وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ثقافة فلسطين

ثقافة فلسطين
تطريز

المقدمة

يبقى التراث الفلسطيني الغني بأسراره وتجلياته التاريخية، هو المنهل الأهم، والبئر الذي لا ينضب، لمختلف الفنون والآداب الفلسطينية، لما له من أهمية بالغة في تأكيد الهوية الفلسطينية، وترسيخ وحدة الشعب الفلسطيني بأطيافه الدينية والعرقية، لدرجة أن أصبح الانتماء لهذا التراث وتعزيزه وإنعاشه جيلا ًبعد جيل، رسالة ثقافية مقدسة توحدت حولها كل الفنون والآداب، متجاوزةً به حدوده المكانية إلى فضاءات العالم الأوسع.

وعلى هذا النحو يعد التراث الفلسطيني واحداً من أهم أدوات الصمود العصية على الكسر للشعب الفلسطيني، خلال رحلته النضالية التي امتدت لأكثر من سبعة عقود حتى يومنا هذا، نحو استعادة ما أستلب من حقوقه التاريخية على أيد الاحتلال الإسرائيلي.

وتتعرض ثقافة أرض فلسطين، منذ منتصف القرن العشرين، وربما قبل ذلك، إلى محاولات دؤوبة لطمس هويتها الخالدة خلود أوابد أرضها المقدسة، وعبق أزقتها القديمة الناطقة بفوح التاريخ. غير أن إبداعات مبدعيها، حتى ممن غيبهم الموت، تبقى شامخة كحائط صد فولاذي أمام تلك المحاولات. حيث لا زالت كتابات غسان كنفاني ملهمة للعديد من المثقفين في أرجاء العالم العربي فما بالنا بمثقفي فلسطين. ولم تزل قصائد محمود درويش وسيمح القاسم، تتردد في التجمعات الثقافية، الرسمية منها والأهلية. ولا زالت شخصية حنظلة لرسام الكاريكاتير الشهير ناجي العلي تزين أعناق الشباب من مختلف الأعمار. فهؤلاء وغيرهم ساهموا في ترسيخ التراث الفلسطيني وإحياء جمالياته، في سياق تشكيل الوعي الثقافي الجمعي الموحِد للفلسطينيين.

كما ظلت آلة القربة الهوائية المرافقة لرقصة الدبكة الفلسطينية (رقصة جماعية تقليدية)، إلى جانب آلتي العود والقانون، بعض أدوات التأصيل للثقافة الفلسطينية بتشبثها بأنغامها الأولى الغارقة في عمق التاريخ الفلسطيني.

وفي الأزياء يزدهي الثوب الفلسطيني النسائي المميز والمطرز يدوياً بحرفية بالغة، والذي لا يخلو منه بيت فلسطيني، إلى جانب ما يعتمره الرجال من كوفية وعقال، يشكلون رديفاً مهما في التأصيل للثقافة الفلسطينية إلى جانب كل أشكال الإبداع الفني والأدبي.

ويعد فن البوستر واحداً من الإبداعات التشكيلية، الجمالية والرمزية، التي أنجزها الفنانون الفلسطينيون، والذين كرسوا به ثوابتهم الوطنية، معبرين عن ذلك برموز مهمة كالعلم الفلسطيني وشجرة الزيتون وقبة الصخرة، لتأصيل القيم العليا المتعلقة بالانتماء، والإيمان، ووحدة النسيج الوطني، والتلاحم مع الأرض.

للمزيد حول ثقافة فلسطين بمختلف جوانبها، يرجى الاطلاع على ما تناولته فنك حول هذا الملف.

التراث الثقافي الفلسطيني

تاريخ فلسطين الأثري غني واستثنائي جداً مع وجود ما يقرب من 12,000 موقع أثري في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة. البلاد مليئة بالمقامات المقدسة التي تضيف بعداً لتراث فلسطين الثقافي. إنها البلاد التي نشأت فيها الأديان السماوية الثلاثة التي تعتبر مدينة القدس مدينة مقدسة. أدى ذلك إلى ظهور العديد من الحضارات والثقافات والأديان في فلسطين.

