وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

تاريخ فلسطين

تاريخ فلسطين
بطاقات بريدية مغلفة من مجموعة “البطاقات البريدية لفلسطين” في الجامعة في القدس في 24 سبتمبر 2020. مجموعة فريدة من 130.000 بطاقة بريدية منذ القرن التاسع عشر. (Photo by MENAHEM KAHANA / AFP)

المقدمة

تعود أقدم الاكتشافات الأثرية المسجلة فيما يعرف بفلسطين التاريخية بين عامي 7500 و3100 ق.م في جبل القفرة جنوبي الناصرة وسفح الرمل قرب طبريا. وتؤكد الاكتشافات أن المنطقة شهدت نوعاً من الحياة البسيطة، ويكمن أهم ما شهدته تلك الحقبة في تأسيس أريحا التي تعتبر أقدم بلدة في التاريخ.

العصور القديمة

وكانت هجرة الكنعانيين أولى الهجرات البشرية الهامة إلى فلسطين التاريخية في بداية الألف الثالثة قبل الميلاد. وحملت المنطقة اسم أرض كنعان حتى وصول القبائل الكريتية إليها عام 1200 ق.م.

في الألف الثالثة قبل الميلاد، وصل النبي إبراهيم من بلدة أور في العراق وأنجب إسحق والد يعقوب الذي يسمى كذلك إسرائيل وإليه ينتسب الإسرائيليون.

وشهدت هذه الأرض سلسلة غزواتٍ قامت بها القبائل الكريتية التي استقرت في شواطئ يافا وغزة، فسميت تلك المنطقة بفلسطين نسبة إلى اسم القبيلة الكريتية الغازية التي اندمجت مع الكنعانيين. وأطلق اسم فلسطين على جميع الأراضي الساحلية والداخلية التي كان يسكنها الكنعانيون، ومع الزمن غلب العنصر الكنعاني وأصبح سكان البلاد كلّهم من الكنعانيين العرب.

أقام داود مملكة لبني إسرائيل في القدس. وبسبب غزوات الآشوريين والكلدانيين، اختفت دولة اليهود في فلسطين بعد استمرارها لأربعة قرونٍ كانت حافلة بالخلافات والحروب والاضطرابات (1000-586 ق.م).

غزا الفرس فلسطين التي بقيت تابعة للدولة الفارسية لقرنين من الزمن. وفي عام 332 ق.م، أخضع الإسكندر الأكبر فلسطين لحكم الإمبراطورية اليونانية، لتبقى فلسطين تحت حكم الإمبراطورية اليونانية المنقسمة بعد وفاة الإسكندر حتى عام 198 ق.م.

منذ تلك الفترة، عاشت فلسطين حالةً من الحروب القلاقل مع تواجد العديد من الدول على الأرض كدولة المكابيين ودولة العرب الأنباط عام 90 ق.م. وظلت فلسطين تابعة لعاصمة الأنباط “البتراء” حتى سيطرة الرومان عليها.

جعل الرومان فلسطين ولاية تابعة لروما أولاً ثم بيزنطة إلى منتصف القرن السابع الميلادي حينما دخلها المسلمون العرب. وشهدت فلسطين إبان فترة الحكم الروماني ميلاد المسيح.

العرب والعصور الوسطى

في عام 634، دخل يزيد بن أبي سفيان ورفاقه غزة، وهو نفس العام ذاته الذي انتصر فيه عمرو بن العاص على الروم في معركة أجنادين ودخل فيه بيسان واللد ويافا. وبأمرٍ من الخليفة عمر بن الخطاب، وحّد خالد بن الوليد الجيوش الإسلامية في جيشٍ واحد، لتكون معركة اليرموك لحظةً حاسمةً في تاريخ فلسطين. وفي تلك المرحلة، تدفقت القبائل العربية من سوريا والحجاز ونجد واليمن وسكنت الأراضي الفلسطينية التي أصبح معظم أهلها مسلمين، وأصبحت العربية اللغة السائدة في البلاد.

