيف أعضاء شباب جدد واكتساب النفوذ على رجال السياسة الإسرائيليين الذين كانوا يخشون مواجهتهم.

الحكومة اليمينية

أدخل تشكيل الحكومة اليمينية عام 1977 تغييراً إلى مناهج الحركات. أسفر تخفيض الحاجة إلى وضع ضغوط سياسية على الحكومة، كون الأخيرة كانت تحمل إيديولوجية مماثلة، عن تراجع أنشطة غوش إيمونيم باعتبارها حركة احتجاج شعبية والى إضفاء الطابع المؤسساتي على الأجنحة التنفيذية. عام 1979، أسسوا أماناه Amanah، جناح تابع للحركة مسؤول عن إنشاء ودعم المستوطنات الجديدة. وفي نهاية عام 1980، أسسوا مجلس Yesha Council، منظمة غير حكومية توحد رؤساء المجالس والبلديات للسكان المستوطنين.

حركة السلام الآن

أشارت دراسة استقصائية واسعة النطاق أجرتها حركة السلام الآن، وهي حركة إسرائيلية معارضة للمستوطنات، اعتباراً من عام 2002، بأن “المستوطنين الأيديولوجيين” الذين تم تصنيفهم تاريخياً مع غوش إيمونيم، كانوا يشكلون نحو 40% من مستوطني الضفة الغربية. وتم اعتبار حوالي 30% إضافيين على أنهم “مستوطني مستوى المعيشة” الذين هاجروا إلى المستوطنات بدوافع مالية ودوافع متعلقة بنوعية حياتهم. وحوالي 30% إضافيين من اليهود الحريديم، الذين يفضلون العيش في الضفة الغربية لأسباب مالية ولإمكانية العيش في مجتمعات متجانسة. وعلى الرغم من انخفاض عدد “المستوطنين الأيديولوجيين” بالنسبة للعدد الإجمالي للمواطنين في إسرائيل، كان لغوش إيمونيم تأثيراً قوياً على المشروع الاستيطاني والمجتمع ككل، حتى بعد سنوات من اندثار الحركة.

المستوطنات في القدس الشرقية

أنقر للتكبير

Israeli settlements in east jerusalem

القدس الشرقية ليست مصطلحاً جغرافياً وإنما سياسي بالأكثر، له علاقة بالأراضي الواقعة ضمن أراضي الضفة الغربية، وشرق وشمال وجنوب القدس الغربية. تم ضم هذه الأراضي من قبل إسرائيل بعد سبعة عشر يوماً من الانتهاء من عملية احتلال الضفة الغربية من المملكة الأردنية عام 1967. يعتبر ما يسمى بـ “مشكلة القدس” المشكلة الأكثر حساسية وتعقيداً في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، كون كلا الجانبين يعتبران هذه المدينة المركز التاريخي والديني لهما، كما عاصمتهما.

عشية حرب عام 1967، كانت القدس الغربية، كعاصمة لدولة إسرائيل، والتي تمتد على 38 كم2، موطناً لـ 150,000 يهودياً إسرائيلياً. وكان الجزء الأردني من القدس في تلك الفترة يتضمن نحو 6 كم2 يقطنها 9000 فلسطيني.

حرب 1967

بتاريخ 27 حزيران/يونيو عام 1967، سنّ الكنيست قانوناً ينص على أن “القانون والسلطة القضائية وإدارة الدولة ستكون نافذة المفعول في كل إقليم من أرض إسرائيل التي قررتها الحكومة في مرسوم”.

وفي اليوم التالي، أصدرت الحكومة مرسوماً بتطبيق هذا النص على الحدود البلدية الجديدة، والتي وضعتها لجنة خاصة. وقد شملت حوالي 71,3 كم2، بما في ذلك ما يسمى بـ “القدس الأردنية” بالإضافة إلى 28 قرية فلسطينية حولها. في ذلك الوقت، كان حوالي 70,000 نسمة يقيمون في تلك الأرض. تم تطبيق القانون الإسرائيلي على الأراضي المضمومة حديثاً من جانب واحد، وتم رفضه من قبل المجتمع الدولي والمؤسسات.

قانون القدس

بتاريخ 30 تموز/يوليو عام 1980، سن الكنيست القانون الأساسي: القدس عاصمة إسرائيل، كما يعرف أيضاً بقانون القدس، والذي نص على أن: “القدس، كاملة وموحدة، هي عاصمة إسرائيل”. وتبع هذا التصريح الرمزي المجرد إدانة سريعة من قبل مجلس الأمن الدولي. وفي 20 آب/أغسطس عام 1980، حكم مجلس الأمن ببطلان هذا القانون وأنه يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وأيده أربعة عشر عضواً وامتنعت الولايات المتحدة فقط عن التصويت.

