أدى استمرار احتلال فلسطين في النهاية إلى اندلاع الانتفاضة الشعبية الأولى للفلسطينيين في الضفة الغربية و قطاع غزة، والتي بدأت في كانون الأول/ديسمبر 1987. وكانت بمثابة صدمة ومفاجأة للحكومة الإسرائيلية والقيادة الفلسطينية على حد سواء. وسرعان ما أثبتت أساليب الجيش الإسرائيلي الساعية إلى إخماد الانتفاضة عدم فاعليتها. وعلى العكس، بدأ صراع طويل المدى. ونتيجة لذلك، ارتفعت الدعوات – كما في الغرب – لوضع حد للاحتلال.
كانت تكتيكات الانتفاضة متعددة: إضرابات عمالية منظمة وإغلاقات تجارية ومقاطعة البضائع الإسرائيلية ومظاهرات لا نهاية لها. شارك العديد من الشباب بالانتفاضة، بالتلويح بالإعلام الفلسطينية ورشق الجيش الإسرائيلي بالحجارة. وكانت مخيمات اللاجئين مصادر لا تنضب من المتطوعين. ولم تكن الانتفاضة بعيدة عن العنف. ووفق منظمة بتسليم الإسرائيلية لحقوق الإنسان، قتل نحو 1376 فلسطيني خلال ست سنوات على يد القوات المسلحة الإسرائيلية، و 185 يهودياً إسرائيلياً على يد الفلسطينيين. وتم اعتقال أكثر من 15000 فلسطيني. وقتل المئات من الفلسطينيين المشتبه بتعاونهم مع إسرائيل، من قبل فلسطينيين آخرين.
مع أن الانتفاضة كانت بمثابة رد فعل طبيعي على الاحتلال، سرعان ما شرع القادة المحليون في تنظيمها. وكان بينهم قادة تيار جديد على الساحة السياسية الفلسطينية: إسلاميو حماس والجهاد الإسلامي. ظلت المنظمتان، باختيارهما، خارج منظمة التحرير الفلسطينية.
كي تتمكن منظمة التحرير الفلسطينية من استعادة السيطرة على التطورات السياسية في فلسطين اتخذت قيادتها في المنفى في تونس خطوتين. كانت الخطوة الأولى في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988 مصادقة المجلس الوطني الفلسطيني على قراري مجلس الأمن الدولي 242 و 338، وهو ما يعني تأييداً رسمياً لمقاربة الدولتين في المفاوضات المقبلة. وفي الوقت نفسه، قررت نبذ “الإرهاب بجميع أشكاله (حتى إرهاب الدولة)”. وهو ما فتح الطريق أخيراً أمام الولايات المتحدة لحوار رسمي مع منظمة التحرير الفلسطينية (على أن هذا الحوار ما لبث أن توقف بسبب موقف منظمة التحرير الفلسطينية المؤيد للعراق في أزمة الكويت).
أما الخطوة الثانية، في اليوم نفسه، فكانت إعلان استقلال فلسطين، الذي أعلنه رسمياً رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر العاصمة. ومع أنها كانت ذات طابع رمزي، فقد كان الهدف واضحاً: تأسيس دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. تم تسهيل كلتا الخطوتين بعد أن قام العاهل الأردني الملك حسين، الذي فقد تأثيره السياسي على الفلسطينيين على مر السنين، بقطع علاقات الأردن القانونية والإدارية مع الضفة الغربية في 31 تموز/يوليو 1988، فقط بعد أشهر من اندلاع الانتفاضة. وكان الحكم الذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية المرتبطة بالأردن خياراً بعيداً عن الأجندة السياسية، مع أنه ظل الخيار المفضل لحزب العمل الإسرائيلي لمدة طويلة. (لمزيد من المعلومات، انظر أيضاً الانتفاضة في المفاوضات العربية الإسرائيلية)