كثفت منظمة التحرير الفلسطينية من عملياتها في لبنان، بعد انسحابها القسري من الأردن عام 1970. وكما حدث في الأردن، أدى وجود مجموعات الفدائيين المسلحة في لبنان إلى صراعات في لبنان. وكانت إسرائيل تردّ على الفور بعد كل غارة للفدائيين من الأراضي اللبنانية. عام 1973، خسرت منظمة التحرير الفلسطينية ثلاثة من قادتها في عملية كوماندوس إسرائيلية في بيروت. وفي هذه الحالة، قام الجيش اللبناني أيضاً بعملية ضد قواعد منظمة التحرير الفلسطينية ومخيمات اللاجئين.
في آذار/مارس عام 1978، ورداً على غارة فلسطينية أخرى داخل فلسطين قتل فيها العشرات من المدنيين، احتلت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان، حيث كانت الحرب الأهلية قد اندلعت منذ عام 1975 بين الكتلتين اليمين المسيحي واليسار المسلم. وأعرب مجلس الأمن الدولي عن “قلقه البالغ إزاء تدهور الوضع في الشرق الأوسط”، وطالب إسرائيل بسحب قواتها من لبنان، كما قام بتشكيل “قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان” (اليونيفيل). تمركز 4000 جندي من تلك القوات، والتي ارتفع عددها بعد مضي شهرين إلى 6000، في جنوب لبنان.
من المفارقات، ازداد دور إسرائيل في ذلك الصراع خلال السنوات اللاحقة. في بادئ الأمر، سحبت إسرائيل قواتها من لبنان، إلا أنها احتفظت بالسيطرة على منطقة في الجنوب والتي كانت تشرف عليها ميليشيا سعد حداد المسيحية، والتي كانت تسمى بجيش لبنان الجنوبي.
عام 1981 قصفت إسرائيل بيروت. وبعد عام، وتحديداً في حزيران/يونيو 1982، بدأت إسرائيل عملية “سلامة الجليل” وغزت لبنان مرة أخرى، وذلك انتقاماً منها لاغتيال السفير الإسرائيلي في لندن على يد جماعة أبو نضال المنشقة. وهذه المرة توغلت القوات الإسرائيلية في لبنان إلى مشارف بيروت، وحاصرتها، وسحقت القوات الفلسطينية، وأحرزت رحيل منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس بموجب ضمانات دولية لسلامتهم وسلامة أسرهم. ومع ذلك، وبمعرفة الجيش الإسرائيلي، دخلت الميليشيات المسيحية مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في ضواحي بيروت وذبحت مئات المدنيين الفلسطينيين. ويقدر عدد ضحايا هذه المجزرة بحوالي 2000 شخص. تسببت المجزرة بضجة دولية. واضطر وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت، ولاحقاً رئيس الوزراء الإسرائيلي، أرئيل شارون إلى الاستقالة. وسحبت إسرائيل قواتها في نهاية المطاف من لبنان في حزيران/يونيو عام 1958، باستثناء منطقة عازلة بعرض 12 ميلاً (18 كم) على طول الحدود الجنوبية للبنان.
في نفس الوقت، كان جنوب البلاد يشهد قتالاً عنيفاً بين الميليشيات الشيعية والقوات الإسرائيلية. وكانت إحداها حركة أمل التي أنشئت عام 1975 والمدعومة من سوريا. أما الميليشيا الأخرى فكانت حزب الله.