ثقافة فلسطين
مسيحيون فلسطينيون يحضرون القداس الأسبوعي في كنيسة القديس جورج الأرثوذكسية من العصر البيزنطي في قرية برقين بالضفة الغربية بالقرب من جنين في 16 ديسمبر 2011.AFP PHOTO/SAIF DAHLAH

تأثرت فلسطين بالثقافات المتنوعة التي سادت البلاد منذ عصور ما قبل التاريخ. يعود تراثها الثقافي إلى الفترة البيزنطية (القرن الرابع الميلادي)، حيث تم الحفاظ على الكنائس القديمة، مثل تلك التي في برقين وعبود، في الضفة الغربية. مثّل العصر الأموي (661-750) العمارة الإسلامية في وقت مبكر، تاركاً بصماته على منطقة بلاد الشام ككل من حيث مستوى المعيشة الفاخرة التي تعكسها القوى السياسية والقبلية. نجد هذا المعيار في تصاميم مجمعات القصور التي تتضمن القاعات والحمامات والمساجد والساحات والحدائق.

خلال فترة المماليك (1250-1517)، تركت أنواع مختلفة من المباني، خاصة الدينية منها، بصمة على المشهد المعماري الفلسطيني. ازدهرت مدينة القدس المقدسة، مع تعزيز المدارس الإسلامية وأبنية الزوايا (خاصة المدارس الصوفية الإسلامية). كما شكّلت المنشآت العامة، مثل الخانات (الفنادق الصغيرة على جانب الطريق حيث كان يمكن للمسافرين تناول الطعام والراحة) والأسواق والحمامات، جزءً من المخطط الحضري للمدينة.

خلال الحكم العثماني (1517-1917)، حدث استيطان بشري كبير في البلاد، وظهرت الكثير من القرى بتأثير الثقافة العثمانية، تاركة بصمتها على الحياة الاجتماعية والثقافية الفلسطينية. بعد سقوط الإمباطورية العثمانية وقيام الانتداب البريطاني في فلسطين، تم إنشاء دائرة للآثار في عشرينات القرن العشرين للقيام بأعمال تنقيب ومسوحات أثرية. عام 1929، فرضت الحكومة البريطانية قانون الآثار، وقام بمعظم العمل متخصصون بريطانيون، لأن الفلسطينيين لم يكن لديهم المهارات المطلوبة للقيام بالبحوث.

بعد انهيار المجتمع الفلسطيني عام 1948 وقيام دولة إسرائيل، شهد الفلسطينيون تدميراً واسع النطاق لتراثهم الثقافي في أعقاب الحروب العربية الإسرائيلية. ونتج عن محاولات إسرائيل للحصول على الشرعية السياسية والتاريخية والثقافية في فلسطين استغلال وتدمير التراث الثقافي الفلسطيني والتلاعب به.

منع الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين من القيام بأعمال تنقيب محلية، وأهملت بشكل أساسي الكثير من الأدلة الأثرية من الفترات التي تلي تلك التي تصب في مصلحة الإسرائيليين: أي الإسلامية والبيزنطية والقديمة، الخ. وتم نهب مئات المواقع الأثرية خلال سنوات الاحتلال، وهناك تجارة نشطة غير مشروعة في الممتلكات الثقافية. في سبعينات القرن العشرين، اضطرمت من جديد الروح الوطنية وبدأ الفلسطينيون بإعادة تأكيد “الهوية الوطنية الفلسطينية”. وكان الارتباط بالأرض حماية لما تبقى من التراث المحلي: أي المباني التاريخية والآثار والمواقع الأثرية والمخلفات الإثنوغرافية والممتلكات الشخصية والتحف الفنية، إلى آخره.

في أعقاب الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي عام 1993، تم إنشاء وزارة السياحة والآثار والسعي إلى وضع خطط لتنشيط البحوث. وتأسست المديرية العامة للآثار والتراث الثقافي في وقت عصيب وظروف معقدة. وعلى الرغم من افتقارها إلى السجلات الأثرية وعدم كفاية الدعم اللوجستي والمعدات، سعت المديرية إلى الحفاظ على بعض من أكثر المواقع الأثرية والمباني التاريخية المهددة بالانقراض.