وكانت فلسطين في العهد الأموي (661–750) تابعة لدمشق ويحكمها سليمان بن عبد الملك. ومن أهم آثار تلك الفترة قبّة الصخرة التي بناها عبد الملك بن مروان. وبين عامي 750 و1258، تبعت فلسطين الدولة العباسية، علماً بأن العهد العباسي شهد تنامي عملية التعريب ونشوء أجيالٍ جديدة نتجت عن التزاوج بين “الفاتحين” العرب وأهل البلاد.

بين عامي 816 و913، استطاع الطولونيون السيطرة على لبنان وسوريا ومصر وفلسطين. ومن الآثار الشهيرة خلال فترة حكمهم تحصين ميناء عكا. ويعتبر القرن الرابع الهجري (913-1010م) قرناً للاضطرابات السياسية، فقد أغار القرامطة المتدفقون من منطقة الخليج على بلاد الشام واحتلوا فلسطين بعد أن أحدثوا فيها الكثير من الدمار والخراب. وبعد ذلك، توالى على فلسطين أنظمة حكمٍ متعددة من الإخشيديين والسلاجقة والفاطميين.

ومع نهايات القرن الحادي عشر الميلادي، بدأ الصليبيون بشنّ حملاتهم العسكرية على فلسطين. واستمرت هذه الحملات لقرنين من الزمن، تمكن خلالها الصليبيون من مدّ نفوذهم إلى معظم المدن الفلسطينية، ناهيك عن دخولهم القدس عام 1099. وتمكّن نور الدين زنكي من استعادة بعض المدن، ليستكمل صلاح الدين الأيوبي تلك الانتصارات في معركة حطين ويسترد بيت المقدس عام 1187.

في عهد الدولة المملوكية، وقعت معركة عين جالوت قرب الناصرة في عام 1259 وهي واحدة من أهم وأشهر المعارك الإسلامية. وانتصر العثمانيون على المماليك في معركة مرج دابق بالقرب من حلب عام 1516، ليدخلوا فلسطين التي أصبحت منذ ذلك الحين تابعة للحكم العثماني ولمدة أربعة قرون.

وحاولت فرنسا بقيادة نابليون غزو فلسطين بعد احتلال مصر، إلا أن الحملة ارتدت على أعقابها بعد وصولها إلى عكا.

في عام 1838، قرر محمد علي والي مصر توسيع ملكه بضم بلاد الشام، فنجح ابنه إبراهيم باشا في فتح العريش وغزة ويافا ثم نابلس والقدس. ولم يدم حكم محمد علي للشام أكثر من عشر سنوات لتعود فلسطين مرة أخرى إلى الحكم العثماني.

من الانتداب البريطاني إلى الصراع مع إسرائيل

دخلت فلسطين مرحلة الانتداب البريطاني عام 1917 بعد انتصار القوات البريطانية على تركيا في الحرب العالمية الأولى. واستمر الانتداب حتى مايو/أيار 1948، تاريخ إعلان قيام دولة إسرائيل تطبيقاً لقرار التقسيم 181 الصادر عن الأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1947، ما أدى إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين عن أرضهم فيما عرف اصلاحاً بـ “نكبة فلسطين”.

ومنذ ذلك الحين، يخوض الفلسطينيون كفاحاً مريراً لإقامة دولتهم المستقلة وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، في مسيرةٍ كفاحية شهدت معارك وحروباً وانتفاضات شعبية وجولات من أجل السلام، أبرزها حرب عام 1948 التي أدت إلى تهجير واسع للفلسطينيين، وحرب الأيام الستة 1967 التي ضمّت فيها إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية، وومعركة الكرامة 1968 1968، والاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982، والانتفاضة الأولى، وواتفاق أوسلو للسلام 1993.

وما يزال تشكيل الدولة الفلسطينية يواجه تحدياتٍ كبرى ممثلةً في المستوطنات الإسرائيلية، واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ناهيك عن حالة الجمود السياسي القائمة على المستوى الداخلي بين حركتي فتح وحماس.

Advertisement
Fanack Water Palestine