وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ثقافة سوريا

ثقافة سوريا
رجل سوري يصنع مكانس في مدينة إدلب الشمالية الغربية التي تسيطر عليها المعارضة في 14 كانون الأول 2020.(Photo by OMAR HAJ KADOUR / AFP)

المقدمة

لم تكن ثقافة سوريا بمنأى عن أزمة اللجوء والشتات التي كابدها ويكابدها السوريون منذ اندلاع الأزمة في البلاد في مارس من العام 2011م. فقد ارتحلت الثقافة السورية أيضاً عبر غير وسيلة، بما فيها القفز إلى مراكب الصيد الخطرة، كما فعل عدد هائل من السوريين، وعبر جانب مهم من الثقافة، حدود المكان إلى اللا مكان بعيداً عن مهدها، حيث لا براميل متفجرة، ولا رايات سود، ولا جحافل لجيوش متصارعة.. وتمزقت أوصال حضارة وثقافة قديمة قِدم التاريخ البشري، تماماً كما تمزقت أوصال الأسر السورية في سَفر الهروب من العنف.

فإلى حيث يمكن للأوراق والأقلام والأحبار والألوان أن تجد لها ملاذاً آمناً، وهدأةً، تسمح للخواطر الإبداعية أن تتهادى سيلاً ودفقاً على الساحة الثقافية العربية والعالمية من جديد، ذهب معظم مبدعي البلاد، من أشهر الكتاب والأدباء والفنانين التشكيليين على المستوى العربي وربما العالمي، وكذلك العاملين في حقول الموسيقى والمسرح والسينما، من السوريين الذي أثروا الحياة الثقافية العربية على مدى عقود طويلة، هؤلاء ممن لا تتسع لهم سطورنا لتعدادهم.

كما تعرض تراث سوريا الثقافي على مدى العقد الأول من الأزمة إلى مخاطر وحالات من النهب والسرقةوالاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية دون أن تُرى أو تُحل، وكذلك دمرت مواقع ومعالم أثرية هامة أو لحقها ضررٌ كبيرٌ، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ( اليونسكو )..

ذاع صيت المطبخ السوري، وأطباقه الفريدة، في ربوع المهجر، ونشطت الدراما العربية الممولة خليجياً بأعمال الفنانين السوريين. وسطرت الثقافة السورية صفحات ثقافية بنكهة الأحداث الجارية في بلادهم.

وفي الداخل وعلى الرغم من تدمير أكثر من 70% من المراكز الثقافية نتيجة وقوع عدد كبير منهافي المناطق الساخنة، لكن كان من اللافت ارتفاع عدد الأعمال المسرحية والسينمائية بشكل كبير مقارنة بما كان يتم إنتاجه فبل عام 2011م، وفق دراسات.

وبالطبع غابت المشاركات الفنية السورية الخالصة عن الفعاليات الثقافية في المنطقة، نتيجة عزلة الرئيس السوري بشار الأسد عن محيطه العربي، لذلك تمر الندوات الأمسيات والمهرجانات في سماء الثقافة في الوطن العربيوحول العالم، دون وجود جناح يمثل سوريا، سوى تلك المشاركات الفردية لمن يعيشون خارج أسوار البلاد، والذين قد لا يمثلون الثقافة السورية بأوجهها المتنوعة والمختلفة، كما تخبو أسماءٌ بارزة من المبدعين الموالين للسلطة السورية ومعارضيها، عن عالم الفكر والثقافة.

للمزيد حول ثقافة سوريا بمختلف جوانبها، يرجى الاطلاع على ما تناولته فنك حول هذا الملف.

الحرف

كانت دمشق وحلب في الماضي على طريق الحرير. ولا يزال الحرير يباع في الأسواق، كما لا يزال الحرير والملابس الأخرى تصنّع في المصانع الصغيرة والمنازل، كما التطريز. ولكن هذا يتم في الأجواء العائلية وليس على نطاق واسع. وهناك نوعان من الحرف الرئيسية الأخرى التي لا تزال تمارس في سوريا. إحداهن صنع المجوهرات من الذهب والفضة، والأخرى هي تطعيم الخشب.