تمكنت دائرة الآثار الفلسطينية، بتعاون وتمويل دولي، من تنفيذ العديد من المشاريع الكبرى. في الفترة 1996-1998 وخلال مشروع حماية المناظر الطبيعية والثقافية والتاريخية بين عامي 1998 و 2001، شملت “حملة التطهير الطارئة” مئة موقع من المواقع الأثرية والمباني التاريخية الرئيسية، وكذلك المساجد والكنائس والأديرة والمقدسات والمباني التقليدية التاريخية.

شملت هذه المواقع الكنائس القديمة في برقين وعبود التي ترجع كل منها إلى الفترة البيزنطية، والكنائس الصليبية في سبسطيا والبيرة. وبالمثل، تشمل المساجد التاريخية المحافظ عليها: السبعين وبرهام من الفترة المملوكية، والمساجد العمرية في بلدة دورة وبيرزيت، ومقامي القطرواني والنوباني.

أمثلة على التنوع المعماري والمواقع التي تمت المحافظة عليها: قلعة من القرن الثامن عشر في رأس كركر؛ وخان الصليبيين في البيرة؛ وحمام مملوكي في بلدة الخليل القديمة؛ ومنزل القائم مقام العثماني في طولكرم؛ ومنزل الزرو في رام الله. كما تم الحفاظ على مقام القطرواني قرب عطارة، إلى جانب الغابات الطبيعية الصغيرة والمدرجات المحيطة بها. وبالمثل، يتمتع موقع دورة القريع بمزيج من البيئة الطبيعية والتكنولوجيا التاريخية، ويعرض الميزات الهيدرولوجية القديمة والتقليدية في مناظره الطبيعية والثقافية. كما تم تحويل بعض المباني التاريخية إلى متاحف إثنوغرافية وأثرية أو أنواع أخرى من المراكز الثقافية. كما أصبحت قرى ديراستيا وأرطاس مجمعات أكبر ذات أبعاد متعددة.

ثقافة فلسطين
عامل فلسطيني يتفقد الموقع الأثري القديم لميناء أنثيدون ، المعروف أيضًا باسم “البلاخية”، في مدينة غزة، 25 أبريل، 2013.AFP PHOTO/MOHAMMED ABED

من المواقع المعروفة والتي تم التنقيب فيها في لقرن العشرين في الضفة الغربية وقطاع غزة: تل تعنك؛ تل الفرا؛ تل دوثان؛ تل بلاطة؛ تل النصبة، تل التل، خان ردانه، تل العجول (عمليات التنقيب الفلسطينية السويدية المشتركة)، والتي نفسها كانت موجودة قبل تأسيس مدينة غزة. ظهرت نماذج ممتازة من كفاءة التعاون الدولي مع الإدارة في مشاريع التنمية وأعمال التنقيب الفلسطينية الهولندية المشتركة في خان بلعمه، وأعمال التنقيب الفلسطينية الإيطالية المشتركة في تل السلطان في أريحا؛ وأعمال التنقيب الفلسطينية السويدية المشتركة في تل العجول؛ وأعمال التنقيب الفلسطينية الفرنسية المشتركة في البلاخية (الأنثيدون) في تل السكن؛ وأعمال التنقيب الفلسطينية النرويجية المشتركة في تل المجفر في أريحا. تركت بعض هذه المواقع دون حماية خلال ثلاثين عاماً من الاحتلال. وقد ساهمت هذه المشاريع المشتركة في بناء نموذج جديد للتعاون في علم الآثار في فترة ما بعد الاستعمار على أساس الاحترام والمصالح المشتركة، رغم بقاء بعضالمواقع دون حماية خلال 30 عاماً من الاحتلال.

في غزة، شهد قصر الباشا أعمال ترميم وإعادة تأهيل شاملة. كما جرت أعمال تنقيب رئيسية في تل أم عامر والبلاخية وجباليا وتل السكن بين 1995-2006. وأعمال التنقيب في تل السكن مستمرة على الرغم من الصعوبات الحالية. وهو موقع فلسطيني رئيسي من الألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث ستكشف أعمال التنقيب التاريخ الأقدم لقطاع غزة. كما تقول منظمة UNDP “تم اكتشاف هذا الموقع عن طريق الصدفة عام 1998 أثناء بناء مجمع سكني، وهو الموقع الوحيد من أوائل العصر البرونزي المعروف حالياً في قطاع غزة. كان هذا الموقع مأهولاً بالسكان بين حوالي 3300 و 2200 قبل الميلاد، ومساحته أكثر من 5 هكتارات، وربما كان عاصمة المنطقة في ذلك الوقت”.

