وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

النظام الامريكي الجديد في العراق

النظام الامريكي الجديد في العراق
بول بريمر

المقدمة

مع سقوط صدام حسين ونظامه، قدّمت سلطات الاحتلال الأمريكي لمحة حول الكيفية التي تعتزم إدارة العراق بها. في أول 6-18 شهراً، تكون البلاد تحت السيطرة المباشرة لحاكم عسكري أمريكي. ولا يتم تسليم السلطة إلى عراقيين قبل عامين من الاحتلال. احتجت المعارضة العراقية المنظمة بقوة على هذه الخطة، وبالتالي تم إلغاؤها.

بعد تسعة أيام من انهيار النظام، وضعت واشنطن إدارة العراق في أيدي مكتب إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية (ORHA) بقيادة الجنرال الأمريكي السابق جاي غارنر. وبعد ذلك بأسبوعين فقط، تم استبدال غارنر بالدبلوماسي الأمريكي بول بريمر، والذي أصبح رئيساً لسلطة الائتلاف المؤقتة (CPA)، والتي كانت مسؤولة أمام البنتاغون مباشرة وحلت محل مكتب إعادة الإعمار.

العراق حرب
مجلس الحكم الانتقالي

تحت ضغط من شركائها العراقيين وبناء على توصية من الأمم المتحدة، قامت واشنطن في 6 تموز/يوليو عام 2003 بتنصيب مجلس الحكم الانتقالي (IGC)، والذي يتألف من خمسة وعشرين ممثلاً عن مختلف أحزاب المعارضة السابقة من جميع فئات السكان: 13 من العرب الشيعة، 5 من العرب السنة، 5 من الأكراد، 1 من الآشوريين، 1 من التركمان، وكان من بين الـ 25 ممثلاً ثلاث نساء. وكان هناك تمثيل كبير للمنفيين السابقين في المجلس. تتناوب الرئاسة شهرياً بين تسعة أعضاء (5 من العرب الشيعة و 2 من العرب السنة و 2 من الأكراد). كان بريمر، رئيس الائتلاف المؤقت، يمتلك حق النقض الفيتو على أي قرار للجنة الحكم الانتقالي. وفي 3 أيلول/سبتمبر عام 2003، شكل مجلس الحكم الانتقالي مجلساً للوزراء، مؤلفاً من 25 وزيراً (13 من الشيعة العرب، 5 من العرب السنة، 5 من الأكراد، 1 من الآشوريين، 1 من التركمان).

أجبر تصاعد العنف من جانب الجماعات التي قاومت النظام الجديد و/أو الاحتلال بحد ذاته – بالإضافة إلى مطالبة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني الذي له أتباع كثيرين بين أغلبية العرب الشيعة واستطاع بأن يكون مصدر إلهام لاحتجاجات حاشدة، بتجميع فوري لإدارة تمثيل وطنية على أساس انتخابات عامة – واشنطن على تعديل خططها مرة أخرى. ففي 15 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2003، تم الإعلان عن جدول زمني لنقل السلطة رسمياً قبل 30 حزيران/يونيو عام 2004 (بدعم من قرار مجلس الأمن رقم 1546 في 8 حزيران/يونيو عام 2004).

نقل السلطة

في 8 آذار/مارس عام 2004، وقّع مجلس الحكم الانتقالي القانون الإداري الانتقالي، وهو دستور مؤقت يتم بموجبه تسليم السلطة السياسية في نهاية المطاف إلى الممثلين المنتخبين من الشعب العراقي، على ثلاث مراحل. في المرحلة الأولى، تتسلم حكومة عراقية مؤقتة (غير منتخبة) السلطة من مجلس الحكم الانتقالي (الأمر الذي حدث في 30 حزيران/يونيو عام 2004). تدير الحكومة المؤقتة شؤون البلاد حتى يتم تشكيل حكومة عراقية انتقالية بعد إجراء انتخابات عامة. وفي المرحلة الثانية، تجرى انتخابات عامة للمجلس الوطني الانتقالي المكون من 275 مقعداً (الأمر الذي حدث في 13 كانون الثاني/يناير عام 2005) لتشكيل الحكومة الانتقالية. ينتخب المجلس رئيساً (ونائبين له)، والذي بدوره يختار رئيس الوزراء.