الأدب

كمركز من مراكز الثقافة العربية، ساهمت سوريا بشكل كبير في الأدب العربي في القرون الوسطى. وقد أنتجت العديد من الكتّاب، بمن فيهم الشاعر ذو التأثير الكبير أبو تمّام، والشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعري والعلاّمة الشهير ابن العبري.

كتب المؤرخون الدمشقيون والحلبيون تاريخ البلاد. على سبيل المثال، معظم ما هو معروف عن الحروب الصليبية مأخوذ من كتابات مؤرخين مثل ابن القلنسي (1073-1160)، والفارسي عماد الدين الأصفهاني (1125-1201)، وبهاء الدين بن شداد (المولود في الموصل 1145-1234)، والكردي ابن الأثير (1160-1233)، وأبو شامة (1203-1267). وكان الشخصية المميزة الأمير أسامة بن منقذ (1095-1188)، والذي كان كاتباً وسفيراً، وكان يعرف نور الدين وصلاح الدين وحكام آخرين كثر شخصياً. وفي القرن الحادي عشر، قدّم الفيلسوف والشاعر والكاتب السوري أبو العلاء المعري وجهات نظر تشاؤمية بشكل ملحوظ، وذلك برفضه اليقينية الجزمية واحتكار الحقيقة في الدين.

أبو تمّام

وُلد أبو تمّام في دمشق (805-845) من أب مسيحي صاحب خان. تحوّل إلى الإسلام وغيّر اسمه واخترع لنفسه نسباً عربياً وهمياً. عمل في دمشق كنسّاج وفي القاهرة كبائع ماء، ومن ثم بدأ يدرس الشعر في فترة لاحقة. نشأت سمعته بعد ان وجد نعمة عند الخليفة المعتصم. وهذا ما مكّنه من السفر. وعند عودته من إيران، بدأ بتأليف ديوانه الكبير “الحماسة”. تعالج مجموعة القصائد الأحداث المعاصرة ذات الأهمية التاريخية. وبينما يتميز بشكل عام بإتقانه للغة العربية، إلا أن استخدامه المفرط للأدوات الشعرية لم تلقَ تقديراً عند جميع النقاد.

المعري

قضى هذا الشاعر المبدع للغاية والمتشائم والأعمى، والذي اتّهم بالزندقة أكثر من مرة، كل حياته في قرية إلى الجنوب من حلب، تدعى معرة النعمان. عام 1008، وبعد ثلاث سنوات من موت أبيه، ذهب المعري (973-1058) إلى بغداد. إلا أنه على الرغم من ذاكرته وسعة معرفته ومهاراته الفائقة، لم ينجح في كسب عيش كريم هناك. فعاد إلى بلدته، وعاش في مرارة باقي أيام حياته. ومن أفضل أعماله الشعرية “سقط الزند” (مجموعة من أوائل قصائده) و “لزوم ما لا يلزم” (عمل لاحق). وتعتبر “رسالة الغفران” (رؤية ساخرة لحياة الجنة) واحدة من أكثر أعماله أهمية. كما عُرف المعري بشكوكه في الدين.

ابن العبري

وُلد ابن العبري (1226-1286) في أرمينيا باسم أبي الفرج ابن هارون الملطي. حثّه والده، اليهودي الأصل والمتحوّل إلى المسيحية، على مواصلة تحصيله العلمي. درس أبو الفرج الطب مع والده والبلاغة وعلم اللاهوت في أنطاكيا وطرابلس. مع أنه تم تنصيبه أسقفاً عندما بلغ العشرين من عمره، إلا أن واجباته الأسقفية لم تمنعه عن تأليف وإعادة ترتيب وترجمة مجموعات من النصوص العربية الكلاسيكية والفلسفية. كما أنه كتب أطروحات عن القواعد وعلم الفلك والرياضيات والطب والفلسفة وعلم اللاهوت والتاريخ. من أعماله الرئيسية موسوعة الفلسفة، “زبدة الحكمة”، علّق فيها، بالتقليد الأرسطي، على كل فرع من العلوم الإنسانية. وقد كتب باللغة السريانية على الأغلب، كما بالعربية التي كانت مشتركة في ذلك الوقت. واللافت للنظر هو تنوّع كتاباته وحجمها وسعة اطّلاعه. إضافة إلى ذلك، عززت براعته السياسية والدينية من التبادل الثقافي بين العالمين المسيحي والإسلامي.