شهدت قلعة المماليك في مدينة خان يونس سلسلة من أعمال الترميم والتقوية عام 2005. في المناطق الشمالية من فلسطين، يتم ترميم مواقع خان بلعمه وبرقين وعرابة وديراستيا وقلعة البرقاوي. بالنسبة لأهالي شوفه، تعتبر قلعة البرقاوي أكثر من مجرد تحفة معمارية رائعة، فهي عنصر مركزي في هوية مدينتهم والأساطير المحلية.

منظمة اليونيسكو وفلسطين

منذ تشرين الأول/أكتوبر عام 2000، تعرضت المواقع الثقافية في المناطق الفلسطينية أضرار جسيمة. عانت هذه المواقع من القصف مما أدى إلى تدمير جزئي أو كلي لها. تكثفت الهجمات على مواقع التراث الثقافي منذ الاجتياحات الكبيرة الأخيرة في نيسان/أبريل 2002 وكانون الثاني/يناير 2004، مما تسبب بدمار لا يمكن إصلاحه، وخاصة في البلدات والمدن التاريخية، بما فيها بيت لحم والخليل وغزة وبيت جالا وطولكرم وسلفيت وجنين ورفح وعبود ونابلس. وأعاق الحصار وحظر التجول والحواجز والمعابر العسكرية المفروضة على المدن والقرى الفلسطينية دائرة الآثار والتراث الثقافي الفلسطينية من القيام بمهامها في حماية التراث الثقافي. وكانت العديد من المواقع الأثرية والمباني التاريخية هدفاً للهجمات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك الحرب الأخيرة على غزة عندما تضرر ميناء البلاخية القديم في غزة ومبنى دار السراي ومنزل الحاكم العثماني.

أكدت منظمة اليونسكو أن “المواقع الفلسطينية هي كنوز ثقافية يرغب الشعب الفلسطيني في حمايتها ومشاركة العالم بها”. أدانت اليونسكو ضم إسرائيل لقبري راحيل ويوسف وأكدت السيادة الفلسطينية عليها، كما أعلنت أن “الحكومة الإسرائيلية حاولت تسليط الضوء على الطابع اليهودي [لهذه المواقع] وطمس أو إهمال الطابع العالمي لهذه المواقع التراثية”. وفق منظمة اليونسكو، تم استخدام هذه الهيمنة الثقافية “كأداة سياسية لترسيخ السيطرة على فلسطين وذريعة لاستمرار نشاطها الاستيطاني”. كما تطالب اليونسكو إسرائيل بالاعتراف بالتزاماتها كقوة احتلال وبأن “مصادرة مواقع التراث الثقافي والممتلكات الفلسطينية وتطويرها من قبل إسرائيل محظور بموجب القانون الدولي العرفي”.

إلى جانب العضوية في منظمة اليونسكو عام 2011، يسعى الفلسطينيون إلى حماية تراثهم الثقافي المهدد. في إطار مساهمة مركز منظمة اليونسكو للتراث العالمي لحماية التراث الفلسطيني، عقدت ورشة عمل دولية في أريحا في شباط/فبراير 2005 بهدف مناقشة استراتيجيات للحفاظ على القيمة العالمية الاستثنائية لتل السلطان (أريحا القديمة)، أقدم مدينة معروفة في العالم. كما يسعى الفلسطينيون لوضع 20 موقعاً على قائمة التراث العالمى.

