وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

سوريا: التمرد ومجزرة حماة عام 1982

صورة تظهر آلة تقليدية لرفع المياه للري على نهر العاصي في مدينة حماة بوسط سوريا.
صورة تظهر آلة تقليدية لرفع المياه للري على نهر العاصي في مدينة حماة بوسط سوريا. Photo by LOUAI BESHARA / AFP

 

رغم سيطرته على الدولة، واجه حافظ الأسد تحدياً خطيراً مع اندلاع ثورة بقيادة الفرع السوري لجماعة الإخوان المسلمين، وهي حركة سنيّة متطرفة تأسست في الأصل في مصر عام1928 ولها فروع في جميع أنحاء المنطقة. عارض الإخوان المسلمون، مثل جميع الجماعات المحرومة من أي منفذ شرعي للنشاط السياسي، علمانية النظام وقاعدته العلوية (يعتبر السنّة المحافظون العلويين هراطقة).

عام 1976، شن مقاتلو الإخوان المسلمين حملة اغتيالات ضد كبار العلويين وشخصيات النظام؛ وفجروا رموز النظام، مثل مقرات القيادة العسكرية وفروع المخابرات. تصاعدت وتيرة الحملة العسكرية، وأصبحت الهجمات أكثر جرأة وإثارة. في حزيران/يونيو 1979، على سبيل المثال، قُتل 200 طالب عسكري علوي في هجوم على كلية المدفعية بحلب.

لم يكن الإسلاميون الجزء الوحيد من المجتمع المهضومة حقوقهم. حيث لم يحظ تدخل الجيش السوري في لبنان ضد تحالف المسلمين/الفلسطينيين/اليساريين الذين كانوا يقاتلون ضد اليمينيين، وأغلبهم من الموارنة المسيحيين المدعومين من قبل إسرائيل، بأية شعبية في سوريا.

إضافة إلى فساد نخبة الأسد، والمحسوبية التي كان العلويون يتمتعون بها في التعيينات الرسمية، والصلاحيات الواسعة للمخابرات. كما كان الاقتصاد، الذي نما بسرعة في أوائل سبعينات القرن العشرين، في حالة ركود في ذلك الوقت، وكان التضخم المتصاعد يعرّض أصحاب الدخل المنخفض إلى مصاعب خطيرة.

وإلى جانب الإرهاب الإسلامي، واجه النظام على نحو متزايد انتقادات شديدة من المثقفين والمهنيين والنشطاء من أحزاب المعارضة العلمانية. وتم تنظيم إضرابات احتجاجية من قبل الجمعيات المهنية، مثل الأطباء والمهندسين، والتي تمكنت من الحفاظ على استقلاليتها عن الدولة.

في الوقت الذي رد النظام بوحشية متزايدة على عنف الإسلاميين الدموي، تحرّك أيضاً لسحق المعارضة اللاعنفية وغير الإسلامية. فقام بحل جمعيات المحامين والمهندسين والأطباء عام 1980 وسجن زعمائها. وتم اعتقال الآلاف من الإسلاميين المشتبه بهم، فضلاً عن مئات المثقفين والناشطين من أحزاب المعارضة العلمانية.

لم تستمر الثورة الوطنية ضد البعثيين أكثر من ثلاثة أسابيع في وسط مدينة حماة في شباط/فبراير وآذار/مارس عام 1982، وكانت ردة فعل النظام شرسة. تم قصف المدينة بالمدفعية وراجمات الصواريخ، ودمّر الكثير من مركزها التاريخي، بما في ذلك المسجد الكبير. وتتراوح تقديرات أعداد القتلى من 5000 إلى أكثر من 20,000.

Advertisement
Fanack Water Palestine