الأدب والتاريخ

يشمل الأدب أكثر من المعنى الذي يفهمه الغرب. فأحد فروع الأدب هو علم التأريخ. هناك العديد من المؤرخين السوريين الجديرين بالذكر. كتب الأستاذ الدمشقي وعالم فقه اللغة أبو شامة (1203-1267) “كتاب الروضتين” (مجموعة من المصادر الإسلامية الأولى حول الحملات الصليبية موشاة بملاحظاته الخاصة). ويعتبر “ذيل تاريخ دمشق” لابن القلانيسي (1070-1160)، رجل سياسة وابن عائلة دمشقية شهيرة، قصة الحملة الصليبية الأولى من منظور إسلامي، وبالتالي مصدراً هاماً للمؤرخين. وكتب أسامة ابن منقذ (1095-1188)، شاعر ومن أصول نبيلة، مجموعات مختارات أدبية عديدة. واليوم يُعرف من مؤلفه “كتاب الاعتبار”. من وجهة نظر أدبية، يعتبر هذا الكتاب الأكثر إثارة للاهتمام من بين مؤلفاته الثلاثة. ووصفه للصليبيين (والذين كان له معهم لقاءات متكررة داخل ميداين المعارك وخارجها) بالخسة والغباء التام مفعم بالحيوية والفكاهة.

المؤرخ الآخر هو ابن كثير (1300-1373، من مواليد البصرى)، وكان أحد أشهر المؤرخين والتقليديين السوريين في عهد المماليك (البحرية). في نهاية حياته حصل على درجة بروفيسور في التفسير القرآني من المسجد الأموي في دمشق. وقد كتب أحد الأعمال الرئيسية في تاريخ العصر المملوكي، “البداية والنهاية”، والذي لا يزال يُقرأ على نطاق واسع.

كان عبد الغني النابلسي (1641-1731) شاعراً وكاتباً صوفياً. وكان من عائلة دمشقية عريقة. في سن ميكرة، أظهر اهتماماً بالصوفية وقضى سبع سنوات في عزلة في منزله يدرس ابن العربي وآخرين. كانت إحدى قصائده الأولى ذات براعة فنية راقية إلى حد التشكيك بؤلفها؛ وقد دافع عن نفسه بكتابة شرح لها. سافر عبد الغني كثيراً وكتب أكثر من 200 كتاب. لا تقتصر أعماله على الصوفية والشعر، وإنما شملت قصص رحلات (صوفية) وأطروحات حول مواضيع متنوعة وواسعة، مثل المراسلات والنبوءة وتفسير الأحلام ومسألة شرعية استخدام التبغ. ومع أنه كان مفكراً أصيلاً، إلا أن الكثيرين يعتبرون قصص رحلاته على أنها أكثر كتاباته أهمية.

كان أحمد البديري الحلاق، حلاق دمشقي، من عائلة غير مرموقة وأقل إنتاجاً من أترابه الأدباء. وتشمل مفكرته الفترة ما بين عامي 1741 و 1762، وتحتوي على معلومات مفيدة حول الحياة اليومية في دمشق في القرن الثامن عشر.وفي القرن التاسع عشر، عندما بدأت الرقابة العثمانية تكبت الكتّاب والمثقفين – على نقيض الجو الأكثر حرية في مصر – هاجر الكثيرون إلى مصر، وأعداد مماثلة إلى أمريكا.