التراث الفلكلوري الفلسطيني

يشمل تراث فلسطين الغني عدداً لا يحصى من المواقع الأثرية والتاريخية والمعالم المعمارية الشهيرة والمباني والمنشآت الريفية والحضرية النموذجية. وعلاوة على ذلك، يعتبر التراث الشعبي في فلسطين، بما في ذلك الحرف اليدوية والتقاليد الشفوية والموسيقى والعادات، جزءً من الثروة الوطنية. لكن العديد من العوامل تهدد بقاء واستمرارية التراث الثقافي في فلسطين، مثل الاحتلال العسكري الإسرائيلي وغياب الوعي بأهمية التراث الثقافي بين الناس

الأدب والفن

كانت اللغة دائماً في صميم الثقافة العربية. وللشعر العربي حضور كبير كوسيلة للتعبير عن المشاعر الرومانسية، كما الهجاء والذم. كما كانت القصائد تغنّى في بعض الأحيان من قبل مطربين محترفين متجولين. بالنسبة للشعراء (والكتّاب) الفلسطينيين، خدمت النكبة كمصدر إلهام لا ينضب.

الشعراء

ثقافة فلسطين
الشاعر والصحافي الفلسطيني محمود درويش في مسرح تونس، 06 ديسمبر 2007. AFP PHOTO/ FETHI BELAID

الشاعر الفلسطيني الأكثر شهرة هو محمود درويش (1942-2008). أصبحت قصائده مشهورة على نطاق واسع من خلال تلحينها وأدائها من قبل المطرب اللبناني الموهوب وعازف العود والملحن مارسيل خليفة. وقد أطلق على درويش اسم “شاعر العالم العربي”، عند قراءة قصائده أمام جمهور من 25,000 شخص في بيروت. ووفقاً لعالم الاجتماع الفلسطيني سامح فارصون، يعتبر شعر درويش مجازاً لفقدان الجنة الأرضية والولادة والموت والقيامة والخوف والحرمان من الميراث والعوز والنفي. فلسطين هي الجنة الأرضية التي فقدت مرتين. ووجه درويش في قصائده انتقادات حادة للقادة العرب الذين قمعوا الفلسطينيين أو تركوهم ليتدبروا أمرهم بأنفسهم.

الكتاّب

إلى جانب الشعراء الرئيسيين، أنتجت فلسطين أيضاً كتّاب أدب ومقالات نشأوا في الغالب في الطبقات المتوسطة الميسورة، ومن بينهم نساء. وقد احتل غسان كنفاني (1936-1972)، مكاناً هاماً بين الكتّاب المعاصرين. وقد كان لاجئاً عام 1948، وبدأ كرسام. وقد جمع بين مؤلفاته السياسية مع سيرة ذاتية كصحفي. وفي السنوات اللاحقة، كان المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيروت. وفي 9 يوليو/تموز عام 1972، قتل بسيارة ملغومة في بيروت. وقد أجمع الرأي العام بأن الاستخبارات السرية الإسرائيلية كانت المسؤولة عن اغتياله.

العنف ضد الفنانين

لم يكن كنفاني الفنان الفلسطيني الوحيد الذي مات ميتة عنيفة. فقد لاقى رسام الكاريكاتير الشهير ناجي العلي (1938-1987) ذات المصير. وقد عبّر في رسوماته، التي تظهر في الصحف العربية، عن التذبذب السياسي للقادة الفلسطينيين والقادة العرب الآخرين. وفي 22 أغسطس/آب عام 1987، أُطلق عليه النار في شوارع لندن وأصيب بجروح بالغة ومات متأثراً بجراحه بعد أسبوع. ولم يتم القبض على مرتكب الجريمة، ولكن افترض أنه كان من الأوساط العربية.

فن الأيقونة

ثقافة فلسطين
الرسامة الفلسطينية ريهام العماوي تضع اللمسة الأخيرة على ملصق للصحفي الفلسطيني ياسر مرتجى خلال مشاركة زملائه الصحفيين في مظاهرة ضد مقتله على الحدود بين إسرائيل وغزة في رفح جنوب قطاع غزة، 8 أبريل، 2018. (Photo by SAID KHATIB / AFP)

حتى القرن العشرين، كان فن الأيقونة يسيطر على الرسم. وكان هذا بالطبع ذا صلة بكنيسة الروم الأرثوذكس ومن ثم الكنيسة الروسية الأرثوذكسية في فلسطين وعلاقاتهما الوثيقة مع الكنائس الأم في روسيا واليونان. بالإضافة إلى السيدة العذراء مع ابنها ولوحات درب الصليب الذي ساره يسوع الناصري، كانت لوحات مار جرجس/الخضر قاتل التنين موضوعاً شعبياً.