مستوطنات يهودية في القدس الشرقية اضغط للتكبير
مستوطنات إسرائيلية في القدس الشرقية

تصنيف المستوطنات
يمكن تصنيف المستوطنات في القدس الشرقية إلى قسمين: ما يسمى بالأحياء الجديدة التي أسستها الحكومات الإسرائيلية، وجيوب من المستوطنات الصغيرة المقامة في قلب الأحياء الفلسطينية والقرى، ومعظمها داخل المدينة القديمة وحولها.

منذ عام 1967، سعت الحكومة الإسرائيلية إلى هدفين: التأكد من عدم تحول القدس الشرقية إلى عاصمة للدولة الفلسطينية، وذلك عن طريق عزلها عن بقية الضفة الغربية؛ والحفاظ على أغلبية يهودية في الحدود الجديدة للقدس عن طريق مسح الخط الأخضر وتشجيع هجرة السكان اليهود إلى المدينة الشرقية. وتحقيقاً لهذه الغاية، صادرت إسرائيل حوالي 30% من الأراضي المضمومة، وأقامت اثني عشر حياً كبيراً جديداً فيها. لا يعتبر النظام ولا الغالبية العظمى من عامة الشعب هذه الأحياء مستوطنات وإنما جزء لا يتجزأ من المدينة.

المجتمع الدولي

يعتبر المجتمع الدولي هذه المنطقة كجزء من الأراضي المحتلة، وينبغي تحديد مستقبلها من خلال المفاوضات. لكن هناك العديد من الاقتراحات لتسوية النزاع، بما في ذلك مبادرة جنيف و معايير كلينتون، التي تقبل ما جرى على أرض الواقع وتنص على أن “المبدأ العام هو أن المناطق العربية فلسطينية والمناطق اليهودية إسرائيلية”. وفق هذه المقترحات لن يتم تقسيم القدس وفق مسار الخط الأخضر، وإنما بالأحرى ستعد أراضي الأحياء اليهودية التي بقيت في يد إسرائيل كجزء من حساب “مقايضة الأرض”.

في السبعينات والثمانينات، منع النظام الإسرائيلي إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في قلب الأحياء الفلسطينية في المدينة، ولكن في التسعينات تغير هذا في سياق اتفاقات أوسلو في منتصف ذلك العقد، والتي نوقشت خلالها مسألة القدس أيضاً. كان ردّ المعارضين لتقسيم المدينة زيادة جهودهم الرامية إلى خلق أرض الواقع التي من شأنها أن تعيق هذه العملية، في حين تركزت أنشطتهم على المدينة القديمة والحوض المقدّس، والتي هي صلب الخلاف. تمت إقامة هذه المستوطنات بشكل نموذجي من قبل منظمات استيطانية خاصة غير حكومية، مع أنها تحصل على الحوافز والدعم من الحكومة.

منظمة إيلاد

خارطة القدس الشرقية وحي سلوان
خارطة القدس الشرقية وحي سلوان

حي سلوان، الذي يقع إلى جانب المدينة القديمة حيث يقيم حوالي 40000 فلسطينيي، يوضح ذلك جيداً. بدأت منظمة إيلاد Elad (الاختصار العبري لـ “إلى مدينة داوود”، الاسم اليهودي التاريخي لهذه المنطقة) أنشطتها في التسعينات في محاولة توطين اليهود في المنطقة. وقد حدّد أدي مينتز، عضو في إدارة إيلاد، الغرض من هذا الإجراء في مقابلة في 23 نيسان/أبريل عام 2006، في صحيفة هآرتس: “إن هدفنا هو الحصول على موطئ قدم في القدس الشرقية وخلق وضع لا رجعة فيه في الحوض المقدس حول المدينة القديمة”.

كانت الدوافع الوطنية والدينية لإيلاد متوافقة مع نوايا المسؤولين الرئيسيين في الإدارة الإسرائيلية. والدعم الحكومي الذي يتلقونه، بالإضافة إلى غيره من الأمور، هو بمثابة منحة استثنائية بالسماح بإدارة حديقة وطنية وتخصيص عشرات ملايين شيكل من وزارة الإسكان لهم لتمويل شركة الأمن الخاصة لحماية المستوطنين في سلوان وما حولها.

على الرغم من العدد الصغير نسبياً للمستوطنين في هذه الجيوب، والذي وصل إلى ألفي نسمة عام 2010، فإن تأثيرهم قوي على الوضع في القدس، وذلك بسبب الاحتكاك المستمر بينهم وبين السكان الفلسطينيين والحساسية العالية للأماكن التي اختاروها للاستيطان.

بحلول نهاية عام 2008، كان حوالي 456,000 نسمة يقيمون في القدس الشرقية. وهم يشكلون 60% من السكان المقيمين داخل حدود بلدية القدس. كان هناك 195,500 أو 43% من اليهود و 260,800 أو 57% من الفلسطينيين.

Advertisement
Fanack Water Palestine