وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

دعوى فلسطين أمام الأمم المتحدة عام 2011

بعد سنوات من المفاوضات الفاشلة مع إسرائيل، وفي خريف 2010، قررت رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية البدء بهجوم دبلوماسي بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، على أمل ضمان تأييد العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لدولة فلسطين، والتي أعلنتها منظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر عام 1988.

محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة

بعد سنوات من المفاوضات الفاشلة مع إسرائيل، وفي خريف 2010، قررت رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية البدء بهجوم دبلوماسي بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، على أمل ضمان تأييد العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لدولة فلسطين، والتي أعلنتها منظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر عام 1988 (على مر السنين اعترفت بهذه الدولة حوالي 100 دولة عضو في الأمم المتحدة، على الأغلب تنتمي إلى ما يسمى بالعالم الثالث). والذي شجّع السلطة الوطنية الفلسطينية على القيام بذلك الكلمة التي وجهها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الدورة الاستثنائية للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2010، حيث قال: “عندما نجتمع هنا ثانية العام المقبل، يمكننا التوصل إلى اتفاق يمكن أن ينتج عنه عضو جديد في الأمم المتحدة، دولة فلسطين مستقلة وذات سيادة تعيش في سلام مع إسرائيل”.

كان للقيادة الفلسطينية دوافعها الخاصة لبدء هذا المسعى الدبلوماسي. فمنذ تولي باراك أوباما منصبه التزمت السلطة الوطنية الفلسطينية بجولة جديدة من المفاوضات، رغم احتجاج الشارع الفلسطيني. وكانت السلطة الوطنية الفلسطينية تقوم بتنفيذ برنامجها السياسي لشهر آب/أغسطس عام 2009، والذي يسعى لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة خلال سنتين. وتلقى هذا البرنامج دعماً كاملاً من اللجنة الرباعية (الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا)، مما شجع السلطة الوطنية الفلسطينية على المضي قدماً نحو “دولة مستقلة توفر الحكم الرشيد والفرصة والعدالة والأمن للشعب الفلسطيني منذ اليوم الأول الذي تأسست به، وجارة مسؤولة تجاه جميع الدول في المنطقة”. وفي نفس البيان، دعت اللجنة الرباعية إسرائيل إلى “تجميد جميع أنشطة الاستيطان، بما في ذلك النمو الطبيعي، وتفكيك البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار/مارس 2011، والامتناع عن أعمال الهدم والإخلاء في القدس الشرقية”. إلا أن المحادثات لم تسفر عن نتائج ملموسة، على الرغم من استعداد السلطة الوطنية الفلسطينية تقديم تنازلات غير مسبوقة لإسرائيل، كما اتضح لاحقاً في “أوراق فلسطين”.

بعد كلمة حارة في الدورة الاستثنائية للأمم المتحدة في نيويورك بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2011، سلّم محمود عباس الطلب الفلسطيني إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. يتقدم الفلسطينيون بطلب دولة فلسطين بناء على حدود عام 1967، الأمر الذي سيكون له أثاره السياسية حتى لو أن ليس لهم كامل السيادة على الأرض. وستسمح العضوية كاملة للفلسطينيين بالمشاركة في وكالات الأمم المتحدة وتصبح طرفاً في المعاهدات الدولية والمحاكم، مثل المحكمة الجنائية الدولية، حيث يتحقق الطعن في احتلال إسرائيل لفلسطين. وقام السيد كي مون بتسليم الطلب إلى مجلس الأمن.

قوبلت المبادرة الدبلوماسية بردود فعل متباينة. هناك من اعتبرها كخطوة أولى من عملية أوسلو الصعبة وغير المجدية. وشكك ناقدون في حق السلطة الوطنية الفلسطينية في بدء مثل هذه المبادرة، نظراً لانتهاء صلاحيتها قبل عدة سنوات، وحيث لم تقم بجهد للحصول على مثل هذه الصلاحية من الفلسطينيين الذين كانت مصالحهم على المحك: ليس فقط فلسطينيو الضفة الغربية و قطاع غزة، وإنما أيضاً الذين في إسرائيل والشتات.

إضافة إلى ذلك، كانوا يخشون في الواقع أن تتسبب الخطوة بضرر لحقوق الفلسطينيين. وفي حال اقترع مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة على قبول “دولة فلسطين” كعضو كامل أو دولة مراقبة غير عضو، فستكون النتيجة المحتملة إخلاء منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل كل الفلسطينيين ظاهرياً – داخل وخارج فلسطين – مقعدها لممثلي السلطة الوطنية الفلسطينية غير المنتخبين، ممثلي “مواطني دولة فلسطين”، أي السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وعلى هذا النحو قد يعني هذا ضربة قاسية لمحاولة تحقيق كامل الحقوق الفلسطينية على المدى الطويل من خلال الهيئات الدولية. ولن تكون لهذه “الدولة” سيطرة على أراضيها، والتي ستبقى محتلة من قبل إسرائيل. و “حكومتها” – خليفة السلطة الوطنية الفلسطينية – ستبقى معتمدة على التمويل الخارجي.

Advertisement
Fanack Water Palestine