في 20 ديسمبر 2019، قال أفيغدور ليبرمان من حزب إسرائيل بيتنا إن القيادة السياسية لإسرائيل أخطأت في عدم دعم “الشعب المخلص داخل المجتمع العربي.” بيد أن وزير الدفاع السابق لم يصل إلى حد تأييد الأحزاب الفلسطينية في البلاد.
وقال ليبرمان في مؤتمرٍ صحفي، “بدلاً من رعاية وتعزيز قوة الموالين، نحاول دوماً استرضاء أيمن عودة وأحمد الطيبي، اللذان يقودان بحزمٍ الأقلية العربية نحو مواجهةٍ مع الأغلبية اليهودية.”
فقد اجتمع كل من عودة والطيبي، اللذان يقودان الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) والحركة العربية للتغيير على التوالي، في عام 2015 لتشكيل القائمة المشتركة إلى جانب زملائهم من الأقلية العربية، التجمع الوطني الديمقراطي (بلد) والقائمة العربية الموحدة. يرأس أيمن عودة القائمة المشتركة.
تولى عودة، وهو محامٍ من مواليد حيفا تلقى تعليمه في أوروبا، قيادة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) في عام 2006. فقد كانت الجبهة، التي تشكلت من جذورٍ شيوعية في عام 1977، الحزب المفضل للناخبين الفلسطينيين، إذ تشدد على قضايا العدالة الاجتماعية وكون إسرائيل موطناً لكلٍ من اليهود والفلسطينيين. فالجبهة في حد ذاتها اندماجٌ لحركاتٍ سابقة بما في ذلك حزب قائمة الشيوعيين الجدد (راكح)، وهي قائمة شيوعية أخرى تشكلت في عام 1965، وكذلك الحزب الشيوعي الإسرائيلي القديم (ماكي) وحركة الفهود السود.
بينما شغل الطيبي، وهو عضو في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) منذ عام 1999، منصب نائب رئيس الكنيست بين عامي 2006 و2013. وقبل ذلك، كان مستشاراً لياسر عرفات بين عامي 1993 و1999. علاوةً على ذلك، شارك كمتحدث باسم الوفد الفلسطيني خلال المفاوضات التي أدت إلى مذكرة واي ريفر لعام 1998، وهي اتفاقية بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة لنقل الأراضي من إسرائيل إلى فلسطين.
قام الطيبي بسحب الحركة العربية للتغيير من القائمة المشتركة قُبيل انتخابات أبريل 2019، لعدم لرغبته في الإنضمام لأي ائتلافٍ سواء تم تشكيله من قبل حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو أحد أحزاب يسار الوسط.
كما كان من أشد المنتقدين للطريقة التي تتم بها معاملة الفلسطينيين في إسرائيل، لكنه نال الثناء من زملائه اليهود في عام 2010 بعد خطابٍ ألقاه في الكنيست في ذكرى الهولوكوست، فقد قال الوزير الحكومي آنذاك يوسي بيليد، وهو أحد الناجين من المحرقة ، “كأحد الناجين، أعترف بأنك لمست مشاعري.”
ويقود الحزبان الآخران في القائمة المشتركة كل من إمطانس شحادة (التجمع الوطني الديمقراطي) ومنصور عباس (القائمة العربية الموحدة). فقد خاضا معاً انتخابات مايو 2019 كجزءٍ من قائمة التجمع الوطني الديمقراطي- القائمة العربية الموحدة، إلا أنهما انضما إلى القائمة المشتركة في يونيو 2019، جنباً إلى جنب مع الحركة العربية للتغيير، قبل انتخابات سبتمبر 2019، وفازوا بـ 13 مقعداً.
من جهته، يعدّ حزب بلد، وهو اختصار عبري للتجمع الوطني الديمقراطي، حزباً يساري متطرف أنشئ في عام 1996. ومن بين مواقفه السياسية منح حق العودة لجميع الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
لطالما انتقد حزب بلد السياسات الإسرائيلية، كما يُشتبه أن اعتقال 20 عضواً من أعضاء الحزب عام 2016 كان له دوافع سياسية.
وفي نفس العام، مُنع اثنان من نواب حزب بلد من دخول الكنيست بسبب التقائهم بعائلات فلسطينيين توفوا بعد قتلهم ثلاثة مراهقين إسرائيليين. كانت إحداهنّ حنين الزعبي، النائبة في الكنيست، إلا أن المحكمة العليا ألغت محاولات إقصائها من الترشح في الانتخابات.
الزعبي، التي تعدّ أول نائبةٍ فلسطينية، تعرضت للرقابة عدة مراتٍ من قبل المشرعين الإسرائيليين، بما في ذلك لانضمامها إلى الأسطول الذي استهدف كسر الحصار البحري الإسرائيلي على غزة في عام 2010. وأعلنت في عام 2019 أنها لن تسعى لإعادة انتخابها.
