وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

إسرائيل: اتفاقات أوسلو

اتفاقات أوسلو
الرئيس الأمريكي بيل كلينتون يراقب بينما زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين خلال التوقيع على اتفاقات أوسلو في واشنطن

وجدت منظمة التحرير الفلسطينية نفسها في عزلة دبلوماسية مرة أخرى في نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي. كما وقفت إلى جانب صدام حسين في حرب الخليج (1990-1991) بعد أن غزا الجيش العراقي الكويت. فتوقف تدفق الأموال من الدول المانحة مثل السعودية والكويت ودول الخليج.

نجح الرئيس الأميركي جورج بوش ووزير الخارجية جيمس بيكر في تشكيل ائتلاف من 34 دولة، من بينها ثماني دول عربية، وهي: البحرين، ومصر، والمغرب، وسلطنة عمان، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، وسوريا، ووحدات من القوات المسلحة الكويتية التي عبرت حدود المملكة العربية السعودية. من جهة أخرى، أيدت كل من الأردن واليمن ومنظمة التحرير الفلسطينية صدام حسين سياسياً. بدأ التحالف يوم 17 كانون الثاني/يناير 1991 بشن عمليات جوية على المواقع العراقية في كل من الكويت والعراق، أعقبه في 23 شباط/فبراير هجوم بري واسع النطاق على جبهة واسعة جداً في عملية عرفت باسم “عاصفة الصحراء”. وبعد مئة ساعة، انتهت المعركة. خلال ما يسمى بحرب الخليج، أطلقت العراق صواريخ سكود على أهداف في كل من السعودية وإسرائيل، في محاولة لإثارة هجمات انتقامية إسرائيلية، الأمر الذي كان من المحتمل أن يتسبب بانقسام التحالف. وتحت ضغط أمريكي، لم ترد إسرائيل.

بعد وقت قصير من تحرير الكويت، رأت واشنطن أن الوقت مناسب (أيضاً في مقابل الدعم العربي) لتنظيم مؤتمر سلام متعدد الأطراف يتناول قضايا الشرق الأوسط في مدريد (اسبانيا – 30 تشرين الأول/أكتوبر حتى 1 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1991). وإلى جانب الولايات المتحدة (المضيف الرسمي) والاتحاد السوفيتي، حضر المؤتمر وفود من إسرائيل والأردن وسوريا ولبنان، بالإضافة إلى ممثلين من مصر ودول مجلس التعاون الخليجي (الوفد المراقب) والاتحاد الأوروبي. ولم تتم دعوة منظمة التحرير الفلسطينية، التي شهدت انخفاضاً حاداً في التمويل والمساندة السياسية بعد دعمها للعراق خلال حرب الخليج. وعوضاً عن ذلك، تم إضافة شخصيات بارزة من الضفة الغربية و قطاع غزة – وثيقة الصلة بمنظمة التحرير الفلسطينية – إلى الوفد الأردني، الذي كان بالتالي ضعف حجم الوفود العربية الأخرى التي حضرت المؤتمر. أعقب المحادثات العامة متعددة الأطراف على المستوى الوزاري مفاوضات ثنائية بين إسرائيل والأردن/الفلسطينيين، وسوريا، ولبنان. وتناولت المجموعات الفرعية التي شارك فيها خبراء قضايا مثل المستوطنات اليهودية والمياه واللاجئين وغيرها.

استمرت المحادثات والمفاوضات متعددة الأطراف والثنائية لشهور، دون نتيجة تُذكَر. ولم تنجح إسرائيل في التوصل إلى اتفاق سلام منفصل مع الأردن. هذا في حين وصلت المحادثات مع سوريا إلى طريق مسدود حول مسألة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من مرتفعات الجولان. وتمسك الوفد الفلسطيني بمطالبه: اعتراف إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الضفة الغربية (حتى القدس الشرقية) وقطاع غزة، وتفكيك المستوطنات اليهودية، وإقامة دولة فلسطينية، وإيجاد حل لمشكلة اللاجئين.

في أواخر آب/أغسطس 1992، أطلع وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز نظيره الأميركي وارن كريستوفر على “اختراق في أوسلو”، حيث كانت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، عن طريق الوساطة النرويجية، على وشك توقيع اتفاق “على المبادئ”.

عام 1992، أدت حالة الركود في مفاوضات مدريد إلى سعي الحكومة الإسرائيلية الجديدة بزعامة حزب العمل إلى البحث عن بدائل. فقد وجدت شريكاً لديه استعداد للتفاوض مرة أخرى ضمن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية المهمشة دبلوماسياً في تونس. بعد أشهر من الدبلوماسية السرية عبر الوساطة النرويجية، وقعت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية إعلان المبادئ للحكومة الذاتية الانتقالية في واشنطن، 13 أيلول/سبتمبر 1993، تلا ذلك تصافح علني بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في البيت الأبيض تحت إشراف الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. وفي المراسلات ذات الصلة، اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بـ “حق دولة إسرائيل في الوجود في سلام وأمن”، في حين اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية بوصفها “ممثل للشعب الفلسطيني”.

أعقبت “إعلان المبادئ” سلسلة من الاتفاقات، يشار إليها باسم “اتفاقات أوسلو”. ومع ذلك، تم تأجيل جميع القضايا الرئيسية – مثل الحدود والقدس الشرقية والمستوطنات اليهودية ومشكلة اللاجئين – إلى ما يسمى بمفاوضات الوضع النهائي، والتي كان من المقرر أن تبدأ خلال عامين على الأكثر، بعد الانطلاقة الرسمية للمرحلة الانتقالية (4 أيار/مايو 1994 – 4 أيار/مايو 1999).

كانت عملية أوسلو بالنسبة للأردن العقبة الأخيرة في وجه إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل. وفي 14 أيلول/سبتمبر 1993، بعد يوم واحد من توقيع “إعلان المبادئ” تم الإعلان عن جدول الأعمال الأردني الإسرائيلي المشترك. وأخيراً، وبحضور الرئيس كلينتون، في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1994، تم توقيع معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن في وادي عربة (إسرائيل)، على مقربة من الحدود مع الأردن.

Advertisement
Fanack Water Palestine