المقدمة
شهدت أرض العراق فجر الزارعة في الألف التاسعة قبل الميلاد، وفجر الحضارة الإنسانية 5000 عام ق.م. كما شكلت جزءًا مهمًا من الإمبراطوريات الكبرى عبر التاريخ، قبل أن تصبح جزءًا أساسيًا من العالم الإسلامي في القرن السابع الميلادي.
ابتدع إنسان بلاد ما بين النهرين الكتابة، نهايات الألف الرابعة قبل الميلاد. ما أدى بحضارتها السير قدمًا بخطى ثابتة خلال مراحل تطورها المتعاقبة.
مهد الحضارة (٢٣٧١ق.م – ٦٢٧م)
بدأ عصر فجر السلالات في العراق مع السومريين (سكان البلاد الأصليين) 2800 ق.م، وعُرف بعصر دويلات المدن قبل أن تتوحد كمملكة كبيرة مترامية الأطراف.
انتهى عهد فجر السلالات بقيام سرجون الأكدي (2371-2316 ق.م) بتوحيد العراق في مملكة واحدة. وعرف القسم الأوسط والجنوبي منها منذ ذلك الزمن باسم بلاد (سومر وأكد).
خلال العهدين عَرِفت البلاد الآداب والأساطير، وكذلك إدارة الشؤون العامة للناس كالمعاملات التجارية والأحوال الشخصية. كما شهدت التوسع في الزراعة وبداية الحياة الحضرية. فضلًا عن فن التعدين، والعربة ذات العجلة والمحراث، إلى جانب السفن الشراعية.
انتقل الحكم السومري إلى مدينة (أور) وتكونت فيها سلالة عرفت بسلالة (أور الثالثة)، أسسها الملك (أور- نمو). وتعد أيامه من عهود العراق المجيدة، وهو آخر عهد في حياة السومريين السياسية (2113-2006ق.م).
وفي أوائل الألف الثانية قبل الميلاد حكمت العراق أسرة جديدة عرفت بسلالة بابل الأولى (1894–1595ق.م). اشتهرت بملكها السادس حمورابي (1728–1686ق.م) الذي مدّ فتوحاته إلى شمالي بلاد الرافدين وإلى جهات الهلال الخصيب الأخرى. ومن أبرز أعماله سنّ شريعة واحدة تسري أحكامها في جميع أنحاء المملكة عرفت بقانون حمورابي.
شكَّل الأشوريون مملكتهم شمال العراق، بقوة عسكرية كبيرة فرضت سلطانها على شعوب العالم القديم لعدة قرون تلت. ويعد شلمنصر الأول (1266 – 1243ق.م) من أعظم ملوك ذلك العهد.
أواسط القرن الثامن قبل الميلاد تولى زمام الأمور تيجلاتبليزر الثالث (745-727ق.م) ليبدأ عهدًا جديدًا في تاريخ الآشوريين. كانت أعظم إنجازاتها توحيد بلاد بابل وآشور في مملكة واحدة.
كان الملك سرجون الثاني (727–705 ق.م) واحدًا من أهم ملوك هذه الحقبة، عُرِف بتشييد عاصمة جديدة، كما عُرِف بالقضاء على المملكة اليهودية الشمالية (السامرة) عام 721 ق.م، والقضاء على التحالف بين الفراعنة والدويلات الصغيرة في فلسطين وسوريا.
ويُعَد آشوربانيبال (668-626 ق.م) أكثر ملوك هذا العهد ثقافة، وله الفضل في جمع الكتب التي عّرفتنا بنواحي الحضارة العراقية القديمة المختلفة.
في العهد البابلي الحديث، عاشت الحضارة البابلية أزهى عصورها مع حُكم الملك نبوخذ نصر الثاني (604-562ق.م) ولم تسجل الكتابات التي خلفها إلا أخبار البناء والتعمير في جميع مدن العراق المهمة.
أعقبه عدد من الملوك الضعاف، آخرهم نبونائيد (555-539 ق.م)، فتدهورت الأوضاع في البلاد خلال عهودهم وانتهت تلك الإمبراطورية العظيمة بسقوط بابل على يد (كورش) ملك الإخمينيين عام 539 ق.م. لتغرُب حضارة العراق وتطمر علومه وأمجاده لقرونٍ طويلة تلت. تناوب عليها السلوقيون، البارثيون، الرومان، الساسانيون، حتى دخول الإسلام.