تأثراً بالفنانين الغربيين الذين كانوا يستكشفون “الشرق” في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بدأ الفلسطينيون باختيار مواضع جديدة وتبني أسلوب خاص في العمل (مثل التصوير والرسم في الهواء الطلق بدلاً من الأستوديو). ظهرت أنماط مختلفة من هذا التطور، والتي تحمل أوجه شبه إلى حد ما من أساليب الرسم الغربية، إلا أنها كانت تحمل طابعاً محلياً خاصاً.

كما وسمت النكبة فن الرسم بقوة. وفي ضوء هذا، من الجدير بالذكر أن الفنانين الفلسطينيين في إسرائيل وفلسطين والبلدان العربية المجاورة أنتجوا عملاً مجازياً يصوّر النكبة وغيرها من الأحداث الدرامية، في حين أنتج زملاؤهم في أماكن أخرى من العالم أعمالاً تجريدية حولها.

الفنون الأدائية والموسيقى

ثقافة فلسطين
راقصون من فرقة نشاما الفلسطينية يؤدون “الدبكة” التقليدية داخل مبنى قيد الإنشاء، في 7 ديسمبر 2016، في مدينة غزة.(Photo by MOHAMMED ABED / AFP)

كما تأثرت الفنون التمثيلية، مثل المسرح والرقص، بالنكبة بشدة. يحتل تمثيل المجتمع الزراعي كحامل للهوية الفلسطينية مكاناً هاماً نتيجة الصراع الجاري على حيازة الأراضي. كما يتكرر موضوع المنفى مراراً.

العرض المثير هو الدبكة، وهي رقصة جماعية تقليدية. وتعني بالعربية “الخبط بالأقدام”، والذي يلخص بشكل أو بآخر جوهر الرقص. وتزداد فورتها وفق الموسيقى المرافقة. يؤدي الرقصات كل من الرجال والنساء. يعود الرقص إلى أزمنة سابقة، عندما كانت أسطح المنازل مصنوعة من عوارض خشبية مغطاة بمزيج من التبن والطين، والذي كان لا بد من رصّه. كان هذا يتم في جماعات (كما هو الحال غالباً في المجتمعات الريفية)، وكان مصحوباً غالباً بالغناء.

الموسيقى

العود من بين الآلات الموسيقية التي تستخدم في أداء الدبكة، وهو آلة وترية مع صندوق صوتي خشبي على شكل الكمثرى، والدربكة، وهي طبلة أسطوانية الشكل، والناي، وهو قصبة مستوية. والآلة الموسيقية الأخرى الهامة هو القانون، آلة وترية مع صندوق صوتي مسطح، على شكل قيثارة صغيرة، ويتم العزف عليها في وضع أفقي. وهذه الآلات معروفة لحضورها في بلاد الشام (والمناطق الواسعة المجاورة) منذ آلاف السنين.

هناك بنية تحتية ثقافية متطورة بشكل معقول في مدينة مثل رام الله: هناك ثلاثة مراكز ثقافية – مسرح وسينماتك القصبة، ومركز خليل السكاكيني الثقافي، وقصر الثقافة في رام الله. وقصر الثقافة مسرح كبير ومجهز تجهيزاً جيداً ويقع في شارع طوكيو – إشارة لحكومة اليابان التي موّلت البناء والتصميم. بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد قليل من مدارس الموسيقى ومعهد موسيقي.

هذا الأسبوع في فلسطين” مجلة مفيدة تقدم عرضاً شهرياً للأنشطة الثقافية في فلسطين، إلى جانب معلومات مثيرة للاهتمام حول الفن والثقافة.

الأزياء

كما تأثرت الفنون التمثيلية، مثل المسرح والرقص، بالنكبة بشدة. يحتل تمثيل المجتمع الزراعي كحامل للهوية الفلسطينية مكاناً هاماً نتيجة الصراع الجاري على حيازة الأراضي. كما يتكرر موضوع المنفى مراراً.

