رفضت حركة فتح، والتي كانت المسؤولة ضمن الحركة الوطنية الفلسطينية على مدى عقود، الاستسلام للهزيمة الانتخابية. وكان موقفها مدعوماً من قبل إسرائيل وما يسمى باللجنة الرباعية (الولايات المتحدة والإتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة). ومن أجل فرض حججها، أوقفت إسرائيل تحويل العائدات الضريبية إلى الحكومة الفلسطينية المتشكلة حديثاً والتي كانت تحت سيطرة حماس. كما أوقفت الحكومات الغربية دعمها المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية، ورفضت الدخول في حوار مع حماس ما لم تلبِّ الشروط الثلاثة التالية مقدماً: الاعتراف بدولة إسرائيل، ونبذ جميع أشكال العنف، وتأييد جميع المعاهدات والاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقاً بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. كانت هذه الشروط غير مقبولة بالنسبة لحماس – كما للكثير من الفلسطينيين الذين لا ينتمون لحركة حماس. كانت إسرائيل في عملية تحديد حدودها في إطار أوسلو. إذاّ، إلى أية إسرائيل كانت هذه الشروط تشير؟ كما أن شرط التخلي عن جميع أعمال العنف – والذي هو أكثر من مجرد وقف لإطلاق النار بشكل مؤقت أو دائم – لم يتم وضعه في حالات أخرى من الاحتلال. وكذلك شرط الالتزام بجميع المعاهدات السابقة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية – والتي اعترف فيها عرفات وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بأنها كانت مضرة في مجالات كثيرة ومهمة – لم تكن تنم عن مقاربة متوازنة.
في ربيع عام 2007، وعن طريق وساطة قامت بها المملكة العربية السعودية، تم تأسيس حكومة عاملة من حماس/فتح في نهاية المطاف. ولكن لم يكتب لها البقاء لفترة طويلة. فقد كانت فتح تعمل على خطة لطرد حماس من قطاع غزة باستخدام العنف بالتعاون مع الولايات المتحدة ومصر والأردن (مخطط دايتون). حيث ظهرت التفاصيل في وقت لاحق وتم إثباتها بأدلة دامغة. وبعد علمها بهذه الخطط، قامت حماس بدورها بطرد فتح من قطاع غزة بهجوم عسكري قصير ودامٍ في يونيو/حزيران عام 2007. وبالمقابل، أعلن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس حلّ حكومة إسماعيل هنية. وتم تشكيل حكومة جديدة، والتي سيطرت في الواقع على الضفة الغربية فقط. وقبل ذلك، أصيب المجلس التشريعي الفلسطيني، والذي كانت حماس تسيطر عليه، بالشلل بعد أن اعتقلت إسرائيل العشرات من أعضاء المجلس التشريعي (وعدداً من وزراء حماس).
منذ ذلك الحين، كان كل من الجزئين اللذين يشكلان فلسطين يُحكمان من قبل إدارتين منفصلتين. وبالتالي اتخذت تجزئة فلسطين بعداً جديداً. ولتقويض نفوذها في الضفة الغربية، أغلقت السلطة الوطنية الفلسطينية مؤسسات الرعاية الاجتماعية التابعة لحماس واعتقلت أعضاء حماس وأنصارها. وبالمقابل، تم تقييد الأنشطة السياسية لفتح في قطاع غزة بشكل كبير.