وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

فلسطين: اتفاقات أوسلو عام 1993 وعام 1995

بيل كلينتون واسحق رابين وياسر عرفات في البيت الأبيض 1993

في إعلان المبادئ الصادر في 13 سبتمبر/أيلول عام 1993 (أوسلو الأول)، اعترفت دولة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية “بالحقوق المشروعة والسياسية المشتركة لكليهما”، داعين إلى “الكفاح من أجل التعايش السلمي” و “تحقيق تسوية شاملة ودائمة وعادلة ومصالحة تاريخية من خلال العملية السياسية المتفق عليها”.

كانت هذه العملية تتألف من مرحلتين: (1) فترة انتقالية من خمس سنوات يتم خلالها تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة في أجزاء من فلسطين. (2) بعد أن تكون المرحلة الأولى قد دخلت حيز التنفيذ، تبدأ المفاوضات المتعلقة بالوضع الدائم لقضايا مثل القدس و اللاجئين الفلسطينيين و المستوطنات اليهودية والمياه والحدود. وبقيت الحدود غير الواضحة وإقامة دولة فلسطينية خارج جدول الأعمال. في مفاوضات مدريد، كان الوفد الفلسطيني قد رفض دراسة القضيتين بشكل منفصل، خوفاً من أن يكون لإسرائيل مصلحة من وراء المرحلة الأولى، وبالتالي لا يتم تنفيذ الثانية. واتفق الطرفان على عدم اتخاذ أية إجراءات من شأنها أن تؤثر سلباً أو تلغي نتائج المفاوضات بشأن هذه القضايا. وتمت تسوية تفاصيل الإدارة المؤقتة في اتفاق منفصل في 4 مايو/ أيار عام 1994، مما يسمح ببدء الإجراءات. وفي موعد أقصاه 4 مايو/أيار عام 1999، وفق الجدول الزمني، كان من المفترض تسوية الأمور بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

أوسلو الثانية

استناداً إلى الاتفاق الثاني (أوسلو الثانية) في 28 سبتمبر/أيلول عام 1995، تم تقسيم الضفة الغربية و قطاع غزة إلى ما يسمى مناطق أ، ب، ج: غطت المنطقة “أ” المناطق السكانية الفلسطينية الكبيرة، باستثناء القدس الشرقية والخليل، والتي انسحبت منها إسرائيل؛ وبعد القيام ببعض التعديلات، غطت حوالي 18.2% من مجموع الأراضي. وفيها كانت السلطة الفلسطينية ستتسلم الإدارة المدنية والعسكرية – استخدم الفلسطينيون مصطلح السلطة الوطنية الفلسطينية. وكانت المناطق “ب” القرى والمناطق المحيطة بها مباشرة، 21.8%. وفيها كانت الإدارة المدنية في يد السلطة الوطنية الفلسطينية في حين الإدارة العسكرية كانت لا تزال تحت سيطرة إسرائيل. وفي المناطق “ج” (مناطق قليلة السكان حيث كان هناك مستوطنات يهودية أيضاً وقواعد عسكرية إسرائيلية، 60%)، بقيت كل من الإدارة المدنية والعسكرية في يد الإسرائيليين.

النتائج

ارتكزت الاتفاقيتان على اتفاقات مشتركة مشروطة. لم يستند حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على القانون الدولي. ولم تكن الاتفاقات المبرمة قانونية لأن القانون

الدولي يحظر التوسع الإقليمي عن طريق العنف. وبالتالي، يتعين على إسرائيل، في إطار الاتفاق مع منظمة التحرير الفلسطينية، الالتزام بالانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967. لكن بالاعتماد على اتفاقات أوسلو، كانت “درجة الانسحاب” خاضعة لمزيد من المفاوضات. فوفق الاتفاقية، وهذا يتوقف على رغبة إسرائيل في هذه المسائل، من المرجح أن تتحدد النتيجة النهائية بناء على نتيجة نقاش يجري داخل إسرائيل أكثر من المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، انصاع حزب عرفات لإسرائيل في العديد من النقاط الأساسية للفلسطينيين، وكانت النتيجة النهائية استمرار الاحتلال الإسرائيلي في هيئة مختلفة. ومع ذلك، تغيرت صورة

إسرائيل، بين ليلة وضحاها، من قوة احتلال – قامت مؤخراً بقمع الانتفاضة بإجراءات صارمة – إلى شريك مفاوضات لمنظمة التحرير الفلسطينية.

بالتخلي عن مسار القانون الدولي، التزمت منظمة التحرير الفلسطينية بمغامرة غير مؤكدة، وبالتالي بالمخاطرة بمصالح الشعب الفلسطيني. وبما أن الأمور وصلت إلى هذا الحد، لا يمكن النظر في هذا التصرف بشكل منفصل عن موقف المنظمة الضعيف للغاية: في منفاها في تونس، ومعوزة مالياً، وتواجه قيادة موالية وإنما واثقة من نفسها في فلسطين.

لنفس الأسباب بالضبط، اشتمت إسرائيل فرصة إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي مع المنظمة وفق شروطها والتي، وبسبب دورها التاريخي في الحركة الوطنية، كانت لا تزال في وضع يمكنها من الدخول في اتفاقات نيابة عن الشعب الفلسطيني.

بدا للعالم الخارجي أنه قد تم التوصل إلى تسوية تاريخية بين عدوين لدودين. وعززت هذه التمثيلية من هذا الانطباع: مصافحة تاريخية فوق مرج أمام البيت الأبيض، والصحافة العالمية، وجائزة نوبل، إلى ما هنالك. وعلى الرغم من أن النشوة كانت كبيرة في البداية في فلسطين، إلا أن الفلسطينيين رفضوا الاتفاقات فوراً، مقدمين حججاً قوية.

Advertisement
Fanack Water Palestine