يترأس رئيس الوزراء، بمساعدة نائبي رئيس الوزراء، الحكومة الانتقالية بعد موافقة المجلس. كانت أهم مهمة للمجلس الوطني الانتقالي صياغة دستور جديد، والذي يتم تقديمه للشعب العراقي للموافقة عليه في استفتاء شعبي (الأمر الذي حدث في 31 تشرين الأول/أكتوبر عام 2005). في المرحلة الثالثة، وفي حال تمت الموافقة على الدستور، تجري انتخابات عامة لمجلس النواب المؤلف من 275 مقعداً (الأمر الذي حدث في 31 كانون الأول/ديسمبر عام 2005). وكما هو الحال بالنسبة للحكومة المؤقتة، ينتخب المجلس رئيساً جديداً (ونائبين جديدين له)، والذي بدوره يختار رئيساً للوزراء. يترأس رئيس الوزراء الحكومة بمساعدة نائبين بعد الحصول على موافقة المجلس.

أخيراً تم نقل السلطة من سلطة الائتلاف المؤقتة إلى الحكومة العراقية المؤقتة (المرحلة الأولى) قبل يومين من انتهاء المهلة (لأسباب أمنية)، وذلك في 28 حزيران/يونيو عام 2004. كان رئيس الحكومة العراقية المؤقتة من العرب السنّة (غازي عجيل الياور)، ويساعده نائبان من العرب الشيعة والأكراد. وذهب أهم منصب في الحكومة الانتقالية، منصب رئيس الوزراء، إلى إياد علاوي من العرب الشيعة، ويساعده نائبا رئيس مجلس وزراء من العرب السنة والأكراد. تم حل سلطة الائتلاف المؤقتة رسمياً في اليوم ذاته، مع أن دورها تولته السفارة الأمريكية من الناحية العملية، وهي أكبر سفارة أمريكية في العالم في ذلك الوقت، بطاقم 125,000 جندي وآلاف من المرتزقة الأجانب.

خلال هذه العملية، أصبح ممثلو أهم أحزاب المعارضة السابقة جزءً من الإدارة الجديدة التي أقيمت تحت رعاية قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني. ولهذا السبب، صوّرهم ناقدون من داخل العراق وخارجه على أنهم دمى في يد واشنطن. كان هذا هو الحال بالنسبة للعديد من الأطراف المشاركة (المؤتمر الوطني العراقي والائتلاف الوطني العراقي)، ولكن بالتأكيد ليس بالنسبة للآخرين (حزب الدعوة، المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، الحزب الديمقراطي الكردستاني، الاتحاد الوطني الكردستاني).

بررت الأحزاب مشاركتها بأن الخيارات السياسية في العراق الفقير والمحتل كانت محدودة جداً وأن المزيد من مخاطر الانحدار كبيرة. وقد أملوا من مشاركتهم في النظام الجديد بتعزيز مصالح أحزابهم (ومصالحهم) من الداخل، ليتمكنوا من ممارسة نفوذ إيجابي في حل نزاعات المصالح المتبادلة (أو مواصلة تسوية خلافاتهم السياسية)، واستعادة السيادة الحقيقية للعراق على مراحل. كانت معظم الأحزاب معتمدة على واشنطن، إلا أنها لم تكن أدوات سهلة الانقياد لها، لأنها استطاعت الدعوة إلى تعبئة جماهيرية، وفي حال الفشل، إلى مقاومة عنيفة كوسيلة للضغط.

Advertisement
Fanack Water Palestine