أما القائمة العربية الموحدة فهو حزب إسلامي يرتبط بالجناح الجنوبي للحركة الإسلامية في إسرائيل، ويدافع عن الإسلام بين الفلسطينيين والشركس. هذا ويتمحور الخلاف بين الجناح الجنوبي ونظيره الشمالي حول المشاركة في الكنيست.
تركز القائمة العربية الموحدة بشكلٍ أساسي على القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على الفلسطينيين في إسرائيل، ولكن نظرته المحافظة وضعته على خلافٍ مع الأحزاب الفلسطينية الأخرى الأكثر ليبرالية.
ومن المفارقات أن القائمة المشتركة، التي ظهرت كصانع ملوكٍ محتمل في وقت سابق للكارثة المفاجئة للقيادة التي أبقت إسرائيل في حالة من الجمود السياسي منذ شهور، توحدت رداً على قانون جديد في عام 2014 يهدف إلى كبح المشاركة الفلسطينية في الكنيست من خلال رفع العتبة الانتخابية من 2% إلى 3,25%.
عززت القائمة منذ ذلك الحين صورة السياسيين الفلسطينيين وزادت من بصمتها في المجالات الدولية بالإضافة إلى أنها أصبحت ثالث أكبر فصيل في الكنيست.
فقد صادقت المجموعة الأولية من مبادىء القائمة التي صدرت في عام 2015 على حل الدولتين، بالرغم من كونه موقف لم يؤيده جميع الأطراف في القائمة. يدعم حزب بلد، على سبيل المثال، حل الدولتين فقط كنقطة منتصف الطريق لدولةٍ ديمقراطية واحدة.
وبحسب ما قاله عوفر زالزبرغ، من المجموعة الدولية للأزمات، وهي منظمة مستقلة لتحليل النزاعات، لنا في لفَنَك، “لأنهم عرب فحسب على عكس الأغلبية اليهودية لا يعني أنهم جميعاً متفقون، وهناك خلافات جذرية بينهم.”
فقد واجهت القائمة نزاعاتٍ داخلية حول كل شيء تقريباً من التناوب على المقاعد واللغة والتعاون مع اليسار الإسرائيلي، مما أسفر عن انقسام قبل انتخابات أبريل 2019. ولكن كقائمتين منفصلتين، فازوا بعشرة مقاعد فقط وفقدوا ثلاثة من المقاعد التي حصلوا عليها بعد انتخابات 2015.
أما نقاط التقاء الأحزاب فتتمثل في العديد من مواقف السياسة غير القابلة للنقاش والتي لا تحظى بشعبية على نطاقٍ واسع في الكنيست. ويشمل ذلك تجميد هدم المنازل في القرى الفلسطينية “غير المعترف بها،” والتصدي للعنف داخل المجتمعات الفلسطينية- الإسرائيلية وإلغاء قانون الدولة القومية الذي يعلن إسرائيل دولةً قومية للشعب اليهودي.
لهذا السبب، لا يتفق الجميع على أنه من الممكن تمثيل الفلسطينيين أو قضايا الفلسطينيين في إسرائيل على نحوٍ كاف في السياق السياسي الحالي. وهذا هو السبب أيضاً في أن القرار الأخير بتزكية بيني غانتس من حزب أزرق أبيض، وهو خيار أقل محافظة من نتنياهو، كرئيس وزراءٍ جديد، لم يحظى بحماسٍ كامل من قبل القائمة بالمجمل.
وعلى الرغم من الشكوك حول جدوى تمثيل قضايا الفلسطينيين في إسرائيل داخل أروقة الكنيست، أظهر استطلاع حديث أن 76% من الناخبين الفلسطينيين داخل إسرائيل يريدون أن يتم تمثيلهم في الحكومة.
يؤكد هذا على الهدف الشامل الآخر لاستراتيجية القائمة المشتركة، وهو دعوة المزيد من العرب للتصويت في وقت الانتخابات. إن مجرد وجود حزبٍ فلسطيني يعني ارتفاع نسبة المشاركة الفلسطينية في صناديق الاقتراع، مما يقلل من احتمالات تجاوز الأحزاب اليمينية العتبة الانتخابية المكونة من أربعة مقاعد.
كحركةٍ موحدة، أثبتت القائمة المشتركة نجاحها، حيث حصلت على المقاعد اللازمة للتمتع بتواجدٍ برلماني، بل ورفعت مكانتها كأحد صانعي الملوك عندما وصلت الحكومة إلى طريقٍ مسدود. وفي حال اختار الناخبون تمكين القائمة أكثر، لربما يسفر عن هذا تغييرٌ حقيقي.