لا تنعم إسرائيل بوفرة الموارد الطبيعية، فمنذ الإكتشاف الأخير للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، كانت إسرائيل مجردةً من الوقود الأحفوري الغنيّ لدعم اقتصادها. ومع ذلك، تتمتع البلاد بمعدلٍ سنويّ مرتفع لأشعة الشمس، وبخاصة في صحراء النقب في الجنوب، والتي تُسخرها لصالحها. وبالتالي، لم تدَّخر إسرائيل أي جهدٍ ممكنٍ لتغيير الموارد التي يمكن الوصول إليها وتطوير اقتصادٍ نابضٍ بالحياة.
يعمل المهندسون الإسرائليون على استغلال الطاقة الشمسية منذ عام 1948، إذ أصبح تطبيقها عنصراً أساسياً بالنسبة لـ90% من الأسر الاسرائيلية، حيث يستخدم العديدون سخانات المياه الشمسية على أسطح المنازل. وبفضل سنواتٍ من الخبرة المتراكمة والإبداع، تحتل إسرائيل الطليعة في مجال تكنولوجيا الطاقة الشمسية، ويتم إدراج الشركات الاسرائيلية في مشاريع الطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال، تتضمن الشركات الرائدة في أسواق مشاريع تقديم الخدمات، شركة BrightSource Industries، وشركة Solel، وشركة Brenmiller Energy، ومقرها جميعاً اسرائيل.
تنقسم الطاقة الشمسية إلى قطاعين: صناعة الألواح الضوئية، والطاقة الشمسية المركزة. تتعامل الشركات الاسرائيلية الرائدة بالطاقة الشمسية المركزة (CSP)، مثل الأبراج الشمسية والعاكسات الشمسية، ذلك أن الطاقة الشمسية المركزة تنتج كمية أكبر من الطاقة وفقاً لقيمة التكلفة في المناطق ذات الإشعاعات الشمسية المرتفعة، مثل صحراء النقب في اسرائيل. فقد تقدمت تكنولوجيا الطاقة الشمسية في البلاد إلى الحد الذي باتت فيه تنافس تقريباً أسعار الطاقة من الوقود الأحفوري، وذلك وفقاً لتقرير بلومبرغ عام 2008 نقلاً عن الشركة الاسرائيلية Zenith Solar. ولكن في عام 2009، اكتشفت اسرائيل احتياطيات من الغاز الطبيعي في البحر، في حقليّ ليڤياثان وتمر، وبالتالي، حدّت هذه الاكتشافات من الضرورة العاجلة لتطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية في البلاد.
تاريخياً، كانت أزمة نقص الوقود في اسرائيل ما استدعى استغلال الطاقة الشمسية واستخدام سخانات المياه الشمسية. فبعد أزمة الطاقة في سبعينيات القرن الماضي، أقرّ الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) قانوناً يُلزم بتركيب سخانات المياه الشمسية في المنازل عام 1980. وبحلول عام 1990، كان مطلوباً من جميع المباني السكنية الجديدة تثبيت النظام. دفع هذا الاستخدام المبكر والمدعوم من قِبل الدولة للطاقة الشمسية إلى ازدهار هذه الصناعة.
وحالياً، تمثل الطاقة الشمسية ما نسبته 3% من الاستهلاك المحلي الأولي للطاقة، مما يجعل البلاد رائدةً عالمياً في هذا المجال وفقاً لنصيب الفرد الواحد. ويمكن رؤية سخانات المياه الشمسية على أسطح غالبية المباني السكنية في جميع أنحاء البلاد، حيث تُقدر وزارة البنية التحتية الوطنية أنّ الألواح الشمسية المستخدمة لتسخين المياه توفر على اسرائيل ما يقارب المليونيّ برميل من النفط سنوياً.
وتعتبر صحراء النقب في الجنوب، والوادي الشرقي من وادي عربة، الواقع بين البحر الميت ومدينة إيلات الجنوبية، أكثر المناطق عرضةً للشمس في البلاد، فضلاً عن كون التربة في الجنوب غير صالحةٍ للزراعة. هذان العاملان مجتمعان حولا هذه المنطقة الجنوبية إلى مركزٍ لصناعة الطاقة الشمسية الاسرائيلية. ويعتبر المركز الوطني للطاقة الشمسية الذي أسس عام 1987 ويقع في جامعة بن غوريون، في سديه بوكر في صحراء النقب، مركز أبحاثٍ عالميّ معروف. يتضمن المركز مشاريع مثل أكبر عاكس للطاقة الشمسية في العالم، الذي بُنيّ في مشروعٍ مشترك مع شركة Zenith Solar عام 2007، والذي يستخدم صحناً عاكساً قطره 10 متر مربع. وقد أثبتت تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة باستخدام الألواح العاكسة أنها أكثر كفاءة بخمس مراتٍ من حقول الألواح الضوئية المسطحة الاعتيادية.
