وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين: القرار 181

الخارطة الرسمية للأمم المتحدة بشأن خطة التقسيم لعام 1947
الخارطة الرسمية للأمم المتحدة بشأن خطة التقسيم لعام 1947

في 29 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1947، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على خطة تقسيم فلسطين، والتي أوصت بها لجنة الأمم المتحدة الخاصة بشأن فلسطين (UNSCOP) قبل ثلاثة أشهر. نصت الخطة على دولة يهودية تشغل 56,47% من الأراضي (باستثناء القدس) يسكنها 480,000 من اليهود و 325,000 من الفلسطينيين، ودولة عربية تشغل 42,53% من الأراضي باستثناء القدس، يسكنها 807,000 من الفلسطينيين و 10,000 من اليهود. كما نصت الخطة على وصاية دولية للقدس كجزء مستقل.

علقت صحيفة نيويورك تايمز في 30 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1947: “أتى هذا القرار بشكل أساسي نتيجة لحقيقة أن وفدي الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، واللذين كانا على خلاف حول كل قضية هامة قبل الاجتماع، وقفا جنباً إلى جنب حول التقسيم”. وقد حث كل من أندريه غروميكو، ممثل الاتحاد السوفييتي، وهيرشل جونسون، السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، الجمعية على “عدم الموافقة على مزيد من التأخير وإنما التصويت على التقسيم حالاً”. أعطى المؤرخ الأمريكي برنارد لويس، أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برينستون، في كتابه عام 1995 بعنوان “الشرق الأوسط”، التفسير التالي لدعم الاتحاد السوفييتي: “كان ستالين في تلك الأيام لا يزال يعتبر بريطانيا، وليس الولايات المتحدة الأمريكية، عدوه العالمي الرئيسي. وقد رأى في دولة إسرائيل الجديدة أفضل فرصة لتقويض الموقف البريطاني في الشرق الأوسط. وفي سعيه لتحقيق هذا الهدف، سمح لتشيكوسلوفاكيا، ومن ثم لدولة تابعة للاتحاد السوفييتي، بتقديم الأسلحة التي مكنت إسرائيل من النجاة في حربها الأولى. (…) وكان العنصر الهام في السياسة السوفييتية من منتصف الخمسينات، وبأكثر قوة في الستينات والسبعينات، هو دعم القضية العربية ضد إسرائيل: دبلوماسياً، في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى؛ وعسكرياً، وذلك بتوفير الأسلحة المتطورة والدعم التقني واللوجستي للجيوش العربية. وهذا ما قاد الولايات المتحدة بدورها إلى الدخول في علاقة جديدة وإستراتيجية أكثر حميمية مع إسرائيل، والتي أصبحت المصدر الرئيسي للدعم الدبلوماسي والإستراتيجي، كما المالي لاحقاً. جعلت هذه التطورات الصراع العربي الإسرائيلي قضية رئيسية في الحرب الباردة”.

هناك استنتاج مختلف نوعاً ما يقول بأن الحرب الباردة لعبت دوراً هاماً في الشرق الأوسط، وذلك في كتاب “تاريخ الشعوب العربية” لألبرت الحوراني (1991)، مؤرخ أكسفورد: ” اعتقدت الولايات المتحدة، الآن وفي فترة الحرب الباردة والتوسع الاقتصادي، أنه يمكن حماية مصالحها في الشرق الأوسط فقط من خلال علاقات وثيقة مع الحكومات المحلية المستعدة لربط سياستها مع سياسة التحالف الغربي. لكن يقول العديد من السياسيين (العرب) والمجموعات السياسية إن الضمان الوحيد للاستقلال في عالم ما بعد الاستعمار قد يكمن في التزام الحياد بين المعسكرين المسلحين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي). وبما أن المعسكر الغربي مرتبط بذكريات الحكم الإمبريالي (بريطانيا وفرنسا)، ومع مشاكل فلسطين والجزائر التي كانت لا تزال متقرحة، ونظراً إلى أن الضغط الرئيسي لإبرام اتفاقيات دفاعية جاء من هذا الجانب، حملت الرغبة بالحيادية معها نزعة الميل أكثر باتجاه المعسكر الآخر (السوفييت). بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة في عصر الحرب الباردة، كان رفض الانضمام إلى التحالف الدفاعي الغربي في الشرق الأوسط  نافذ المفعول للانضمام إلى الكتلة الشرقية”.

قبلت الجمعية العامة القرار 181 بتصويت 33 دولة عضو (59%) لصالحه (أستراليا وبلجيكا وبوليفيا والبرازيل وبيلاروسيا الاشتراكية السوفييتية وكندا وكوستاريكا وتشيكوسلوفاكيا والدانمرك وجمهورية الدومينيك والإكوادور وغواتيمالا وفرنسا وأيسلندا ولوكسمبورغ وهولندا ونيوزيلندا ونيكاراغوا والنرويج وبنما وباراغواي وبيرو وبولندا والسويد وجنوب أفريقيا وجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفييتية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي وأوروغواي وفنزويلا وهايتي وليبيريا والفيليبين) و 13 عضواً (23 بالمئة) ضده (أفغانستان، كوبا، مصر، اليونان، الهند، إيران، العراق، لبنان، السعودية، باكستان، تركيا، اليمن) و 10 أعضاء امتنعوا عن التصويت (الأرجنتين، تشيلي، جمهورية الصين، كولومبيا، السلفادور، إثيوبيا، هندوراس، المكسيك، المملكة المتحدة، يوغوسلافيا) ، وتغيبت إحدى الدول الأعضاء عن الدورة، وهي سيام (والتي عرفت لاحقاً بتايلاند).

دعا القرار لجنة الأمم المتحدة بشأن فلسطين لاختيار ومراقبة الحكومات المؤقتة لكلا الدولتين الجديدتين حتى 1 نيسان/أبريل عام 1948. وسينتهي الانتداب البريطاني في 1 آب/أغسطس عام 1948 على أقصى تقدير. وأعلنت لندن بعد ذلك بفترة وجيزة بأن الانتداب سينتهي في 15 أيار/مايو عام 1948.

Advertisement
Fanack Water Palestine