الأدب الحديث

للأدب العربي المعاصر أساس في النهضة، حركة النهضة الثقافية التي بدأت في مصر خلال القرن التاسع عشر، رغم أن بعض جذورها قد تعود إلى فترة سابقة. تطورت النهضة من حدثين متناقضين ظاهرياً: اللقاء مع الثقافة الأوروبية، وإعادة تقييم التراث الثقافي العربي الكلاسيكي. لعب المثقفون اللبنانيون والسوريون من خلفية مسيحية، الذين حافظوا تقليدياً على علاقات وثيقة مع الكنيسة الكاثوليكية الأوروبية، دوراً هاماً في الحركتين. نتيجة لاضطهاد السكان السكان المسيحيين والدروز في الستينات، هاجروا بأعداد كبيرة إلى مصر، حيث ساهموا بشكل كبير في النهضة. كان من بين ممثلي النهضة الأدبية السوريين واللبنانيين الأوائل: سليم البستاني (1846-1884)، الذي ترجم بتصرّف الأدب الفرنسي بالدرجة الأولى؛ وفرنسيس المراش (1836-1873)، مؤلف قصائد نثرية أثرت بعمق في الشاعر الأمريكي اللبناني الشهير جبران خليل جبران؛ ومعروف أحمد أرناؤوط (1892-1948)، الذي قدم الرواية التاريخية إلى الطيف الأدبي.

الرواية السورية المعاصرة

يتفق العديد من النقاد والباحثين على أن أول رواية أدبية تستحق الجدارة كانت نهم (1937)، وهي عمل رومانسي للغاية، من تأليف شكيب الجابري (1912-1996). تميزت فترة الأربعينات والخمسينات بالتحول التدريجي والواضح من الرومانسية نحو الواقعية (الاجتماعية)، بتأثر من كتاب روس مثل مكسيم غوركي. ظهرت أول رواية واقعية عام 1954، من تأليف حنا مينا (حوالي 1924)، مؤيد متحمس لنظام البعث، والذي لعب دوراً رئيسياً في تطوير الرواية السورية من الخمسينات وحتى أيامنا هذه.

كانت الاتجاهات الأدبية الأخرى في الستينات: ثورة دون أيديولوجية (حيدر حيدر) ، الروحانية الصوفية (عبد السلام العجيلي) ووهم بمضمون سياسي (وليد إخلاصي). كما شهدت نفس الفترة ظهور نساء في ميدان الأدب، بما فيهن ألفت إدلبي وغادة السمان وكوليت خوري، وكثيرات غيرهن، واللواتي ركزن بصفة عامة على وضع المرأة في المجتمع السوري. أسفرت النتائج الصادمة لحربي حزيران/يونيو 1967 وتشرين الأول/أكتوبر 1973 عن إعادة تعزيز النقد الاجتماعي في الأدب، والذي يمثله الكاتب السريالي زكريا تامر والكاتب الكردي سليم بركات، والذي تميزت رواياته بلمسة واقعية سحرية.

هذا الموقف الساخط تجاه المجتمع العربي بشكل عام والسياسة السورية الداخلية على وجه الخصوص يتعقبه خالد خليفة في هذه الأيام، والذي انتقد بشدة العدوان السوري ضد الإخوان في الثمانينات في روايته مديح الكراهية الكراهية (2006)، كما يتعقبه الشاعر والكاتب خليل صويلح والكاتبة والصحفية ديما ونوس. في البداية بدا بشار الأسد، الذي تولى السلطة عام 2000، وكأنه يُظهر بعض التساهل تجاه المعارضين السياسيين من بين المثقفين السوريين، ولكن بعد ذلك بوقت قصير قام بشد الحزام مرة أخرى عن طريق قمع المنشورات وترهيب الكتاب الخارجين عن الخط، ومؤخراً من خلال حجب المواقع الناقدة.