فقد وصل نموذج مبدأي جاهز للتسويق لتزكيز طاقة شمسية أكثر بألف مرة من الألواح المسطحة. وتعمل شركة Megalim Solar Power ومقرها اسرائيل، والتي تساهم فيها شركة General Electric، حالياً على بناء برجٍ للطاقة الشمسية في صحراء النقب، إذ سيتجاوز طول البرج الـ240 متراً، وسيولد ما يصل إلى 121 ميجاوات من الطاقة الكهربائية بعد الانتهاء منه في عام 2017، حيث ستتجاوز تكلفة البناء الـ773 ميلون دولار وسيوفر المشروع حوالي 1% من الكهرباء في اسرائيل.
وتهدف الحكومة إلى إنتاج 10% من طاقة البلاد من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2020. ويعتبر برج شركة Megalim واحداً من العديد من مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى. فقد تم افتتاح محطة Zmorot Solar Park التي تعمل على طاقة الألواح الضوئية الشمسية والبالغ قدرتها 50 ميجاواط، من قِبل شركة EDF للطاقة في عام 2016. تقع المنشأة في صحراء النقب وتمتد على طول أكثر من 60 هكتاراً وتضم 207,000 لوح شمسي. كما يستخدم مجمع روتم الصناعي، الواقع في مدينة ديمونة في صحراء النقب، أكثر من 1600 مرآة شمسية. وتعتزم شركة Bright Source Industries بناء ثلاث محطات شمسية جديدة في كاليفورنيا لاختبار تقنية جديدة للأشعة الشمسية.
وتعتبر صناعة تكنولوجيا الطاقة الشمسية خير مثالٍ على كيفية تكيّف البلاد مع واقع غياب وفرة الموارد الطبيعية. ففي نوفمبر 2015، قدم العلماء الاسرائليون حلولاً للطاقة الشمسية في اسرائيل في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في باريس، والذي حضره ممثلون من أكثر من 166 دولة عضو في الأمم المتحدة، والذين تعاهدوا على إتخاذ اجراءات بشأن تغيير المناخ بحصر احترار الأرض بأقل من درجتين مئويتين خلال القرن القادم.
كما يمكن لاستخدام الطاقة الشمسية أن يكون عنصراً في تسريع التعاون الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة بين اسرائيل والأراضي الفلسطينية. فقد شارك غيرشون باسكن، وهو رجل أعمال يعمل في مجال الطاقة الشمسية ومن مؤيدي التعاون الاقتصادي مع الفلسطينيين، بمشاريع خاصة بالطاقة الشمسية بين الاسرائليين والفلسطينيين. وفي مقابلةٍ له مع Fanack، أخبرنا أنه لا توجد سياسة رسمية للحكومة الاسرائيلية بعدم دعم مشاريع الطاقة الشمسية في قطاع غزة، التي تقع ضمن الأراضي الفلسطينية.
ويُضيف “لا يوجد أي اعتراض مطلقاً من قِبل منسق الأراضي. إلا أن المشكلة تكمن في الحفاظ على المشروع قابلاً للتطبيق على نطاقٍ واسع.” كما أخبرنا باسكن أن الحكومة الاسرائيلية لا تسمح بدخول بعض المواد إلى قطاع غزة، لأنهم يعتقدون بإمكانية استخدامها كأسلحة، منها على سبيل المثال بطاريات الألواح الشمسية. ومع ذلك، يمكن للمرء ملاحظة وجود ألواحِ شمسية على بعض أسطح المباني في غزة، إلا أنه وفقاً لباسكن، فإن تنفيذ مشروع واسع النطاق للطاقة الشمسية في غزة قد يحتاج إلى جهات مانحة كبيرة ليتم تطبيقه، إذ سيكون من الصعب على أي شركة خاصة الحصول على التصنيف الائتماني، وتقديم بيانات مالية. حقيقة ضارة أخرى يستشهد بها باسكن ألا وهي أن الكثيرين في غزة لا يدفعون فواتير الكهرباء.
كما يمكن أيضاً مشاركة تكنولوجيا الطاقة الشمسية المتقدمة في اسرائيل مع الدول المجاورة التي تواجه تحدياتٍ مناخية مماثلة. ومع ذلك، وعلى الرغم من اكتشاف الغاز الطبيعي، ينبغي مواصلة انتاج الطاقة الشمسية، لتجنب الاعتماد على مصدر وحيد للطاقة.