العرض المثير هو الدبكة، وهي رقصة جماعية تقليدية. وتعني بالعربية “الخبط بالأقدام”، والذي يلخص بشكل أو بآخر جوهر الرقص. وتزداد فورتها وفق الموسيقى المرافقة. يؤدي الرقصات كل من الرجال والنساء. يعود الرقص إلى أزمنة سابقة، عندما كانت أسطح المنازل مصنوعة من عوارض خشبية مغطاة بمزيج من التبن والطين، والذي كان لا بد من رصّه. كان هذا يتم في جماعات (كما هو الحال غالباً في المجتمعات الريفية)، وكان مصحوباً غالباً بالغناء.

فن التطريز

كان اللباس التقليدي للرجل في فلسطين وأماكن أخرى في بلاد الشام هو الجلابية، وهي لباس قطني فضفاض يمتد من الكتفين إلى الكعبين. وفي الليل وخلال فصلي الخريف والشتاء، كان يوضع فوقها العباية، وهي عباءة من الصوف. وكان الرأس يغطى بعمامة مصنوعة من شريط طويل من القماش القطني. وكلما علت المكانة الاجتماعية علت معها العمامة.

كان رجال البدو تقليدياً يغطون رؤوسهم بالكوفية، وهي قطعة مربعة من القطن. كانت تطوى بشكل قطري ثم تلف حول الرأس لحماية الوجه من الشمس والرياح الرملية الصحراوية العاصفة. والكوفية إما بيضاء أو ذات مربعات بيضاء وسوداء. تثبت الكوفية في مكانها بعصابة سوداء معقودة بإحكام، تدعى بالعقال، عند وضعها على الرأس.

خلال القرن العشرين، أصبحت الكوفية والعقال رمزاً للوطنية الفلسطينية، مع شروع غير البدو أيضاً بارتدائها. وقد كانت رمز الراحل ياسر عرفات.

أزياء أخرى

خلال فترة الإمبراطورية العثمانية التركية، استبدلت النخبة الحضرية العمامة بالطربوش، وهو لباد أحمر على شكل أصيص زهور، تعلوه شرابة سوداء. كما بدأ اعتماد الأزياء الغربية، مما أسفر عن موديلات متباينة، مثل ارتداء جاكيت فوق الجلابية (والتي لا تزال تشاهد في المناطق الريفية والمدن).

في عهد الانتداب البريطاني، أصبحت الأزياء الغربية أكثر تأثيراً. وحالياً، يرتدي الرجال في المدن والمناطق الريفية الملابس الغربية على الأغلب. وينطبق هذا بشكل خاص على الشباب. غير أن إعادة أسلمة المجتمع بدأ بتغيير أنماط اللباس مرة أخرى.

الرياضة

شكلت الألعاب الموروثة الرياضية عن العهد العثماني نقطة الانطلاق في مسار الرياضة الفلسطينية إبان الانتداب البريطاني. وتضمنت هذه الألعاب سباق الخيل والجري والمصارعة والسباحة. وبمرور الوقت، اكتسبت لعبة كرة القدم الشعبية.

يمثل المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم البلاد دوليا. وحقق المنتخب أكبر فوز له بنتيجة 11-0 على غوام ضمن فعاليات كأس التحدي الآسيوي في بنغلادش عام 2006م.  وقد احتل الفريق المرتبة 94 دولياً بعد فوزه بكأس التحدي الآسيوي 2014 AFC. سجل الهداف التاريخي للمنتخب فهد عتال 16 هدفا. من جانبه، مثل عبداللطيف البهداري المنتخب بأكبر عدد من المباريات الدولية (71 مباراة). وفي أكتوبر/تشرين أول 2020، حل المنتخب الوطني الفلسطيني في المرتبة 104 بحسب تصنيف الفيفا.

ومنذ عام 2013 يجري تنظيم ماراثون فلسطين في شوارع بيت لحم، حيث يتم تنظيم هذا الماراثون لغرض تعريف العالم بحالة الفلسطينيين وحرية حركتهم المحدودة نتيجة الضغوطات الإسرائيلية المفروضة على المناطق الفلسطينية.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “الثقافة” و “فلسطين”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت:

Advertisement
Fanack Water Palestine