وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

أزمة الكويت (1990–1991)

Ground Operation Desert Storm

المقدمة

في آب/أغسطس 1990، اخترقت الدبابات العراقية الحدود الكويتية ونزلت القوات المحمولة بالحوامات في مدينة الكويت، وذلك في ذروة التدهور السريع للعلاقات بين البلدين. في الأسابيع التي سبقت الغزو، اتهم الزعيم العراقي صدام حسين الكويت على أنها تستخرج النفط من الحقول على الحدود بين البلدين. وكان السفير الأمريكي في بغداد، April Glaspie، قد أبلغ القيادة العراقية أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتدخل في الشؤون بين الدول العربية، الرأي الذي فسره صدام حسين كضوء أخضر لاحتلال الكويت، البلد الذي كان يعتبره الكثير من العراقيين كمحافظة عراقية.

عملية درع الصحراء

مقاتلات أف 15 على الأرض خلال عملية درع الصحراء
مقاتلات أف 15 على الأرض خلال عملية درع الصحراء

لم تكن القوات المسلحة الكويتية الصغيرة صنواً للعراقيين الذين كان يفوق عددهم 100,000 جندي. فرّت العديد من وحدات الجيش الكويتية والطائرات والسفن الحربية إلى السعودية، بانتظار تغيّر الأمور. وهذا ما حدث بسرعة. وخوفاً من مواصلة القوات العراقية تقدمها إلى شرق السعودية – حيث يتوضع أكبر احتياطي نفط في العالم – أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية بآلاف الجنود المحمولين جواً خلال أيام إلى العربية السعودية لإقامة سياج على الحدود الشمالية (عملية درع الصحراء).

سرعان ما تم تعزيز “حاجز الصد” هذا المسلح تسليحاً خفيفاً بعشرات الآلاف من القوات الأخرى بعتادها الكامل، بعضهم من الولايات المتحدة وآخرون من ألمانيا حيث تم تخفيض عدد الجنود الأمريكان في ذلك الوقت نتيجة تخفيف حدة التوتر بين الشرق والغرب. كما تزايد التواجد البحري الأمريكي بشكل كبير بوصول عدة حاملات طائرات.

كما كانت هناك تعزيزات على الجبهة الدبلوماسية، كانت لها نتائج كبيرة. ووعدت أكثر من 30 دولة بإرسال قوات، وبعضها أرسل بقوات كبيرة، مثل فرنسا وبريطانيا وتحالف من الدول العربية. وفي الوقت ذاته، تمركزت القوات العراقية في الكويت والمحافظات العراقية الجنوبية. كما استعرض العراق رهائن احتجزهم على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية البريطانية تقطعت بها السبل في الكويت.

عملية عاصفة الصحراء

طاشرات أمريكية خلال عملية عاصفة الصحراء
طاشرات أمريكية خلال عملية عاصفة الصحراء

في أول الشتاء، كانت مئات الآلاف من قوات التحالف قد وصلت إلى “مسرح العمليات”. وقد اتضح تماماً أنها لم تأت لمنع حدوث غزو عراقي على السعودية، وإنما لطرد القوات العراقية من الكويت. وفي كانون الثاني/يناير 1991، تحولت عملية درع الصحراء إلى “عملية عاصفة الصحراء” بحملة جوية استغرقت ستة أسابيع. في حركة لا تزال تعتبر غامضة، هربت عشرات الطائرات المقاتلة العراقية إلى إيران، العدو اللدود السابق. وحتى يومنا هذا، لا تزال معظم تلك الطائرات في الخدمة في سلاح الجو الإيراني.

تفرقت معظم القوات العراقية وتمركزت تحت أمتار من الرمال وخلف السواتر الرملية. إلا أنها لم تكن صنواً للتفوق الجوي لقوات التحالف منذ بداية عاصفة الصحراء على الجبهة الكويتية. خرجت القوات العراقية من القصف الجوي سالمة نسبياً. فقد كانت الأهداف كثيرة جداً والقنابل الذكية الموجهة قليلة نسبياً. إلا أن الهجوم الجوي كان له تأثير مدمر للروح المعنوية للضباط والجنود العراقيين، الذين بقوا في أماكنهم ولا يعرفون كيف كانت المعركة تدور، ولا إذا كان الهجوم التالي سيكون موجهاً ضدهم. وبشكل خاص كانت للقنابل الضخمة التي تنتج عنها “سحابة الفطر”، التي استخدمها الأمريكان، تأثير نفسي قوي.

بعد أسبوعين من القصف، قرر الجيش العراقي القيام بهجوم مضاد بعدة كتائب مدرعة. وكان الهدف: مدينة الخفجي الحدودية. وعندما شكلت الدبابات العراقية والعربات المصفحة المنتشرة أرتالاً وتحركت جنوباً، تم رصدها ومتابعتها عن طريق طائرات استطلاع، والتي قامت بالتالي بتوجيه طائرات مقاتلة إلى هذه الأهداف في الصحراء. لم تصل معظم التشكيلات العراقية إلى الخفجي نتيجة الهجمات الجوية التي تلت ذلك، باستثناء بعض القوات التي تم صدّها في ضواحي الخفجي. وكان هذا الهجوم المضاد الوحيد للعراق في الحرب.

الهدنة

كانت هيئة الأركان العسكرية العراقية المعزولة تعاني من مشاكل جمّة في الحصول على المعلومات المطلوبة لمعرفة مجريات الأمور. فقد كان يتم التشويش على الاتصالات اللاسلكية باستمرار، وتم قطع الكابلات الأرضية القليلة التي كانت ممدودة إلى الجنوب. وازداد اعتماد الضباط العراقيين في معلوماتهم الاستخباراتية على ما كان متوفراً من وسائل الاتصالات العامة، مثل كابلات التلفزيون والإذاعة. وعندما كانت وسائل الإعلام الغربية تنقل على نطاق واسع أخبار المناورات العسكرية الواسعة للقوات الأمريكية والبريطانية البرمائية والاستعدادات لحرب المدن، استنتج العراقيون أن الحشد الرئيسي للحلفاء سيكون باتجاه مدينة الكويت مع إنزالات برمائية داعمة من مياه الخليج. على العكس، كان الهجوم الرئيسي لتشكيلات التحالف موجهاً حول مدينة الكويت خلف القوات العراقية المحتلة. لم يكن هناك إنزالات.

تواصل الهجوم المضلل على خط الدفاع العراقي الرئيسي في الكويت بشكل أسرع مما هو متوقع. وعندما اتضح أن القوات العراقية المحتلة باتت في خطر التطويق، حاولت الانسحاب إلى البصرة. وفي طريقهم، هاجمتهم طائرات البحرية الأمريكية. بعد ذلك بوقت قصير، تم التوقيع على هدنة. إلا أنها لم تعني نهاية القتال. وبالفعل، جرت أكبر معركة دبابات في الحرب عندما حاولت تشكيلات المدرعات العراقية، في انتهاك لاتفاقية وقف إطلاق النار، الفرار من جنوب العراق إلى مناطق أكثر أماناً، بعيداً عن القوات الأمريكية القريبة. ولا تزال معركة Easting 73، كما أصبح اسمها، يتم التدرب عليها عملياً في الأكاديميات العسكرية الأمريكية.

بالطبع، لم تجلب نهاية عملية عاصفة الصحراء السلام إلى العراق. بل يمكن القول: على العكس. فقد ثار السكان الشيعة في الجنوب والأكراد في الشمال ضد النظام وقواته. وقد تم سحق التمرد خلال أشهر.

Advertisement
Fanack Water Palestine