من ظهور الإسلام إلى الخلافة العباسية (٦٢٧ – ٧٥٠)
مع مطلع القرن السابع للميلاد كان العراق إقليمًا من أقاليم الإمبراطورية الساسانية الفارسية. وفي 627-628م، غزا البيزنطيون، العراق. تلا ذلك فترة من الاقتتال الداخلي بين الجنرالات وأفراد العائلة المالكة.
في عام 637م، انتصر “الفاتحون” المسلمون على الجيش الفارسي في معركة القادسية. وبحلول نهاية العام التالي (638م)، احتل المسلمون جميع أنحاء العراق تقريبًا ، وكان آخر ملك ساساني ،يزدرجد الثالث Yazdegerd III، قد فر إلى إيران، حيث قُتل عام 651م.
أعقب الفتح الإسلامي هجرة جماعية للعرب من شرق الجزيرة العربية وعمان، وأصبح العراق تابعًا للخلافة الإسلامية، التي امتدت من شمال إفريقيا ثم إسبانيا في الغرب، إلى السند (جنوب باكستان الآن) في الشرق. ولكن بعد مقتل الخليفة الثالث، عثمان بن عفان، في عام 656م، خلفه علي بن أبي طالب، الذي جعل من الكوفة مركزًا للخلافة. وفي عام 661، قُتل علي في مدينة الكوفة، وانتقلت الخلافة إلى العائلة الأموية المنافسة في سوريا.
كان أول ولاة الدولة الأموية في العراق الحجاج بن يوسف الثقفي، وتميزت ولايته بالشدة والقتل ضد معارضي الدولة.
تعرض حكم الأمويين في العراق لعدة ثورات، منها ثورة زيد بن علي بن الحسين على الخليفة هشام بن عبد الملك عام 739م، وانتهى حكم الأمويين بالعراق بعد خسارة الخليفة الأموي أمام جيوش العباسيين في معركة الزاب الكبير في (750م).
الخلافة العباسية (٧٥٠ – ١٢٥٨)
بعد انتقال عاصمة الخلافة من دمشق إلى بغداد، أصبح العراق مركزًا لنشاط ثقافي كبير خلال فترة حكم الخليفة المأمون في بغداد (813-833م). غير أن اغتيال الخليفة المتوكل 861م أدى إلى فوضى عمت البلاد، أسفرت في نهاية المطاف عن حربٍ أهليةٍ مفتوحة بين السامرائي وبغداد 865م انتهت بحصار مدمر لبغداد.
وفي عام 870م تم استعادة الاستقرار من قبل الخليفة المعتصم بالله في السامراء. وأصبح العراق موحدًا تحت سيطرة العباسيين (892-908م) خلال حكم المعتضد بالله وابنه؛ لكن سرعان ما تدهور الاستقرار في عهد المقتدر بالله (908-932م).
وعلى الرغم من ذلك كله استمرت الخلافة العباسية في العراق حتى العام 1258م (عهد عبد الله المعتصم بالله).
بعد حرب طويلة مع العباسيين فشلت الموصل (العاصمة) في مقاومة المغول بعد حصار يزيد على السنة، واحتلها المغول عام 1261م.
من العثمانيين إلى الحاضر (١٥٣٤ – ٢٠٢٠)
أعقب ذلك عقود طويلة من الصراع على العراق، وصولاً إلى الاحتلال الصفوي (1508-1534م). وأصبحت العراق جزءًا من الإمبراطورية العثمانية (1534-1918م)، حتى استولت بريطانيا على الحكم.
حصلت على استقلالها عام 1932م، ومرت البلاد بسلسة انقلابات حتى أصبح صدام حسين رئيسًا للبلاد عام 1979م.
خاضت العراق حربًا حدودية طويلة مع إيران خلال الأعوام (1980-1988م). وبعد عامين غزا العراق دولة الكويت، ما وضعها في مسار تصادمي مع المجتمع الدولي.
بعد فترة عقوبات طويلة، غزت قوات تحالف دولية، العراق، بقيادة أمريكية عام 2003، وفي نهاية العام ذاته تم أسر صدام حسين، ليصار إلى إعدامه في ديسمبر 2006.
ومنذ ذلك التاريخ لازال العراق يمر بحالة من عدم الاستقرار على الرغم من تعاقب الحكومات المختلفة، نتيجة صراعات طائفية داخلية، وصراعات نفوذ دولية وإقليمية.