الشعر السوري المعاصر

ثقافة سوريا
صورة من أوائل السبعينيات تظهر الشاعر السوري الراحل نزار قباني (1923-1998) في بيروت التي كانت قاعدته قبل انتقاله إلى لندن خلال الحرب الأهلية اللبنانية 1975-90.(Photo by AFP)

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، خضع الشعر السوري التقليدي والتقليدي الجديد الشكلي إلى تغيير جذري. في البداية التزم معظم الشعراء بالبنى الشعرية القديمة، ولكن اختيارهم للموضوعات الموضوعية كان مبتكراً. في العشرينات والثلاثينات كان الشكل الكلاسيكي التقليدي لا يزال محفوظاً، ولكن كان هناك موجة كبيرة من الشعر الرومانسي الفردي، جزئياً بتأثير التقليد الشعري البريطاني. فحرضت حركة المهجر (مجموعة من الشعراء والكتاب اللبنانيين الذين هاجروا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية في أواخر القرن التاسع عشر) على التحرر من القيد الذي علق فيه معظم الشعراء.

في البداية، كتب الشاعر والمفكر السوري الشهير نزار قباني (1923-1998) شعره بالأشكال الكلاسيكية، ولكن بعد عام 1956 تحول إلى الشعر التجريبي. وفي السبعينات، اتضحت أخيراً معالم الطريق لأشكال جديدة من الشعر، مثل الشعر الحر والقصيدة النثرية و “الاتجاه الصوفي الجديد”، حيث كان الشاعر المشهور عالمياً واليساري أدونيس (الاسم المستعار لعلي أحمد سعيد، 1930 ) الممثل الرائد له.

من المستغرب، والمدهش في الأمر أن أدونيس نفسه، الذي تعاطف مع الثوار التونسيين والمصريين خلال ثورات كانون الثاني/يناير 2011 ، أظهرت في الآونة الأخيرة ولائه للرئيس السوري بشار الأسد بإرسال رسالة دعم مفتوحة له. بعد موجة من الانتقادات من قبل الكتاب السوريين والعرب، أعاد النظر في وجهة نظره ونصح الأسد بالتنحي، ولكن ليس دون اتهام المعارضة لكونها مجزأة وتهيمن عليها الجماعات الدينية.

المتاحف

ثقافة سوريا
منظر عام يظهر المدرج الروماني القديم في بصرى الشام المدرج ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، في محافظة درعا جنوب سوريا في 21 أيار2017. (Photo by Mohamad ABAZEED / AFP)

في سوريا العديد من الكنوز الأثرية والفنية. ولسوء الحظ، العديد من المتاحف أو المواقع الأثرية بحاجة ماسة إلى الصيانة و/أو التجديد. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن هناك القليل من الاهتمام بالحاجة إلى الحفاظ على الموقع الأثري، أو جعله أكثر جاذبية وأسهل وصولاً.

من بين الآثار المسيحية الأولى آثار قلعة سمعان المحفوظة جيداً، وقلعة (دير) سمعان، وهي كنيسة بيزنطية من القرن الخامس الميلادي. وفي نفس المنطقة، في المناطق المحيطة بحلب، هناك عدة “مدن ميتة” أو قرى مهجورة، يمكن زيارتها. تم إدراج مدينة حلب القديمة في اليونسكو كموقع للتراث العالمي. فيها سوق كبير، كما بني المسجد الكبير فيها من قبل الخليفة الأموي السادس “الوليد الأول”، والذي بنى في وقت سابق المسجد الأموي في دمشق. عام 1260 دمّر المغول مسجد حلب. وفي شرق المدينة ترتفع القلعة. بنيت القلعة من قبل الأيوبيين في القرن الثاني عشر، وتم توسيعها وتعزيزها من قبل المماليك في وقت لاحق. وفي سفح حمص القريبة هناك معلم آخر، وهو قلعة الحصن.

في دمشق، يجذب الجامع الأموي مئات السياح يومياً. وقد بناه خالد بن الوليد في القرن الثامن على موقع كنيسة مسيحية، والتي بدورها حلت محل معبد روماني.

المتحف الوطني في دمشق مختف خلف حديقة المنحوتات المظلَّلَة، ويعرض الاكتشافات الأثرية من كل المواقع الأثرية في سوريا، بدءً من مدينة أوغاريت القديمة إلى تدمر. كما أنه يحتوي حتى على الكنيس القديم (القرن الثالث)، الذي تم اكتشافه في دورا أوربوس – الصالحية، والذي تم نقله من الموقع وإعادة بنائه في المتحف.

