وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

النكبة

فلسطين
القرى الفلسطينية المدمرة عام 1949

فلسطين
اللاجؤون الفلسطينيون

خلقت الولادة العنيفة لدولة إسرائيل إحدى المواضيع الأكثر حساسية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي: مشكلة اللاجئين الفلسطينيين. بدأ هروب الفلسطينيين في بداية نوفمبر/تشرين الثاني 1947، حينما اندلعت أولى المناوشات بين الفلسطينيين والميلشيات اليهودية عبر البلاد. وقد بلغت ذروتها ما بين أبريل/نيسان ويوليو/تموز سنة 1948 (خاصة مابين الأسابيع التي سبقت إعلان دولة إسرائيل إلى الوقت الذي استسلمت فيه المدن الرئيسية الفلسطينية)، حين ذهب أكثر من 725,000 فلسطيني إلى المنفى أو أصبحوا مشردين داخلياً. وآخر من هاجر عام 1948 كان سكان مدينة مجدل (اليوم عسقلان)، الذين طردوا في بداية عام 1951. عام 1949 بلغ عدد   السكان العرب المتبقين في إسرائيل حوالي 150,000 مقابل 900,000 من اليهود.

منذ عام 1948، حاول كل من الفلسطينيين والإسرائيليين فرض رؤيتهم الخاصة. حيث زعمت أجيال متعاقبة من المسؤولين الإسرائيليين أن الفلسطينيين تركوا منازلهم إتباعا لأوامر قياداتهم، أو طواعية. ومن جهتهم، أكد الفلسطينيون أنه تم إجلاؤهم – أو ترحيلهم – من منازلهم بالقوة. وقد تصدى عدد من المؤرخين الإسرائيليين ‘الجدد’، منذ أواسط الثمانينيات حتى نهايتها، إلى الراوية الرسمية المتعلقة بالهجرة الطوعية، مستفيدين من وفرة الوثائق الخاصة والحكومية والمصنفة مسبقاً.

فبعضهم، بمن فيهم المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه Ilan Pappé أعطى، بل عزّز، المصداقية للرواية الفلسطينية، مسلطين الضوء على وجود ترحيل معد مسبقاً. وآخرون أكدوا على أن إجراءات الإجلاء والترحيل القسري كانت مجرد واحدة من سلسلة عوامل شملت الحرب النفسية والخوف من هجمات اليهود. وفي النهاية، كما قال أحد المؤيدين لوجهة نظر أحداث 1948-1949، بيني موريس Benny Morris، مؤرخ إسرائيلي آخر، يوماً ما إن “مشكلة اللاجئين الفلسطينيين كانت وليدة الحرب، وليست عمداً، من الجانب الإسرائيلي أو العربي”‘.

مهما يكن الأمر، فالقضية الأساسية ليست في ظروف الرحيل، وإنما في رفض إسرائيل السماح للاجئين بالعودة إلى منازلهم وفق أحكام القانون الدولي ذي الصلة. في الواقع، يتعين النظر في دور إسرائيل في خلق مشكلة اللجوء على ضوء الإجراءات التي تبنتها قيادتها مع مطلع عام 1948 لضمان استدامة مشروعها الصهيوني. وقد شملت تلك الإجراءات تدمير حوالي ثلثي أكثر من 500 قرية فلسطينية مهجورة وتبني مجموعة من القواعد القانونية الرامية إلى مصادرة أراضي الفلسطينيين.

ومن بينها نظام الطوارئ بشأن زراعة الأراضي المهجورة (يونيو/حزيران 1948)، وبشأن ممتلكات الغائبين (ديسمبر/كانون الأول 1948) المشمول لاحقاً في قانون أملاك الغائب ديسمبر/كانون الأول 1950، حيث تم بموجبه تأميم ممتلكات اللاجئين. في 1953، سمح قانون حيازة الأراضي بالمزيد من مصادرة الأراضي لأغراض عسكرية وأهداف استيطانية يهودية.

تتراوح تقديرات عدد “لاجئي 1948” من أقل من 520,000 (وفق التقديرات الإسرائيلية الرسمية الأولية) إلى أكثر من 850,000-900,000 (وفق مصادر فلسطينية أولية). لكن يتفق أغلب المراقبين اليوم على أن تقديرات بعثة الأمم المتحدة لإجراء المسح الاقتصادي (ESM) هي الأكثر دقة. وفق هذه البعثة، لم يتجاوز مجموع عدد اللاجئين في سبتمبر/أيلول 1949 774,000، إضافة إلى 48,000 من المهجرين في إسرائيل ذاتها: 17,000 من اليهود و 31,000 من ‘عرب فلسطين’. وباقي الـ 726,000 لاجئ استقروا في الضفة الغربية أو في الأراضي العربية المجاورة: في الضفة الغربية 280,000، في الأردن 70,000، في سوريا 75,000، في لبنان 100,000، في قطاع غزة 190,000، في مصر 7,000، في العراق 4,000، في إسرائيل 48,000 (مشردين داخلياً) (بعثة الأمم المتحدة لإجراء المسح الاقتصادي للشرق الأوسط، تشرين الثاني/نوفمبر 1949). ومن مجموع 774,000 لاجئ، يقدّر عدد الذين يعيلون أنفسهم بنحو 147,000، واضعاً 625,000 بحاجة للإغاثة.

وقد أصبحت هذه مهمة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، والتي أقامت 53 مخيماً للاجئين على جانبي نهر الأردن وفي قطاع غزة، وفي لبنان و سوريا. وتزود الأونروا اليوم 4,6 مليون لاجئ فلسطيني في المخيمات (من مجموع يقدر بـ 6,4 مليون) بالسكن والغذاء والرعاية الصحية والتعليم.

أمر واحد كان واضحاً: لم يعد المجتمع الفلسطيني في فلسطين يتواجد ككيان اجتماعي واقتصادي وسياسي. تعيش أحداث 1948-1949، مثل النكبة، في الذاكرة الجماعية لعرب فلسطين.

Advertisement
Fanack Water Palestine