وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

العملية السياسية في العراق بعد صدام

العملية السياسية في العراق بعد صدام
جلال طالباني

المقدمة

رغم تزايد العنف، تم تنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة من نقل السلطة إلى ممثلين منتخبين من الشعب العراقي. ففي 30 كانون الثاني/يناير عام 2005، تم إجراء انتخابات المرحلة الثانية على المجلس الوطني الانتقالي ذي 275 مقعد، رغم عدم مشاركة العرب السنّة.

وكونهم الطائفة المهيمنة تقليدياً على المجتمع العراقي، أصرّ العرب السنّة على عدم قبول الواقع السياسي الجديد في فترة ما بعد صدام حسين وتغير السلطة الذي رافقه. ونتيجة لمقاطعتهم، سيطر على المجلس الوطني الانتقالي ممثلو أكبر الأحزاب السياسية الشيعية والكردية: حصل الائتلاف الإسلامي الشيعي العراقي (مثل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، حزب الدعوة، حركة السيد مقتدى الصدر) على 48,2% من الأصوات، يليه التحالف الوطني الديمقراطي الكردستاني (الحزب الديمقراطي الكردستاني، الاتحاد الوطني الكردستاني) الذي حصل على 25,7% ، وحصل حزب “العراقية” غير الطائفي على 13,8% (ذهبت بقية الأصوات إلى أحزاب العرب السنّة الصغيرة والتركمان والعلمانيين اليساريين). وكانت نسبة المشاركة 58%.

في 6 نيسان/أبريل عام 2005، انتخب المجلس جلال طالباني الكردي رئيساً للعراق. وعيّن إبراهيم الجعفري العربي الشيعي لتشكيل الحكومة العراقية الانتقالية، والتي أدت اليمين الدستورية في 28 نيسان/أبريل عام 2005، وأصبح الجعفري رئيساً للوزراء.

نظراً للتمثيل الناقص للسنّة في المجلس الوطني الانتقالي، كان العرب الشيعة والأكراد في وضع يمكّنهم من ترك بصمة قوية على الدستور الجديد؛ فبالنسبة للأكراد، وفّر الدستور الأساس لدولة اتحادية مع سلطات تنفيذية كبيرة لمناطقها المنفصلة، بما في ذلك دولة كردية مكونة من ثلاث محافظات (سيتم بحث محافظة كركوك المتنازع عليها لاحقاً). أما بالنسبة للعرب الشيعة المنظمين بشكل كبير في الأحزاب الإسلامية الشيعية، ينص الدستور على إمكانية وضع نظام قضائي مستوحى من الإسلام.

وعندما تم وضع الدستور للاستفتاء في 15 تشرين الأول/أكتوبر عام 2005، دعا الزعماء العرب السنّة أتباعهم للتصويت ضده. ولعرقلة الدستور، كانوا بحاجة إلى أغلبية ثلثي أصوات الـ “لا” في ثلاث من المحافظات العراقية الثمانية عشرة على الأقل. حصلوا على هذه النتيجة في اثنتين فقط من المحافظات العراقية، رغم أنهم اقتربوا من هذه النتيجة في محافظة ثالثة.

الانتخابات العامة

مجلس النواب المؤلف من 275 مقعداً (لفترة أربع سنوات) وتشكيل حكومة جديدة. جرت الانتخابات في 15 كانون الأول/ديسمبر عام 2005. شارك العرب السنّة، فكانت نسبة المشاركة مرتفعة (76,4%).

انتخابات العام 2005

فاز الائتلاف الشيعي العراقي بنسبة 41,2%، بينما حصل التحالف الوطني الديمقراطي الكردستاني على نسبة 21,7% وجبهة التوافق العربية السنية على 15,1% والقائمة العراقية العلمانية السنية-الشيعية على 8% والجبهة العراقية للحوار الوطني العربية السنية على 4,1% (ذهبت بقية الأصوات إلى أحزاب تركمانية وكردية صغيرة).
ذهب حوالي 80% من الأصوات إما إلى أحزاب وطنية إسلامية (سنية أو شيعية) أو كردية. كان دافع العرب السنّة للمشاركة إدراكهم المتزايد بأن إقامة النظام السياسي الجديد سيمضي قدماً معهم أو بدونهم، ولوجود بند خاص في الدستور يعتمد على إمكانية إجراء تعديلات على قضايا كانت هامة بالنسبة للعرب السنّة. وكان من بينها قبل كل شيء، القيود المفروضة على لامركزية الدولة من أجل الحفاظ على حصة عادلة من عائدات النفط للعرب السنّة الذين يعيش القسم الأكبر منهم خارج أجزاء العراق التي يتواجد فيها احتياطي النفط والغاز المؤكدة (15% منه في المحافظات الكردية الشمالية الثلاث، 70% في المحافظات العربية الشيعية الجنوبية الثلاث، تحتل العراق المرتبة الثالثة في احتياطي النفط المؤكدة حسب منظمة الأوبك بعد السعودية وإيران؛ ويعتقد المتخصصون في هذا المجال بأن الحجم الحقيقي لاحتياطي النفط في العراق من المحتمل أن يقترب من احتياطي المملكة العربية السعودية الرائدة في الإنتاج في العالم – وقد منعت عقود من الحرب البحث المنهجي، بينما تحسنت التكنولوجيا كثيراً).

في 6 نيسان/أبريل عام 2006، أعاد مجلس النواب انتخاب جلال طالباني رئيساً للبلاد. وقد شكّل هو ونائبا الرئيس العربي الشيعي والعربي السني (كل منهم لفترة أربع سنوات) مجلس الرئاسة، حيث كان كل عضو من أعضائه يمتلك حق النقض الفيتو على القوانين التي يقرها مجلس النواب. وقبل يومين، شغل منصب رئيس مجلس النواب حاجم الحسني، من العرب السنّة. وفي 3 أيار/مايو عام 2006، وبعد خمسة أشهر من إجراء الانتخابات العامة، أدت الحكومة الائتلافية اليمين الدستورية، حيث هيمنت الأحزاب الإسلامية الشيعية والكردية، بالإضافة إلى حزب واحد من العرب السنّة. وكان رئيس الوزراء الجديد نوري المالكي من العرب الشيعة زعيم حزب الدعوة الإسلامي الشيعي. ويساعده نائبان من العرب السنّة والأكراد (وثلاثتهم لفترة أربع سنوات).

بشكل عام، بدا وكأنه تم بناء نظام جديد، منظم وفقاً لخطوط عرقية وطائفية، ولكن الواقع كان مختلفاً: فسرعان ما تحول العنف السياسي إلى حرب أهلية.

Advertisement
Fanack Water Palestine