الموسيقى والرقص

الموسيقى السورية هي جزء من التراث العربي. ولكن كونها على مفترق طرق بين ثقافات عدة – التركية والكردية والفارسية والمصرية – فهي تستفيد أيضاً من كل هذه المؤثرات المختلفة. بعض المطربين موقرون عبر الحدود، كالمطربة المصرية الأسطورة أم كلثوم والمطربة اللبنانية فيروز. ولكن للسوريين أيضاً أسطورتهم الخاصة بهم، المغني والممثل وعازف العود فريد الأطرش (1915-1974)، وفي الوقت الحاضر المطربة لينا شماميان في طريقها لتصبح أسطورة أيضاً.

كما هو الحال في البلدان العربية الأخرى، العود هو الآلة التقليدية. العود السوري أكبر وأطول قليلاً من العود التركي أو الفارسي. ولا يزال شعبياً، وكثيراً ما يعزف في الفرق الصغيرة التي تتكون أيضاً من الكمنجة والقانون والطبلة والدف. تعزف هذه الفرق الموسيقى التقليدية – مثل الموشحات، وهي نوع من الموسيقى الشائعة خاصة في حلب والمرتبطة ببعض أنواع الموسيقى الأندلسية، ولكن غالباً ما يمزج الموسيقيون الأصغر سناً بين هذه الأدوات والأصوات ليصنعوا الأصوات والإيقاعات الحديثة.

على سبيل المثال، تحيى موسيقى الجاز بشكل كبير في سوريا. وفي شهر حزيران/يونيو من كل عام، تعزف موسيقى الجاز في مهرجان سوريا الذي يقام في كل من دمشق وحلب. كما هناك أوركسترا جاز سورية. ولكن منذ إنشاء هذا المهرجان، عام 2005، ولدت ثماني فرق جاز أو أكثر. وإحدى هذه الفرق فرقة عازف الغيتار هانيبال سعد، التي تتألف من عازف غيتار آخر وعازف ساكسفون وطبال وعازف طبلة وعازف فلوت، بالإضافة إلى المطرب ريبال الخضري، المعروف أيضاً بمطرب الموسيقى الأكثر تقليدية. وهذا نموذجي في التطورات الحديثة للموسيقى السورية.

لا تزال الرقصات التقليدية تؤدى، مثل الدبكة التي تختلف من منطقة إلى أخرى، أو رقص “السماح” الذي لا يزال يؤدّى في حلب والتي يقال أنه مأخوذ من طقس صوفي.

الرياضة

ثقافة سوريا
شاركت السورية غادة شعاع، الفائزة بالميدالية الذهبية في أولمبياد 1996 في سباق السباعي، في منافسة الوثب الطويل للسيدات في دورة الألعاب العربية 11 آب 1999 في مدينة إربد شمال عمان.(Photo by MARWAN NAAMANI / AFP)

الرياضة الأكثر شعبية حتى الآن هي كرة القدم. لكن على الرغم من أن فريق كرة القدم السوري يلعب بشكل جيد إلى حد معقول على المستوى الإقليمي، إلا أنه لم يتأهل أبداً إلى بطولة كأس العالم. وفي أكتوبر/تشرين أول 2020، حل المنتخب الوطني السوري في المرتبة 79 بحسب تصنيف الفيفا.

المصارعون السوريون ورافعو الأثقال أفضل بكثير. ففي ألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 2009، فازت سوريا بـ 12 ميدالية: ذهبيتان (رفع أثقال)، 3 فضية (مصارعة)، 7 برونزية (مصارعة ورفع أثقال وكاراتيه وملاكمة وجودو). عام 2009 أيضاً، فازت الدرّاجة السورية بميداليتين ذهبيتين وواحدة برونزية في بطولة الدراجات العربية.

