بعد وقف إطلاق النار، سعى العراق إلى زيادة صادراته من النفط إلى الحد الأعلى لمعالجة مشاكله الاقتصادية التي نجمت عن الحرب، ولكن لسوء حظهم كانت أسعار النفط منخفضة في ذلك الوقت. اعتقدت بغداد بأن إفراط جارتها الكويت في إنتاج النفط كان أحد الأسباب المسؤولة عن هذا الوضع. وعندما لم تأتِ التهديدات اللفظية بنتيجة، أمر صدام حسين بغزو الكويت في 2 آب/أغسطس عام 1990. وتبع الاحتلال ضم الكويت للعراق على أنها “المقاطعة العراقية التاسعة عشر”، بموجب الاتفاقيات القديمة من فترتي العثمانيين والانتداب، والتي أعاد العراق إحياءها الآن.
بضم الكويت، ظن نظام صدام حسين بأنه ضرب عصفورين بحجر واحد: تحفيز الاقتصاد العراقي المحتضر عن طريق ثروة الإمارة، والوصول إلى البحر مرة أخرى. فمثل إقليم خوزستان الإيراني، تقع الكويت على حدود محافظة البصرة العراقية والخليج الفارسي.
مع أن القوات الكويتية المسلحة لم تكن نداً للقوات العراقية الكبيرة – خبرة ثماني سنوات في القتال – كان غزو الكويت في نهاية المطاف كارثة عسكرية بالنسبة للعراق الذي أوقع نفسه في حرب مع
الولايات المتحدة الأمريكية وائتلاف كبير من البلدان الأخرى، بما في ذلك الحلفاء الغربيين والعرب السابقين. فمنذ انتهاء الحرب مع إيران، كانت هذه الدول تشعر بقلق عميق إزاء الجهود التي يبذلها العراق لتوسيع ترسانته من الأسلحة غير التقليدية، والمزودة بأنظمة صاروخية معززة وصواريخ بعيدة المدى و “مدفع عملاق”. قدّم هجوم العراق على الكويت فرصة للحلفاء السابقين للحد من قدرات العراق العسكرية، فقد كانوا يعتقدون بوجوب إيقاف العراق عن أن يصبح القوة الرائدة في الخليج الفارسي بضمه احتياطي نفط الكويت. كما شددت الدعاية الغربية على ضرورة استعادة القانون الدولي الذي انتهكه العراق بغزو الكويت.
خلال أزمة الكويت، اتخذت الأمم المتحدة موقفاً موحداً بشكل ملحوظ. اعتبر الكثيرون ذلك إشارة تبعث على الأمل في ظهور علاقات جديدة – نظام عالمي جديد – بعد نهاية الحرب الباردة. إلا أن الواقع كان غير ذلك. فخلال الأزمة، نجحت الولايات المتحدة الأمريكية بجعل الأمم المتحدة تنفذ سياسات وزارة الدفاع الأمريكية. وبعد قرارات الأمم المتحدة التي تطالب العراق بالانسحاب الفوري وغير المشروط من الكويت، تم تمرير أول مجموعة من قرارات مجلس الأمن الدولي في 6 آب/أغسطس عام 1990 (القرار 661) بإصرار من واشنطن، بعد أربعة أيام من الغزو، بفرض حظر تجاري على العراق. تم فرض حصار أرضي وبحري وجوي، كما قامت المملكة العربية السعودية وتركيا بإغلاق أنابيب النفط التي تم تمديدها خلال الحرب العراقية الإيرانية. وعلى الفور، لم يتبقَ للعراق مصدر للدخل. وفي الأشهر التالية، تمكنت الولايات المتحدة من تضييق الخناق أكثر على العراق، وتم جمع قوة عسكرية متعددة الجنسيات تحت قيادة الولايات المتحدة، والتي تضمنت، بالإضافة إلى عدد من دول أوروبا الغربية، المملكة العربية السعودية ومصر وسوريا والمغرب وباكستان وغيرهم. وقدمت الكويت والمملكة العربية السعودية التمويل اللازم. وفي محاولة لضمان السلام على حدوده الشرقية، قدم العراق لجارته إيران عرضاً غير مقنع بتقاسم شط العرب مرة أخرى. كما أرسل العراق طائرات مقاتلة إلى إيران لوقايتها من القصف، وذلك قبل الحرب التي كانت تلوح في الأفق مع قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة. ولم تسترجعها العراق بعد ذلك.