في دورة الألعاب الأولمبية في أثينا عام 2004، فاز ملاكم الوزن الثقيل ناصر الشامي بالميدالية البرونزية. وفازت بالميدالية الذهبية الأولمبية الوحيدة امرأة، غادة شعاع. وبعد أن أصبحت بطلة العالم عام 1995 في غوتنبرغ، فازت في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1996 في أتلانتا.

ومن الرياضات الأخرى التي تحظى بمتابعة كبيرة في سوريا كرة السلة والتنس والسباحة. وسبق للمنتخب السوري لكرة السلة الفوز ببطولة الدورة العربية المقامة عام 1992، بالإضافة إلى الوصول إلى نصف نهائي نسخة كأس آسيا التي أقيمت عام 2001 في شنغهاي.

المسرح والسينما

السينما السورية لا تشتهر كثيراً خارج البلاد، باستثناء أعمال بعض المخرجين. أحدهم عبد اللطيف عبد الحميد، والذي حاز فلمه الأول “ليالي ابن آوى” (1989) على تقدير دولي. ومن أفلامه الأخرى “رسائل شفهية” (1994)، و “صعود المطر” (1995)، و “نسيم الروح” (1998)، و “قمران وشجرة زيتون” (2001)، و “ما يطلبه المستمعون” (2003)، و “خارج نطاق التغطية” (2007) و “أيام الضجر” (2008). وغسان شميط مخرج سوري آخر حائز على جائزة، والذي أخرج أفلام شيء ما يحترق (1993)، والطحين الأسود (2001)، وورد وشوك (2003)، والهوية (2007). وينبغي ذكر أفلام المخرج محمد ملص (أحلام المدينة، 1984، والليل 1992).

أخرج عمر أميرالاي أفلاماً وثائقية ممتازة، مثل “يوميات قرية سورية” (1974)، حول بناء سد على نهر الفرات لتشكيل بحيرة الأسد، و “طوفان في بلد البعث” (2003)، حول الطوفانات التي نجمت عن السد نفسه بعد سنوات قليلة. لا وجود لأميرالاي في قائمة المؤسسة العامة للسينما، برعاية وزارة الثقافة، لأن فيلمه الأخير انتقد النظام البعثي. ونفس القائمة تذكر فيلمان فقط لمخرج سينمائي مهم آخر، وهو أسامة محمد: نجوم النهار (1988)، وصندوق الدنيا (2002)، مع أنه أخرج أفلاماً أكثر من ذلك، بما فيها خطوة بخطوة (1977) ونجوم النهار( 1988).

درس معظم المخرجين السوريين في موسكو. تمول المؤسسة العامة للسينما الأفلام. وللوهلة الأولى، يبدو كل ذلك أكثر ملاءمة لصانعي الأفلام. بعد الانتهاء من عمل الأفلام، قد يتم حظرها أو عدم عرضها في السينما السورية، بصرف النظر عن العرض الأول في مهرجان السينما السورية، الذي يقام كل عام في تشرين الثاني/نوفمبر. وعلاوة على ذلك، على المخرجين في كثير من الأحيان الانتظار لسنوات قبل الحصول على منحة للفيلم. وأحياناً، تجبرهم الرقابة على اللجوء إلى اللغة الرمزية أو الموضوعات التاريخية.

فن العمارة التقليدية

يمكن رؤية ماضي سوريا في كل مكان من خلال الهندسة المعمارية التاريخية. هناك المعابد الرومانية – في تدمر وبعلبك، على سبيل المثال لا الحصر. كما هناك المباني الرائعة من العصر الأموي – مثل المسجدين الأمويين الكبيرين في دمشق وحلب. وهناك أيضاً الكنائس المسيحية القديمة – تشكل في بعض الأحيان الأساس الذي يبنى عليه المساجد. وهناك أيضاً بقايا الصليبيين، مثل قلعة الحصن القريبة من حمص. وترك المماليك حصونهم، والعثمانيون خاناتهم الكثيرة.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “الثقافة” و “سوريا”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت:

Advertisement
Fanack Water Palestine